مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“صيرفي عرفات” السويسري لم يُخطئ

المقر الرئيسي للمصرف الخاص السويسري "لومبارد أوديي داريي هينتش" في مدينة جنيف Keystone Archive

أكد مصرف سويسري مرور أموال فلسطينية في حساب تابع للسلطة الوطنية حتى عام 2001، لكنه نفى الاتهامات الرائجة حول احتمال استعمالها لتمويل "عمليات إرهابية".

ويأتي بيان مصرف لومبارد أوديي داريي هينتش الذي حصلت عليه سويس إنفو، مؤكدا أحيانا ونافيا أحيانا أخرى لمعلومات مطولة وردت في تحقيق نشرته الفايننشال تايمز.

أكد مصرف لومبارد أودييداريي هينتش، الذي يُوجد مقره في جنيف في بيان حصلت عليه سويس إنفو ما ورد في تحقيق نشرته جريدة الفاينانشل تايمز البريطانية يوم 8 فبراير الجاري، بخصوص احتضان البنك السويسري لحساب تابع للسلطة الوطنية الفلسطينية في الفترة الفاصلة ما بين عامي 1997 و 2001.

وسطاء إسرائيليون

وكانت الصحيفة قد أوردت استنادا إلى مصادر في صندوق النقد الدولي أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، “شرع ما بين عامي 1995 و 2000 في تحويل بعض الرسوم المفروضة على مواد مثل التبغ والمحروقات من الميزانية الرسمية إلى حسابات بنكية خارجية بلغت حوالي 900 مليون دولار”. ولكن نفس المصادر اعترفت بأن “حوالي 800 مليون أعيدت إلى خزينة السلطة الفلسطينية مع اعتبار البقية خسائر مترتبة عن عملية الاستثمار”.

لكن ما يثير الانتباه في رواية الفايننشال تايمز هو أن مبعوثي الزعيم الفلسطيني قد تمكنوا من الوصول إلى حسابات في بنك سويسري عبر وسيطين إسرائيليين. فقد أوردت الصحيفة البريطانية، بأن كلا من “يوسي جينوسار”، الضابط السابق في جهاز الأمن الإسرائيلي ” الشين بت”، والضابط الشاب السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلي “أوزراد ليف” هما اللذان مهدا الطريق للوصول إلى البنوك السويسرية.

هذه المعلومات أكدها مصرف لومبارد أوديي في بيانه الذي جاء فيه: “لقد اتصل بنا وسطاء إسرائيليون من بينهم اوزراد ليف الذي كان يتمتع بحق إدارة أموال لحساب السلطة الفلسطينية”. في المقابل أكد البنك أنه “التزم بكل المعايير الدولية المطبقة فيما يتعلق بالتحقق من مصدر الأموال واستعمالها المستقبلي”.

لا تلاعب ولا تمويل للإرهاب…

لقد استمرت إدارة مصرف “لومبارد أوديي داريي هينتش” السويسري، لأموال تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية ما بين عامي 1997 و 2001. وفي هذا السياق، تشير بعض المصادر الصحفية إلى أنها أكبر عملية إيداع تقوم بها السلطة الفلسطينية في الخارج بحيث شملت حوالي 230 مليون دولار.

وعن الأسباب التي أدت إلى إنهاء التعامل بين المصرف والسلطة الفلسطينية أو بالاحرى مع السيد ياسر عرفات ومحمد رشيد (الكردي الأصل وموضع ثقته المشرف على الاستثمارات الفلسطينية)، أشار مصرف لومبارد أوديي في بيانه إلى أن قرار البنك بإنهاء التعامل راجع إلى “تدهور الأوضاع السياسية في أعقاب بداية الانتفاضة في ديسمبر من عام 2001”.

لكن مصادر إعلامية (من بينها صحيفة الفاينانشيال تايمز)، أشارت إلى أن ذلك يعود إلى تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وإلى تخوف الزعيم الفلسطيني الراحل من الوقوع في فخ تجميد الحسابات الواقعة في الخارج.

أما عن اتهامات وسيط الأمس، الإسرائيلي أوزراد ليف، من أن “65 مليون دولار حولت من حساب السلطة الفلسطينية في مصرف لومبارد أوديي في اتجاه وجهة غير معروفة”، وتأويل صحيفة معاريف الإسرائيلية لذلك على أنه “لتمويل عمليات إرهابية”، أجاب بيان مصرف لومبارد أوديي بوضوح أنه “يرفض هذه المزاعم التي لا أساس لها رفضا قاطعا”، كما اعتبر المزاعم التي صدرت عن أوزراد ليف “خاطئة”.

… بل استثمار مربح

وقد حرص المصرف السويسري على التوضيح بأن “الـ 65 مليون دولار حُُـولت لتمويل فرع شركة اتصالات هامة هي أوراسكوم”، وهو نفس الشيء الذي أكده رجل ثقة الراحل عرفات في حديثه مع الفاينانشل تايمز حيث أوضح أن المبلغ المذكور “استثمر في فرع شركة أوراسكوم بالجزائر”.

وقد بلغ مجموع ما تم استثماره من أموال السلطة الفلسطينية في شركة أوراسكوم (التي كان كثيرون يتخوفون من مستقبلها المالي)، في كل من الجزائر والأردن وتونس حوالي 200 مليون دولار.

في المقابل، سمحت العملية بإنقاذ واحدة من أهم شركات الاتصالات في الشرق الأوسط وهو ما ساعد السلطة الوطنية الفلسطينية باسترجاع ضعف المبلغ المستثمر فيها أي حوالي 440 مليون دولار.

ملف لم يغلق بعد

لقد كان معلوما لكثيرين أن الزعيم الفلسطيني الراحل كان يفضل التصرف في حسابات بنكية وموارد مالية بعيدا عن رقابة أجهزة السلطة، من أجل استعمال عوائدها للتحكم في المنظمات والشخصيات المختلفة المحيطة به، لذلك يُتوقع أن لا تتوقف التحقيقات عند هذا الحد خصوصا في ظل تردد معلومات عن وجود حسابات بنكية أخرى في مصرفين على الأقل في جنيف.

يضاف إلى ذلك أن الضغوط الممارسة على القيادة الفلسطينية الجديدة من أجل إصلاحات فعلية لأجهزة السلطة الوطنية تتطلب توضيح هذا الملف بشكل نهائي وشفاف، وهو ما قد تقوم به القيادة الفلسطينية الجديدة في أعقاب الإنتهاء من الانتخابات التشريعية المقبلة.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية