مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“لا شك أن هنالك خطأ ما”

تلقت السفارة السويسرية في السودان تعليمات للقيام بأبحاث تهدف إلى شرح الفرق الشاسع بين الأرقام الواردة في تقرير معهد جنيف والأرقام الرسمية السويسرية Keystone

هكذا تُفسر كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية الأرقام الواردة في تقرير عُرض مؤخرا على الأمم المتحدة حول قيمة الصادرات السويسرية من الأسلحة الخفيفة للسودان.

تقرير معهد الدراسات الدولية العليا في جنيف تحدث عن 5,3 مليون فرنك في عام 2002، بينما تؤكد سويسرا أن قيمة صادراتها لم تتجاوز 4100 فرنك!

أثار “دليل الأسلحة الخفيفة لعام 2004” الذي أعده معهد الدراسات الدولية العليا في جنيف لحساب الأمم المتحدة مزيجا من الاستغراب والانزعاج في برن. فلدى عرض الجزء الخاص بالصادرات السويسرية من هذه الأسلحة باتجاه السودان الأسبوع الماضي أمام المنظمة الدولية، فوجئت كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية بأرقام تفوق إحصائياتها الرسمية بكثير.

التقرير الذي شاركت برن في تمويله أكد بأن سويسرا صدرت للسودان في عام 2002 أسلحة خفيفة بقيمة 5,3 مليون فرنك. وإذا ما تأكدت هذه المعطيات فسيعني ذلك أن سويسرا تحولت إلى أحد أكبر مزودي حكومة الخرطوم بالعتاد العسكري.

أسلحة “للحماية الشخصية”

لكن المسؤول عن مراقبة تصدير الأسلحة في كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية السيد أوثمار فايس أكد من ناحيته أن الإحصائيات الرسمية لكتابة الدولة لعام 2002 توضح أن الصادرات السويسرية من الأسلحة الخفيفة باتجاه السودان لم تتجاوز 4100 فرنك.

وأشار السيد فايس في هذا السياق إلى أن كافة الصادرات السويسرية من الأسلحة تخضع إلى نظام الرخص، مؤكدا أن السياسة التي تنتهجها سويسرا في هذا المجال بخصوص السودان تقتصر على تصدير أسلحة خفيفة موجهة فقط للحماية الشخصية للأفراد وبكميات ضعيفة جدا.

وأوضح المسؤول أنه لم تصدر أية رخصة بتصدير أسلحة للسودان بملايين الفرنكات مثلما ورد في التقرير الذي عرض يوم الأربعاء 30 يونيو الماضي في نيويورك.

السيد فايس حرص أيضا على التنويه بأن تقرير معهد الدراسات الدولية العليا بجنيف “يتضمن خطأ ما أو أنه تم تصدير أسلحة من دون ترخيص، وهو أمر أستبعده تماما”.

واستطرد السيد فايس قائلا: “لا نفهم لمَ لمْ يتصل بنا معدو الدراسة رغم الفرق الشاسع بين الأرقام”. وأكد المسؤول أن كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية تجري اتصالاتها مع مختلف الأشخاص الذين شاركوا في تحرير التقرير لتسليط كامل الضوء على محتوى الجزء الخاص بسويسرا.

السفير السويسري لدى السودان (المقيم في مصر) رايموند كونز أعرب بدوره عن دهشته من مضمون التقرير وعن عدم قدرته على تفسير الأرقام الواردة فيه. وقد تلقى السفير كونز تعليمات بالقيام بأبحاث مفصلة لمعرفة الفرق الكبير بين هذه الأرقام والإحصائيات الرسمية لكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية.

ويشار هنا إلى أن تقرير معهد الدراسات الدولية العليا في جنيف تحدث عن تصدير سويسرا أسلحة خفيفة للسودان، من مسدسات وبنادق هجومية وقاذفات صواريخ، دون تحديد الأطراف المتلقية لهذه الأسلحة.

خطأ سويسري أم سوداني؟

وفي ردود الفعل الأولية على الضجة التي أحدثها التقرير، أكدت مجموعة “مراقبة الأسلحة الخفيفة” في معهد الدراسات الدولية العليا في جنيف أن دراستها اعتمدت على أرقام الأمم المتحدة. وقالت تانيا إنوولوكي المسؤولة عن النشر “إننا لم نُجمع المعلومات الإحصائية بأنفسنا لدى السلطات السودانية”.

أما آنا كاكي، التي شاركت في تحرير التقرير، فلم تستبعد في تصريح لإذاعة سويسرا الروماندية حدوث أخطاء من جانب سلطات الخرطوم. فمن المُحتمل أن تكون الأرقام التي نشرها التقرير تتعلق بدولة أخرى أو بمنتجات أو سلع أخرى.

وفي انتظار توضيح المسألة، تجدر الإشارة في الأخير إلى أن نشر التقرير يأتي في الوقت الذي يتعرض فيه السودان إلى انتقادات دولية متزايدة بسبب الوضع في إقليم دارفور غربي البلاد.

وتقول الأمم المتحدة إن النزاعات المسلحة بين المتمردين والمليشيات الموالية للحكومة في المنطقة خلفت أكثر من 10 آلاف قتيل ونزوح أكثر من 100 ألف لاجئ إلى دولة تشاد المجاورة. أما الحرب الأهلية التي اندلعت جنوبي وغربي السودان منذ عام 1983 فخلفت حسب معطيات الأمم المتحدة أكثر من مليوني قتيل.

سويس انفو مع الوكالات

جاء التقرير المُفصل الصادر عن معهد الدراسات الدولية العليا في جنيف في 335 صفحة
عرض التقرير معلومات مفصلة عن “شحن أسلحة خفيفة لدول ارتكبت فيها انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان”
استخلص التقرير أن سويسرا صدرت ما بين عامي 2000 و2002 أسلحة للسودان، وأيضا لأندونيسيا وباكستان ويوغوسلافيا
فيما يؤكد التقرير أن سويسرا صدرت للسودان في عام 2002 أسلحة خفيفة بقيمة 5,3 مليون فرنك، تقول الأرقام الرسمية لكتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية أن قيمة الصادرات السويسرية من الأسلحة باتجاه السودان لم تتجاوز 4100 فرنك.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية