مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“أمريكا جورج بوش” .. لا تعجبهم!

Keystone

كشف أحدث استطلاع للآراء أن أغلبية من السويسريين تعارض بشدة توجهات السياسة الخارجية الحالية للولايات المتحدة.

ومن المثير أن تكون الهيمنة الأمريكية شبه المطلقة على العالم وشخصية جورج بوش “غير المُطمـئـنـة” أهم أسباب عداء شعبي غير مسبوق لواشنطن.

في خضم “الإحتفال الإعلامي” بالذكرى الأولى لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن، تعددت أساليب وسائل الإعلام السويسرية في متابعة الحدث من خلال صور وقصص وأشرطة وثائقية ومراجعات فكرية وسياسية إلا أن أسبوعية “ديمانش” الناطقة بالفرنسية اختارت استطلاع توجهات الرأي العام.

ففي سبر للآراء تضمن اثني عشر سؤالا حول رؤية السويسريين للقوة العظمى الوحيدة في العالم والموقف من الرئيس الأمريكي ومن أهم ملفات السياسة الخارجية، اتضح أن تحولا ملموسا طرأ على موقف نسبة كبيرة من السويسريين تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.

ويبدو أن التفرد الأمريكي بالهيمنة على العالم أصبح مدعاة لانشغال 71% من السويسريين (22% قالوا إنهم منشغلون جدا مقابل 49% صرحوا بأن الأمر مثير للكثير من الإنشغال). بل إن التضامن التلقائي الذي شهدته سويسرا إثر عمليات الحادي عشر من سبتمبر من العام الماضي، التي راح ضحيتها مئات الأشخاص، لم يشمل في الواقع أكثر من 31% من السكان حسب نتائج سبر الآراء.

ظواهر جديدة

وعلى الرغم من أن الأرقام والإحصائيات ونتائج الإستطلاعات عموما “حمّالة أوجه” مثلما يقال، إلا أن الكيفية التي أجابت بها الشريحة (الممثلة لسكان الكونفدرالية) عن بقية أسئلة الإستطلاع تؤكد أن “شيئا ما” تغيّـر في رؤية السويسريين للولايات المتحدة ولكيفية تعاملها مع باقي العالم.

فقد اعتبر 66% من المستجوبين أن حصيلة الهجوم الأمريكي على أفغانستان سلبية عموما (سلبية جدا لـ 18% أو سلبية إلى حد بعيد لـ 48%) فيما أعرب 70% منهم عن معارضتهم لما تفكر فيه واشنطن من غزو للعراق (37% رفضوا ذلك بشدة أما 33% فقالوا إنهم يعارضون مثل هذه الخطط إلى حد كبير).

أما التأييد الأمريكي المطلق لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئييل شارون تجاه الفلسطينيين فقد اعتبره 72% من السويسريين خطأ (تاما بالنسبة لـ 24% وخطأ إلى حد بعيد بالنسبة لـ 38%) وهو ما يؤكد الإمتعاض المتنامي في أوساط عريضة من الرأي العام السويسري من الكيفية التي تدير بها الإدارة الأمريكية الحالية سياستها الخارجية.

وفي محاولة لتفسير هذا الإنقلاب غير المسبوق في الموقف من الولايات المتحدة (التي كانت حليفا صلبا للكونفدرالية طيلة الحرب الباردة)، يذهب البعض إلى القول بأن العديد من السويسريين لم “يغفروا” للولايات المتحدة الأسلوب الفجّ الذي تعاملت به مع بلادهم إبان ما عرف في النصف الثاني من التسعينيات بأزمة ودائع اليهود في البنوك السويسرية.

محاولة للفهم

لكن التأمّل في نتائج الإستطلاع وفيما نشرته أو بثته وسائل الإعلام السويسرية خلال الأسابيع الماضية، يدفع للقول بأن تزايد شعور سكان الكونفدرالية بمخاطر هيمنة قوة عظمى وحيدة على مآل الإستقرار في العالم (قال 62% من المستجوبين أنهم يشعرون أن العالم أصبح أقل استقرارا اليوم عما كان عليه قبل 11 سبتمبر 2001) وعدم الرضى المتنامي عن أداء الرئيس الأمريكي الحالي قد يكون دافعا – غير متوقع – باتجاه الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي.

ففيما اعتبر 48% من المستجوبين أن أوروبا تظل مستقرة بوجه الولايات المتحدة، ذهب 23% منهم إلى التأكيد بأن موقفها “يتعزز” تجاه واشنطن. فهل ستتحول أوروبا إلى ملاذ جديد يتّجه صوبه السويسريون للإحتماء به مما أصبحوا يرون فيه الآن “بعبعا” مثيرا للخوف؟

قد يكون من السابق لأوانه الخروج بمثل هذا الإستنتاج. لكن نتائج سبر الآراء كشفت عن تأييد أكثر من نصف المستجوبين لانضمام سويسرا إلى الإتحاد الأوروبي في ظرف زمني لا يزيد عن عشرة أعوام ( مع ملاحظة أن 30% مؤيدون للإلتحاق بالإتحاد في أقل من خمسة أعوام) وهو ما يمكن اعتباره “نصف مفاجأة” نظرا للتوجس الشعبي التقليدي من بروكسيل.

التوجه صوب .. بروكسيل؟؟

ولعل نصف المفاجأة الآخر يتمثل في بروز ما يشبه “الإقتناع الواسع” بأن أفضل السبل للتصدي للهيمنة الأمريكية المطلقة على العالم سيكون الإلتحاق بالإتحاد الأوروبي ولو بعد حين!

بعد عام واحد من هجمات الحادي عشر من سبتمبر المروّعة، تراجع تعاطف السويسريين مع الولايات المتحدة وازدادت مخاوفهم من سياسة الرئيس جورج بوش ومن هيمنة واشنطن غير المحدودة على السياسة الدولية وبدؤوا في التفكير جديا في الإلتحاق بالإتحاد الأوروبي: هذا ما تقوله الأرقام المنشورة يوم الأحد الماضي ضمن نتائج سبر الآراء.

وفيما سارع البعض باعتبارها “انعطافة جذرية” في مواقف الرأي العام السويسري آكتفى محللون بالقول إنها مجرد “سحابة صيف عابرة” نجمت عن تجمّع بعض العوامل في وقت قصير مثل رفض الرئيس بوش التوقيع على معاهدة كيوتو أو المصادقة على معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.

وفي انتظار أن تجيب الأيام القادمة عن حقيقة الموقف الشعبي من الولايات المتحدة يمكن القول من الآن أن العديد من الأطراف النشيطة على الساحة السياسية والمدنية السويسرية لن تتوانى عن محاولة استغلال الظاهرة والإستفادة منها بشكل أو بآخر..

سويس إنفو

أُجري الإستطلاع ما بين 27 و29 أغسطس من طرف معهد MIS Trend الموجود في لوزان

شمل سبر الآراء ست مائة شخص تتراوح أعمارهم ما بين 18 و74 عاما

نصف المستجوبين من المتحدثين بالفرنسية والنصف الثاني من الناطقين بالألمانية

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية