مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 الجولة الحاسمة؟

هل سيكون لقاء كوفي انان وناجي صبري في فيينا مصيريا في تسوية الخلافات العالقة بين العراق والامم المتحدة؟ Keystone

بدأ العراق والامم المتحدة يوم الاربعاء، جولة جديدة من المباحثات، اجمع المراقبون على وصفها بالحاسمة. وما يعزز هذا الاعتقاد، تمسك الطرفين بموقفه ورؤيته لما يجب ان تكون عليه المباحثات والنتائج المنتظرة منها.

ترى بغداد، وعلى لسان كبار مسؤوليها في المباحثات مع الامم المتحدة فرصة للحوار الشامل والمنصف الذي يقضي الى تلبية شواغلها، خاصة تلك المتعلقة برفع الحصار ووقف الغارات الامريكية والبريطانية على شمال وجنوب العراق.

كما يركز العراق على ضرورة خروج منظمة الامم المتحدة من دائرة التأثير الامريكي الذي يصر على عودة مفتشي الاسلحة الدوليين الى العراق، دون النظر الى بقية عناصر الملف العراقي، الذي تعتبره بغداد وحدة كاملة لا تقبل القسمة.

وفي المقابل، فإن الامين العام للامم المتحدة، واستنادا الى تصريحاته، يرى في عودة المفتشين الى العراق مقدمة ضرورية لأي حل منتظر، داعيا في الوقت نفسه الى ان تكون جولة الحوار هذه حاسمة ولا تستغرق وقتا طويلا.

وإزاء هذا التباين في الموقفين، يبقى الانتظار والترقب سيدا الموقف، خصوصا وان بغداد تريد للحوار ان يكون مدخلا حقيقيا لحل جميع القضايا والخلافات مع مجلس الامن، والتي ظلِّت دون حل منذ اكثر من عقد من الزمن، بعيدا عن الضغوط الامريكية التي تعتقد انها تمارس على كوفي انان والامم المتحدة، لتجعل من الحوار مقتصرا على بحث قضية واحدة هي استئناف اعمال التفتيش عن الاسلحة المحظورة في العراق، وتقفز على شواغل العراق الأخرى ومنها اخلاء الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل، وهو ما تنطق به الفقرة 14 من القرار 687 الذي نظَّم وقف اطلاق النار في حرب الخليج الثانية.

 موقف ثابت وتعاطي ايجابي

يسود الاعتقاد في بغداد، ان الوفد العراقي الذي يرأسه وزير الخارجية الدكتور ناجي صبري، يحمل تفويضا من القيادة العراقية، يستند الى ثوابت الموقف العراقي. كما انه مخول بالتعاطي الايجابي مع الامين العام وصولا لإيجاد مخرج للملف العراقي يؤدي الى رؤية الضوء في نهاية النفق.

ولعل تشكيلة الوفد العراقي التي تضم خبراء قانونيون ومتخصصين في قضايا نزع السلاح وممثلين عن دائرة الرقابة الوطنية التي عملت سبع سنوات ونصف بالاشتراك مع اللجنة الخاصة على نزع وتدمير الاسلحة المحظورة، تعكس رغبة بغداد في مناقشة كل اوجه الخلاف مع مجلس الامن. كما ان تصريحات وزير الخارجية العراقي قبل مغادرته الى فيينا، والتي اكد فيها ترابط تلك القضايا بما يستحيل فصلها عن بعض، تؤكد ذلك .

ويعتقد المراقبون ان بغداد ستتعاطى مع قضية التفتيش بنحو ايجابي وعلى اساس ما تحقق في القضايا الاخرى، وهذا يعني ان بغداد ستسعى الى إسقاط الذرائع الامريكية بشأن امتلاك اسلحة دمار شامل، وان يتم الحل على اساس الصفقة الشاملة.

على أية حال، فإن الحديث عن نتائج حاسمة بين العراق والامم المتحدة في احدث جولة من الحوار بينهما، سابق لأوانه، ليس لأن الهوة بين موقفيهما شاسعة فحسب وتحتاج لتجسيرها جهودا عربية ودولية وروسية على وجه الخصوص لإنضاج ما ينشده المنصفون من حل، بل لأن الرياح الأمريكية يمكن ان تعصف بالملف العراقي بعيدا، لاسيما على ضوء ما يروج بشان قرب عمل عسكري امريكي ضد العراق.

فالموقف الامريكي يتصاعد ويأخذ اتجاهات جديدة تهدف الى خلط الاوراق وتحريف الحوار بين بغداد والامم المتحدة عن مساره. ومن المفيد في هذا الصدد التنويه الى ان الاشارات القادمة من واشنطن، والتي تتحدث عن ضربة عسكرية للعراق حتى في حال قبوله استئناف التفتيش، تعني ان التيار المتشدد في الادارة الامريكية لا يعول على نتائج الحوار كثيرا، بل انه لا يعتمد الحوار اسلوبا للحل اصلا.

واذا كانت بغداد ترى في الحوار فرصة مناسبة لايجاد التسوية المنشودة، فهي في ذات الوقت لم تسقط من حساباتها احتمالات المواجهة مع الولايات المتحدة، حيث تشير الدلائل على ان العراق تحسب لهذه المواجهة على جميع الأصعدة من خلال عمليات الحشد الشعبي والعسكري في جميع الميادين لمواجهة أي احتمال قد يظهر في الميدان.

مصطفى كامل – بغداد

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية