مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 وهذه لجنة أخرى لتقصي الحقائق..

رئيس لجنة تقصي الحقائق في جنين مارتي أهتيساري إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أثناء إعلانه عن تشكيلة اللجنة يوم الإثنين في نيويورك Keystone

تمكّنت إسرائيل من الحصول على تأجيل لموعد انطلاق لجنة تقصي الحقائق فيما حدث في مخيم جنين كما ينتظر أن تنجح في "إضافة عدد من المستشارين" إليها، طبقا لما صرح به متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان مساء الثلاثاء.

هذا التطور جاء في أعقاب ترحيب الفلسطينيين بالإعلان عن تركيبة اللجنة والإعراب عن الإستعداد الكامل للتعاون معه وفي نفس الوقت الذي أصدر فيه مجلس الأمن الدولي نداء إلى إسرائيل يدعوها فيه إلى عدم إلحاق أي أذى بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات و”بتمكينه من حرية التنقل بما يسمح له بتحمل مسؤولياته كاملة” حسب نص البيان الذي آعتمد ليل الثلاثاء في نيويورك.

وكان كوفي أنان قد أعلن بعد مرور ثلاثة أيام فقط على صدور قرار مجلس الأمن الدولي بإنشاء لجنة تتولى “تحديد ما حدث في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين” أثناء الغزو الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الأسابيع الماضية، عن أسماء أعضائها ومستشاريها.

الرئيس السابق الفنلندي مارتي أهتيساري سيقود الفريق المكون من اليابانية صاداكو أوغاتا المفوضة السامية لشؤون اللاجئين السابقة ومن السويسري كورناليو سوماروغا الرئيس السابق للجنة الدولية للصليب الأحمر. من جهة ثانية ستعتمد اللجنة على مستشار عسكري في شخص الجنرال الأمريكي المتقاعد ويليام ناش وآخر أمني هو الإيرلندي بيتر فيتزغيرالد.

للوهلة الأولى يبدو الفريق الذي شكله كوفي أنان متوازنا وكفئا للقيام بمهمة دقيقة في منطقة متفجرة وسط ترحيب فلسطيني واستياء إسرائيلي من عدم التشاور المسبق حول أسماء أعضائها. ففي الندوة الصحفية التي عقدها في نيويورك، برّر الأمين العام للأمم المتحدة اختياره لأعضاء اللجنة بتوفر شروط الخبرة الواسعة والإستقلالية والإحترام الدولي لأشخاصهم.

خبرة دولية وإنسانية واسعة

فرئيس اللجنة الذي سيبلغ الخامسة والستين من العمر في شهر يونيو – حزيران المقبل، دبلوماسي “معتّق” بدأ مسيرته موظفا بسيطا في وزارة الخارجية الفنلندية ثم سفيرا لبلاده في تنزانيا، ثم مفوضا ساميا للأمم المتحدة في ناميبيا (من عام 1977 إلى عام 1981) ومشرفا على مهمة حفظ السلام في نفس البلد من عام 89 إلى عام 90 وهي مهمة توجت بمفاوضات أشرف عليها بنفسه وأدت إلى إعلان استقلال ناميبا في عام تسعين.

وبعد أن ساهم في المفاوضات التي أدت إلى إبرام اتفاقية السلام بين الاتحاد اليوغوسلافي وإقليم كوسوفو في عام تسعة وتسعين، ترأس بلاده فنلندا من شهر مارس – آذار 94 إلى شهر فبراير – شباط الفين، لكنه استمر في تحمل مسؤوليات ديبلوماسية دولية من خلال إشرافه على مراقبة عمليات نزع أسلحة الجيش الجمهوري الإيرلندي.

أما السيدة صاداكو أوغاتا، المشرفة حاليا على المساعدات اليابانية الموجهة لأفغانستان، فقد مثلت بلادها في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من عام اثنين وثمانين إلى عام خمسة وثمانين ثم تحملت طيلة عشرة أعوام (من أول 1991 إلى موفى 2000) منصب المفوضة السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة في جنيف التي تحتضن أيضا مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي ترأسها السيد كورناليو سوماروغا العضو الثالث في اللجنة من عام 1987 إلى عام 1999.

الملفت في تشكيل اللجنة هو أن غالبية أعضاءها ومستشاريها قد ارتبطوا بشكل أو بآخر مع ملفات البلقان الساخنة. فرئيسها كان مشاركا في مفاوضات السلام الدولية حول البوسنة، أما الجنرال الأمريكي المتقاعد ويليام ناش الذي عمل مستشارا للحرس الوطني السعودي سابقا فقد تحمل مسؤولية قيادة القوات الأمريكية في البوسنة في منتصف التسعينات قبل أن يعمل مسؤولا عن الإدارة الإقليمية للأمم المتحدة في إقليم كوسوفو.

في المقابل يشغل بيتر فيتزغيرالد المستشار الأمني للجنة حاليا منصب المتصرف المدني لمدينة ميتروفيتشا التي يقطنها سكان ألبان وصرب في إقليم كوسوفو وتقلد في السابق منصب قائد قوة الشرطة المدنية التابعة للأمم المتحدة في البوسنة.

مجال التحرك.. محدّد!

وفيما لا يشكك أحد في النزاهة والخبرة الواسعة التي يتوفر عليها أعضاء اللجنة، لا يتوقع أن تكون مهمة “تقصي الحقائق حول ما جرى في مخيم جنين” اثناء ثلاثة أسابيع من العمليات العسكرية الدامية، مهمة سهلة أو ميسرة في ظل الحدود الصارمة المرسومة لعمل اللجنة منذ لحظة ميلادها.

فالولايات المتحدة قالت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها إن دعمها للجنة مشروط بأن ترفع تقريرها مباشرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وألا تتصرف وفق أي انتداب من مجلس الأمن. واضاف ريتشارد بوشر: إننا ننتظر من هذا الفريق أن يقوم بـ “تقييم شامل وموضوعي للوقائع”.

أما إسرائيل فقد عبرت في اتصال هاتفي أجراه وزير الدفاع بنيامين بن أليعازر مع كوفي أنان بعد ظهر يوم الإثنين عن “استيائها” من عدم استشارتها في اختيار أعضاء اللجنة وطالبت بضم الجنرال الأمريكي المتقاعد ويليام ناش إلى اللجنة وعدم الإقتصار على تعيينه مستشارا عسكريا لها. وحذر بن أليعازر في بيان وزع على الصحافة من توسيع مهام لجنة تقصي المعلومات إلى خارج جنين.

وفي انتظار أن تصل اللجنة إلى الضفة الغربية موفى الأسبوع الجاري لتبدأ أعمالها التي يتوقع أن تستمر عشرة أيام فحسب، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في تصريحات نقلت عنها أدلى بها أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع التابعة للكنيست الإسرائيلي عن “انشغاله بالنتائج التي قد تتوصل إليها اللجنة” على الرغم من أن اللجنة لن ترفع تقريرها النهائي إلى مجلس الأمن الدولي ولكن إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان.

يذكر أن تشكيل لجنة تقصي الحقائق جاء بعد مفاوضات مضنية بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي موفى الأسبوع الماضي تواصلت أكثر من ستة وثلاثين ساعة من أجل تجنب لجوء الولايات المتحدة إلى استعمال حق النقض ضد طلب تقدمت به المجموعة العربية يدعو لتشكيل لجنة تحقيق دولية في المجازر التي يتهم الفلسطينيون القوات الإسرائيلية بارتكابها في مخيم جنين. وقد تم التوصل إلى “حل وسط” يستبعد أي تحقيق في ما حدث ويكتفي بإرسال لجنة لـ ” تقصي الحقائق” تقدم تقريرا إلى كوفي أنان.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية