The Swiss voice in the world since 1935

السلطات السورية تعلن نشر قواتها قرب دمشق بعد اشتباكات دامية مع مسلحين دروز

afp_tickers

أعلنت السلطات السورية الأربعاء نشر قواتها في بلدة صحنايا قرب دمشق لضمان “فرض الأمن”، متعهدة “حماية” جميع المكونات بمن فيهم الدروز، بعيد اشتباكات على خلفية طائفية أسفرت عن مقتل نحو أربعين شخصا خلال يومين، تدخلت فيها إسرائيل بضربات جوية.

وندّد موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن بأعمال العنف “غير المقبولة”، مطالبا بوقف الضربات الاسرائيلية.

وجاء التصعيد حيال الدروز بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها إدارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة حكم الرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر.

وعقب انتشار تسجيل صوتي نُسب الى شخص درزي يتضمن إساءات الى النبي محمد، تعذر على وكالة فرانس برس التحقق من صحته، اندلعت اشتباكات ليل الاثنين الثلاثاء في مدينة جرمانا التي يقطنها دروز ومسيحيون، أسفرت عن مقتل 17 شخصا. وامتدت ليل الثلاثاء الأربعاء الى منطقة صحنايا التي يقطنها كذلك دروز ومسيحيون، وأسفرت عن مقتل 22 شخصا.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” عن “غارات للاحتلال الإسرائيلي على محيط منطقة أشرفية صحنايا”، بعيد إعلان الجيش الإسرائيلي أن رئيس أركانه إيال زامير أمر “بالاستعداد لشن ضربات ضد أهداف تابعة للحكومة السورية في حال استمر العنف ضد المجتمعات الدرزية”.

وفي وقت سابق الأربعاء، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الجيش “نفّذ عملية تحذيرية واستهدف مجموعة متطرفة كانت تستعد لشن هجوم على السكان الدروز في بلدة صحنايا”، مؤكدا “نقل رسالة حازمة إلى النظام السوري، إسرائيل تتوقع منهم التحرك لمنع الإضرار بالطائفة الدرزية”.

وأفاد محافظ ريف دمشق عامر الشيخ ليل الأربعاء أن غارة إسرائيلية استهدفت “إحدى دوريات الأمن مما أدى لمقتل أحد عناصر الدورية وأحد أهالي بلدة أشرفية صحنايا” وجرح آخرين.

واتهمت السلطات “مجموعات خارجة عن القانون” بالوقوف خلف الاشتباكات في صحنايا بعدما هاجمت قوات الأمن. 

وأكد الشيخ ليل الأربعاء أن السلطات تمكنت من “تحييد” هذه المجموعات “وتوقيف غالب عناصرها ومصادرة أسلحتها وفرض الامن على كامل” البلدة.

وشاهد مصور لفرانس برس في وقت سابق الأربعاء، انتشارا لقوات الأمن السورية في صحنايا وبدء عملية تمشيط لأحيائها.

وعقد رجال دين وفاعليات من السويداء، معقل الأقلية الدرزية جنوبا، اجتماعا في ريف دمشق مساء الأربعاء مع مسؤولين حكوميين، في إطار مساعي التهدئة، وفق ما أبلغ أحد المشاركين الدروز فرانس برس. 

وأكدت السلطات في بيان ليل الأربعاء “التزامها الراسخ بحماية جميع مكونات الشعب السوري بدون استثناء، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية الكريمة التي كانت ولا تزال جزءا أصيلا من النسيج الوطني السوري”.

وأبدت في الوقت نفسه “رفضها القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية”، من دون أن تحدد الجهة المقصودة. 

– التنبه من “الفتنة” –

وأوقعت الاشتباكات 16 قتيلا في صفوف جهاز الأمن العام، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية السورية.

وقال مدير مديرية الأمن في ريف دمشق المقدم حسام الطحان إن هجمات المجموعات “الخارجة عن القانون” أسفرت على “نقاط وحواجز أمنية على أطراف” صحنايا أدت إلى “استشهاد 11 عنصرا من قوات إدارة الأمن العام”.

كما قتل خمسة عناصر إضافيين في هجوم آخر على نقطة أمنية، وفق الطحان.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته مقتل ستة من المسلحين المحليين الدروز في صحنايا.

وبحسب المرصد، بدأت الاشتباكات ليلا بين مسلحين مرتبطين بالسلطة وآخرين دروز من المنطقة، استخدمت خلالها “الأسلحة الخفيفة والمتوسطة”.

قال سامر رفاعة وهو أحد الناشطين في صحنايا لفرانس برس صباحا بينما دوي القصف حوله يسمع بوضوح عبر الهاتف “السلطات غائبة، لا أعرف أين السلطات، نناشدها أن تقوم بدورها”.

ودعا المفتي العام أسامة الرفاعي السوريين الى التنبه من “الفتنة” والابتعاد عن “الثأر والانتقام”.

ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تمكن الدروز الى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالا السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.

يتوزع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، حيث يشكلون ثلاثة في المئة من السوريين وتعد محافظة السويداء جنوبا معقلهم.

ورأى الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط عقب اجتماع لرجال دين وشخصيات من الطائفة، أن إسرائيل تريد جرّ دروز سوريا الى “حرب لن تنتهي”.

وأعلن الجيش الاسرائيلي أنه قام الأربعاء بإجلاء ثلاثة مصابين من السوريين الدروز من سوريا لتلقي العلاج الطبي في الدولة العبرية.

وسبق للأخيرة التي تسهل زيارات دينية لمشايخ دروز سوريين الى أراضيها في الفترة الأخيرة، أن هددت بالتدخل لحماية الطائفة إثر مواجهات محدودة شهدتها جرمانا مطلع آذار/مارس.

ويشرح المحلّل مايكل هورويتز أن اسرائيل من خلال تبني دور “الراعي” للمجتمع الدرزي، تسعى “إلى تحقيق هدفين متوازيين: كسب حلفاء محليين، لا سيّما في جنوب سوريا، وتعزيز موقعها في معادلة إقليمية ما زال مستقبل سوريا فيها معلّقا وغامضا”. 

وشنّت إسرائيل منذ إطاحة الأسد، مئات الضربات ضد الترسانة العسكرية السورية ونفذت عمليات توغل في جنوب البلاد. ودعت السلطة الانتقالية مرارا المجتمع الدولي للضغط على الدولة العبرية للانسحاب ووقف استهدافاتها.

وجاء التصعيد في صحنايا غداة اشتباكات مماثلة في منطقة جرمانا. وتوصل ممثلون للحكومة السورية ودروز المدينة ليل الثلاثاء الى اتفاق لاحتواء التصعيد. 

وإثر إطاحة الاسد الذي قدّم نفسه حاميا للأقليات في سوريا، لم تتوصل الفصائل الدرزية المسلحة التي لا تنضوي تحت مظلة واحدة، الى اتفاق كامل مع السلطات الجديدة. لكن مئات المقاتلين من فصيلين رئيسيين انضووا في صفوف الأمن العام ووزارة الدفاع.

ويعد بسط الأمن على كامل سوريا من أبرز التحديات التي يواجهها الشرع، مع وجود مناطق لا تزال عمليا خارج سيطرته، على غرار مناطق سيطرة المقاتلين الاكراد (شمال شرق)، رغم توقيع اتفاق ثنائي معهم.

وتعهدت السلطات الجديدة حماية الطوائف كافة وسط مخاوف لدى الأقليات، في وقت يحثّ المجتمع الدولي على إشراك جميع المكونات في المرحلة الانتقالية.

لار-لو-كام/ود

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية