مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إجلاء أول دفعة من المقاتلين من معقلهم الأخير في الغوطة الشرقية

مدنيون ومسلحون يصلون الى قلعة المضيق على بعد نحو 45 كلم شمال غرب مدينة حماة في 2 نيسان/ابريل 2018 بعد خروجهم من دوما في الغوطة الشرقية afp_tickers

غادر مقاتلون ينتمون إلى فصيل جيش الإسلام ومدنيون مساء الإثنين مدينة دوما باتجاه شمال البلاد في عملية إجلاء من آخر جيب للفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، ما يمهد الطريق أمام الجيش السوري لاستعادة المنطقة بالكامل.

ولم يصدر جيش الاسلام حتى اللحظة أي تعليق حول اتفاق الاجلاء من مدينة دوما الى شمال سوريا، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن خلافات داخل الفصيل المعارض بين موافقين على الاتفاق وقياديين متشددين معارضين له.

وبعد هجوم عنيف استمر نحو خمسة أسابيع وتسبب بمقتل أكثر من 1600 مدني، وافق فصيلا حركة أحرار الشام وفيلق الرحمن على اجلاء مقاتليهما بموجب اتفاق مع روسيا. وجرى خلال 11 يوماً اجلاء أكثر من 46 ألف شخص من مقاتلين ومدنيين الى شمال غرب سوريا.

وبدأت عملية الإجلاء من دوما ظهر الاثنين بدخول الحافلات إلى المدينة قبل أن تتوجه تباعاً محملة بالمقاتلين والمدنيين إلى نقطة تجمع قريبة تنتظر فيها اكتمال القافلة قبل منحها الضوء الأخضر للانطلاق.

وبعد انتظار لساعات، أوردت وكالة الأنباء السورية (سانا) مساء الاثنين “خروج 1146 إرهابياً من جيش الإسلام وعائلاتهم من دوما إلى جرابلس” التي تسيطر عليها فصائل سورية موالية لأنقرة في ريف حلب الشمالي الشرقي.

ولم تكن تغطية عمليات الاجلاء متاحة للصحافيين من الجهتين، واقتصرت التغطية من الجانب الحكومي على الاعلام السوري الرسمي.

وتأتي عملية الإجلاء بموجب اتفاق أعلنته روسيا مساء الأحد، وذلك بعد نشر وسائل الاعلام السورية معلومات عن تفاصيل الاتفاق، الذي ينص على “خروج الارهابيين من دوما.. وتسوية أوضاع المتبقين” على أن تجري “عودة جميع مؤسسات الدولة وتسليم الارهابيين أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للدولة”.

وكانت قوات النظام عززت انتشارها في محيط دوما خلال الأيام الأخيرة بالتزامن مع المفاوضات تمهيداً لعمل عسكري في حال لم يتم التوصل الى اتفاق مع فصيل جيش الإسلام.

– لا تعليق –

ومنذ اعلان التوصل الى اتفاق، لم يصدر جيش الاسلام أي بيان رسمي فيما يمتنع قياديون فيه عن التعليق على الموضوع، بعدما كانوا قد كرروا خلال الأيام الأخيرة تمسكهم خلال المفاوضات مع روسيا برفض أي اتفاق يتضمن “تهجيرهم” من دوما، معقلهم في الغوطة الشرقية.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس “هناك محاولات لاقناع الجناح المتشدد في جيش الاسلام بعدم اعاقة تنفيذ الاتفاق”.

وتعرض جيش الإسلام لضغوط داخلية من سكان دوما الذين طالبوا باتفاق يحمي المدينة من أي عمل عسكري.

ونشر جيش الاسلام الأحد على قناته على موقع يوتيوب شريط فيديو لقائده العام عصام البويضاني وهو يتحدث داخل مسجد في دوما، من دون تحديد تاريخ التصوير.

ويخاطب البويضاني الحاضرين بالقول “في أي لحظة قد تفتح المعركة وتًفرض علينا معركة (..) نحن باقون في هذه البلاد ولن نخرج منها. من يريد أن يخرج فليخرج لكن لا يشوش علينا”.

وحذر من “الشائعات” عن خروج مقاتلي جيش الاسلام الذي يقدر المرصد السوري عديدهم بعشرة آلاف.

وإثر هجوم جوي عنيف بدأته في 18 شباط/فبراير ترافق لاحقاً مع عملية برية، ضيّقت القوات الحكومية تدريجا الخناق على الفصائل المعارضة، وقسّمت الغوطة إلى ثلاثة جيوب. وبعدما ازداد الضغط عليها، دخلت كل من الفصائل منفردة في مفاوضات مباشرة مع موسكو، انتهت باجلاء مقاتليها من جيبي حرستا وجنوب الغوطة.

وبات الجيش السوري يسيطر على 95 في المئة من مساحة الغوطة الشرقية.

وغادرت الأحد قافلة تنقل 1146 شخصاً من دوما الى ادلب وفق التلفزيون السوري. وضمت القافلة بحسب المرصد، مدنيين جرحى اضافة الى مقاتلين سابقين في فيلق الرحمن وأسرهم.

ووصلت القافلة في وقت مبكر من صباح الاثنين الى ريف حماة الشمالي، وفق ما افاد مراسل لفرانس برس.

– “خالية من الارهاب” –

وشهدت دوما التي يقيم فيها عشرات الآلاف تدفق نازحين منها بشكل يومي خلال الاسبوعين الاخيرين إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية التي تنقلهم الى مراكز ايواء في ريف دمشق.

وأوردت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطات في عددها الاثنين “اقتربت مدينة دوما من الالتحاق بنظيراتها من قرى وبلدات الغوطة التي استعادها الجيش، وباتت تفصلها ساعات قليلة عن إعلانها مدينة خالية من الإرهاب رغم محاولات المناورة التي باتت دون طائل”.

وفي بيان اثر انتهاء عملية الاجلاء من الجيب الجنوبي في الغوطة الشرقية، اعتبرت قيادة الجيش السوري السبت أن “الانتصار في الغوطة الشرقية (…) يوجه ضربة قاصمة للمشروع الإرهابي تجاه سوريا”.

واكدت أن من شأن السيطرة على الغوطة الشرقية تحقيق “إعادة الأمن والاستقرار بشكل كامل إلى مدينة دمشق ومحيطها”.

ولطالما شكل وجود الفصائل في الغوطة الشرقية تهديداً للعاصمة التي تعرضت خلال السنوات الماضية لقذائف أوقعت مئات الضحايا.

وخلال سنوات النزاع، الذي تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص، شهدت مناطق عدة عمليات إجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها مدينة حلب في نهاية العام 2016.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية