مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إجلاء حالات طبية حرجة من الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق

موظفون سوريون في اللجنة الدولية للصليب الاحمر يشاركون في عملية اجلاء حالات طبية في دوما بالغوطة الشرقية في 26 كانون الاول/ديسمبر. afp_tickers

خرج بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء أربعة مرضى، هم ثلاثة أطفال ورجل، من الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق بموجب اتفاق على إجلاء عدد من الحالات الحرجة من هذه المنطقة التي تشهد تدهوراً في الوضع الإنساني.

وكانت الامم المتحدة أعلنت في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر عن لائحة من 500 شخص بحاجة ماسة للإجلاء من الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، إلا أن 16 شخصاً منهم على الأقل قضوا منذ ذلك الحين.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على حسابها على تويتر صباح الأربعاء “قام متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري وفريق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإجلاء حالات طبية عاجلة من الغوطة الشرقية إلى مستشفيات في دمشق”.

وأوضحت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا انجي صدقي أنه “جرى إجلاء أربعة أشخاص مع عائلاتهم”، مضيفة “نأمل ان تستمر هذه العملية المنقذة للحياة خلال الأيام القليلة المقبلة”.

وأوضح أحمد الساعور مدير العمليات في شعبة الهلال الأحمر في مدينة دوما التي تمت منها أولى عمليات الإجلاء، أن الحالات الأربع ضمن لائحة الأمم المتحدة، وهم طفلة تعاني من مرض الناعور (خلل في عملية تخثر الدم) وطفل يعاني من متلازمة غيلان باريه (التهاب اعصاب حاد قد يؤدي إلى شلل تام)، وطفل ثالث مريض باللوكيميا، فضلاً عن رجل يحتاج إلى زراعة كلية.

ولا يمكن أن تتم عمليات الإجلاء أو أن تدخل قوافل المساعدات الى الغوطة الشرقية إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من السلطات السورية.

وخرج هؤلاء منتصف ليل الثلاثاء-الاربعاء بعد اتفاق بين الأطراف المتنازعة لإجلاء 29 شخصاً في حالة حرجة على دفعات من الغوطة الشرقية، وفق ما أعلن جيش الإسلام، الفصيل الأبرز في الغوطة الشرقية.

وأكد جيش الإسلام في بيان موافقته على “إخراج عدد من الأسرة الموقوفين لدينا (…) بالاضافة إلى بعض العمال والموظفين (…) وذلك مقابل إخراج الحالات الإنسانية الأشد حرجاً”.

– “خطوة ايجابية” –

واعتبرت صدقي بدورها عملية الإجلاء “خطوة ايجابية ستمنح بعضاً من الراحة لأهالي الغوطة الشرقية وخصوصاً من هم بحاجة ماسة إلى أدوية منقذة للحياة”.

وأضافت “نأمل أن تكون عملية الإجلاء هذه مجرد بداية لأخرى غيرها في المستقبل”، مشددة على ضرورة أن تدخل المساعدات أيضاً إلى الغوطة الشرقية بانتظام “ومن دون شروط”.

وفي مركز الهلال الأحمر في مدينة دوما، تجمّع مساء الثلاثاء المرضى الأربعة وأهاليهم، قبل أن ينقل كل منهم إلى سيارة اسعاف تابعة للهلال الأحمر، وفق ما شاهد مراسل فرانس برس.

وفي إحدى سيارات الاسعاف، استلقت الطفلة انجي (ثماني سنوات) التي تعاني من مرض الناعور وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة كبيرة، وارتدت معطفاً زهري اللون وعلى رأسها طاقية صوفية حمراء اللون.

وفي سيارة أخرى إلى جانبها، وضع متطوع في الهلال الأحمر الطفل محمد (عام وشهرين)، المريض بمتلازمة غيلان باريه، في حضنه، فيما جلست والدته إلى جانبه وقد ارتدت معطفاً أسود وغطت وجهها بنقاب أسود لا يظهر سوى عينيها.

وصعد خمسة عمال أفرج عنهم “جيش الإسلام” على متن احدى السيارات، قبل ان تنطلق القافلة لتصل لاحقاً إلى دمشق.

– معاناة وغارات –

وتحاصر القوات الحكومية الغوطة الشرقية بشكل محكم منذ العام 2013، ما تسبب بنقص خطر في المواد الغذائية والأدوية في المنطقة حيث يقطن نحو 400 ألف شخص.

وأعلنت الامم المتحدة الأسبوع الماضي أن 16 شخصاً على الاقل، من أصل 500 بحاجة ماسة إلى إجلاء، قضوا اثناء انتظار خروجهم من الغوطة الشرقية.

وقال يان ايغلاند، رئيس مجموعة العمل الانساني التابعة للامم المتحدة في سوريا، إن الرقم على اللائحة “ينخفض، ليس لاننا نقوم باخلاء الناس بل لأنهم يموتون”.

وسجلت الغوطة الشرقية، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أعلى نسبة سوء تغذية بين الأطفال منذ بدء النزاع في سوريا في العام 2011.

وتوفي طفلان رضيعان في تشرين الأول/اكتوبر في الغوطة بسبب أمراض فاقمها سوء التغذية بينهما الرضيعة سحر ضفدع (34 يوماً) التي التقط مصور متعاون مع فرانس برس صوراً ومشاهد صادمة لها تصدّرت وسائل الاعلام حول العالم عشية وفاتها.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت من بلوغ الوضع الانساني في الغوطة الشرقية “حداً حرجاً”.

وتُعدّ الغوطة الشرقية واحدة من أربع مناطق خفض توتر في سوريا، بموجب اتفاق توصلت اليه موسكو وطهران حليفتا دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة في استانا في أيار/مايو. وبدأ سريانه في الغوطة في تموز/يوليو.

وبرغم كونها منطقة خفض توتر، الا ان ذلك لم ينسحب تحسناً لناحية إدخال المساعدات الإنسانية.

كما صعّدت قوات النظام السوري منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر قصفها الجوي والمدفعي على الغوطة الشرقية، ما تسبب بمقتل عشرات المدنيين وإصابة آخرين.

وتحوّل مؤخراً الرضيع كريم عبدالله الذي فقد عينه جراء قصف جوي إلى رمز لمعاناة سكان الغوطة الشرقية بعد انطلاق حملة تضامنية معه على مواقع التواصل الاجتماعي، نشر خلالها كثيرون صورهم وهم يغطون اعينهم في اشارة الى اصابته.

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل اكثر من 340 ألف شخص وبدمار كبير في البنى التحتية وفرار وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

– التحالف يتهم الأسد –

والاربعاء اتهم التحالف الدولي الرئيس السوري بشار الأسد بالسماح لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية بالتحرك في مناطق سيطرته “دون معاقبتهم”.

وقال الجنرال البريطاني فيليكس غيدني للصحافيين ان مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية “يتحركون على ما يبدو دون معاقبتهم في الأراضي التي يسيطر عليها النظام، ما يظهر بوضوح ان النظام اما لا يرغب او انه عاجز عن هزم داعش ضمن حدوده”.

وبحسب غيدني، أحد قادة عمليات التحالف الدولي في العراق وسوريا، فإن التحالف لاحظ أن العديد من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين طردوا من الرقة، أبرز معاقلهم في شرق سوريا، انتقلوا إلى الغرب وأعادوا تنظيم صفوفهم في خلايا صغيرة ليتمكنوا من الإفلات من المراقبة بسهولة أكبر.

من جهة اخرى أعلن الجيش البلجيكي الاربعاء انه أعاد الى البلاد اربع مقاتلات من طراز أف-16 بعدما شاركت طيلة 18 شهرا في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

على صعيد آخر اعتقل مقاتلون اكراد في سوريا الجهادي الفرنسي الكبير توماس بارنوان الذي ينتمي إلى نفس الخلية التي انضم إليها الجهادي الراحل محمد مراح الذي قتل سبعة اشخاص عام 2012 في جنوب غرب فرنسا، بحسب مصدر فرنسي مطلع على الملف.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية