مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إسرائيل والبحرين تدشنان في المنامة علاقاتهما الدبلوماسية

مسؤولون بحرينيون يستقبلون وفدا اسرائيليا واميركيا في المنامة في 18 تشرين الاول/اكتوبر 2020 afp_tickers

دشّنت البحرين وإسرائيل رسميّاً في المنامة الأحد علاقاتهما الدبلوماسيّة الكاملة، في خطوة تمنح الدولة العبريّة موطئ قدمٍ إضافيّاً في الخليج الثري على مرمى حجر من السعوديّة وإيران.

وزار المنامة وفد إسرائيلي يقوده رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات، كان قد وصل على متن طائرة تجاريّة انطلقت من تلّ أبيب وحطّت في المنامة بعدما عبرت الأجواء السعودية، في أوّل رحلة من نوعها بين الدولتين.

ورافق الوفد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين والمساعد الخاصّ لشؤون المفاوضات الدوليّة آفي بيركوويتز.

وفي حفل حضره مسؤولون رفيعون من الجانبين وغاب عنه العاهل البحريني ونجله ولي العهد ورئيس الوزراء، جرى التوقيع على اتّفاق إطلاق العلاقات الدبلوماسيّة الذي يسمح بتبادل السفارات والسفراء وتدشين رحلات جوّية، إلى جانب سبع مذكّرات تفاهم في مجالات مختلفة.

وقالت وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة في بيان الأحد، إنّ مسؤولي البلدين اتّفقوا على إقامة علاقات دبلوماسيّة والتعاون في مجالات الاقتصاد والطيران المدني والمال والاتّصالات والزراعة.

وأضافت الوزارة أنّها ستتعاون مع الخارجيّة البحرينيّة، مشيرةً إلى أنّ البلدين اتّفقا الأحد على إعفاء الدبلوماسيّين من متطلّبات التأشيرة.

والمملكة الصغيرة المحاذية للسعوديّة هي ثاني دولة خليجيّة تقيم علاقات دبلوماسيّة مع إسرائيل بعد الإمارات الشهر الماضي، ورابع دولة عربيّة بعد الأردن في العام 1994 ومصر سنة 1979.

وكانت إسرائيل وقّعت في 15 أيلول/سبتمبر في واشنطن برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحضوره اتّفاق إقامة علاقات مع الإمارات وإعلان “تأييد سلام” مع البحرين.

وأعلن وزير الخارجيّة عبد اللطيف الزياني خلال حفل التوقيع “بدء العلاقات بين البلدين وصولاً إلى تعاون بنّاء في مختلف المجالات”.

وأضاف “كانت زيارة تاريخيّة حقّاً”، مشيراً إلى أنّ البحرين وقّعت اتّفاق إقامة العلاقات “إيماناً منها بقيَم التسامح (…) في المنطقة التي عانت شعوبها الحروب والصراعات والنزاعات”.

وكان رئيس الوفد الإسرائيلي قال لدى وصوله إلى المنامة “هذا يوم عظيم يتحوّل فيه السلام إلى واقع”، مضيفاً “هذه العلاقات ستُفيد الجانبين على أكثر من صعيد”.

من جهته، قال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو خلال جلسة لحكومته “آمل أن أتمكّن قريباً من إخباركم حول مزيد من الدول. بعد 25 عاماً من العمل الجاد، قمنا بتقديم السلام مقابل السلام”.

وتستمرّ زيارة الوفد الإسرائيلي للمنامة يوماً واحداً، وسيزور بعدها أبوظبي للمشاركة في اجتماعات عمل.

– صمت وتظاهرات –

والبحرين مقرّ الأسطول الخامس الأميركي، وشهدت على فترات متلاحقة منذ سنة 2011 اضطرابات على خلفية تظاهرات في خضمّ أحداث الربيع العربي طالب خلالها الشيعة بإقامة ملكيّة دستوريّة.

وألقت البحرين باللوم في هذه الاضطرابات على الجارة إيران، عدو إسرائيل اللدود.

ويقول محللون إنّ سعي الدول الخليجيّة إلى محاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة هو أحد أسباب تقرّبها من إسرائيل التي كانت تُعتبر قبل الاتفاق مع مصر عدوّاً لكلّ الدول العربية.

ورأى الفلسطينيون في اتّفاقَي الإمارات والبحرين مع إسرائيل “خيانةً”، مستندين في ذلك إلى التوافق العربي الذي ظلّ سارياً إلى حينه حول عدم التطبيع مع إسرائيل قبل التوصل إلى حل للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.

لكنّ الزياني شدّد على أنّ البحرين تدعو إلى مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين لإنهاء النزاع “بناء على حل الدولتين”.

ويُشكّل الاتّفاقان تغييراً في سياسة عربيّة دامت عقوداً تقضي بالحفاظ على الوحدة ضدّ اسرائيل على خلفية ممارستها تجاه الفلسطينيين.

وخلافاً للإمارات، فإنّ معارضة التطبيع العلنيّة شديدةٌ في البحرين التي يسكنها خليط من السنّة والشيعة ولها تاريخ حافل من المجتمع المدني النشط وإنْ تمّ التعامل معه بقسوة في العقد الماضي.

وخرج عشرات البحرينيين في تظاهرات عدّة الشهر الماضي تنديداً بإقامة علاقات مع إسرائيل، حسب صوَر ومقاطع فيديو نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقبيل توقيع اتّفاق إقامة العلاقات يوم الأحد، التزمت السلطات البحرينية الصمت وغابت تفاصيل الزيارة عن وسائل الإعلام المحلية.

– “رؤية أوسع” –

تمنح الاتّفاقات إسرائيل موطئ قدم غير مسبوق في الخليج الثري.

ويُقيم العديد من الدول النفطيّة العربيّة، بتكتّم، اتصالات مع السلطات الإسرائيلية منذ سنوات. لكنّ تطبيع العلاقات يؤمن فرصاً كثيرة، ولا سيّما الاقتصاديّة منها، لتلك البلدان التي تحاول التخلص من عواقب أزمة فيروس كورونا المستجد.

وقال منوتشين لصحافيين على متن الطائرة الإسرائيلية “واضح أنّ البحرين مرتبطة جدّاً بالاقتصاد السعودي، وهذا يمنحهم بالتأكيد رؤية أوسع”.

ويشدّد نتانياهو على أنّ دولاً عربيّة أخرى تريد إقامة علاقات مع إسرائيل، معتبراً أنّ تلك الدول باتت تولي الفرص التجاريّة الأولويّة.

وحضّ وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو الأسبوع الماضي السعوديّة على “تطبيع علاقاتها” مع إسرائيل على غرار الإمارات والبحرين.

وندّد تنظيم الدولة الإسلاميّة الأحد بتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، داعياً إلى شنّ هجمات في السعوديّة.

واعتبر التنظيم في تسجيل صوتي منسوب إلى المتحدّث باسمه أبو حمزة القرشي، نشرته قناته على تطبيق “تلغرام”، أنّ الإمارات والبحرين خانتا الإسلام بتطبيع علاقاتهما مع إسرائيل.

ويقول محللون إنّ قرار البحرين إقامة علاقات مع إسرائيل لم يكُن ليتمّ دون مباركة السعودية التي تتمتّع بنفوذ سياسي واقتصادي كبيرين في الجارة الصغيرة.

وجاء ذلك فيما يحاول ترامب تحقيق إنجازات دبلوماسية قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر التي تشير استطلاعات الرأي إلى تخلّفه فيها لصالح منافسه الديموقراطي جو بايدن.

وسيُمثّل اعتراف السعودية بإسرائيل، في حال حصوله، تحوّلاً حقيقيّاً في الشرق الأوسط. ومارست إدارة ترامب طوال أشهر ضغوطاً لتحقيق ذلك، لكنّ المملكة قالت بوضوح إنها لن تتبع الإمارات والبحرين رغم وجود مؤشرات تقارب متزايدة معها.

وجاء الاتّفاق البحريني – الإسرائيلي بعيد موافقة إسرائيل الأربعاء، للمرة الأولى منذ توقيع الاتّفاق مع الإمارات، على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة وبعد ثمانية أشهر على تجميد النشاط الاستيطاني، في خطوة دانتها القوى الأوروبية.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية