مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اتفاق الهجرة الاوروبي التركي يبدو مهددا بعد محاولة الانقلاب في تركيا

مخيم للمهاجرين في ميتيليني باليونان في 18 حزيران/يونيو 2016 afp_tickers

هل يهدد الانقلاب الفاشل في تركيا اتفاق الهجرة بين الاتحاد الاوروبي وانقرة؟ يبدو الخطر حقيقيا بنظر الاوروبيين الذين يخشون معاودة حركة تدفق المهاجرين بكثافة الى السواحل اليونانية.

فالعلاقات مع الاتراك المتوترة اصلا في الاشهر الاخيرة تدهورت بشكل اكبر بعد محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليو في تركيا وما تبعها من حملات تطهير واسعة صدمت الاوروبيين.

واقر وزير الهجرة اليوناني يانيس موزالاس الذي تستضيف بلاده نحو 57 الف مهاجر عالقين منذ اغلاق طريق البلقان، “اننا نتابع الوضع وقلقون بالتأكيد”.

وفي الواقع ازداد وصول المهاجرين بشكل طفيف الى اليونان عبر بحر ايجه بعد الانقلاب الفاشل، فهم يعدون بالعشرات يوميا اي اقل بكثير من الارقام التي كانت تسجل قبل الاتفاق المبرم في 18 اذار/مارس حيث كان يتوافد اكثر من 1700 يوميا .

واكد موزالاس “حتى الان لا يشير عدد الواصلين الى الجزر اليونانية الى ان الاتفاق لا يتم التقيد به”، نافيا ان يكون طالب ب”خطة بديلة” في حال توقفت تركيا عن لجم تدفق المهاجرين الذين وصل منهم اكثر من 850 الفا الى الجزر اليونانية في العام 2015.

لكن رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر راى “ان الخطر مرتفع” في انهيار اتفاق الهجرة الاوروبي التركي، معبرا بذلك عن قلق الاوروبيين.

– موضوع التأشيرات –

ويتساءل البعض ان كان بالامكان الاستمرار في اعتبار تركيا “بلدا آمنا” كما تقول المفوضية. فهذا المفهوم القانوني يشرع رفض طلبات اللجوء الى اوروبا التي يتقدم بها سوريون وعراقيون -هاربون من الحرب- يمرون عبر تركيا، واعادتهم اليها كما هو منصوص في اتفاق 18 اذار/مارس.

وردت متحدثة باسم المفوضية هذا الاسبوع بقولها “في هذه المرحلة” تعتبر بروكسل ان الاتراك ما زالوا يوفرون لهم حماية كافية، وان هذا الجانب من الاتفاق لم يسقط.

واعتبر من جهته ايف باسكوو احد مسؤولي مركز السياسات الاوروبي والخبير بمسائل الهجرة “لطالما اعتبرت ان تركيا ليست بلدا ثالثا آمنا، فان لم تكن كذلك بالامس فهي ليست كذلك اليوم”.

لكنه لفت في الوقت نفسه في حديث لوكالة فرانس برس الى انه “تم ابعاد اقل من 500 شخص الى تركيا” منذ الاتفاق مع انقرة، بعد ان تراجعوا جميعهم تقريبا عن طلب اللجوء الى اوروبا.

وراى الخبير ان الجانبين يشدان الحبال في هذا الوضع، اذ ان التهديد الرئيسي بالنسبة لاتفاق الهجرة يبقى مسألة اعفاء الاتراك من التأشيرات في فضاء شنغن والتي تهدد انقرة بدونها بالتوقف عن لجم تدفق اللاجئين.

وقال باسكوو في هذا الصدد “نظرا للطريقة التي تتطور فيها الامور في تركيا، اشك في امكانية ان تحصل غدا” على هذا الاعفاء، مؤكدا انه سيتعين في كل الاحوال الحصول على موافقة بلدان الاتحاد الاوروبي والبرلمان الاوروبي المتحفظين على هذا الامر.

وقد تعهد الاتحاد الاوروبي في تسريع وتيرة عملية الاعفاء هذه مقابل التزام انقرة بالاتفاق لكن دون المساومة على المعايير التي يطالبها بتطبيقها وتتطلب تعديل قوانين مكافحة الارهاب التركية التي تعتبر انها تنتهك الحريات.

– “لن نسمح بترهيبنا” –

ويبدو ان الحكم التركي الذي لم يبد اصلا استعدادا كبيرا للقبول بهذا التعديل قبل الانقلاب، شدد موقفه. وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء “ان اولئك الذين كنا نظنهم اصدقاءنا اصطفوا الى جانب الانقلابيين والارهابيين”.

وهذا الموقف التركي يغيظ الجانب الاوروبي. وحذر المستشار النمساوي كريستيان كيرن “لن نسمح بترهيبنا على الاطلاق”، واعتبر الخميس ان مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي باتت “ضربا من الخيال”.

لكن جان كلود يونكر حذر الخميس من وقف مفاوضات انضمام تركيا التي يقضي اتفاق 18 اذار/مارس باستئنافها، معتبرا ان ذلك سيكون “خطأ جسيما في السياسة الخارجية”.

وراى مارك بييريني السفير السابق للاتحاد الاوروبي في انقرة والمحلل لدى مؤسسة كارنيغي اوروبا “ان الاكثر ترجيحا” يبقى ان “الاتحاد الاوروبي وتركيا اللذين لديهما اهتمامات اكثر اهمية من الغاء التأشيرات، سيستمران في تنفيذ الجوانب الاساسية من اتفاقهما”.

واشار بييريني خصوصا الى الشق المالي في الاتفاق الذي يهدف الى تحسين استقبال اللاجئين السوريين على الاراضي التركية. فبعد الانتقادات الاخيرة التي تلفظ بها اردوغان مطالبا بتسريع دفع الاموال، اعلنت المفوضية انها جهزت مليارين من اصل الثلاثة مليارات يورو المقررة للعامين 2016 و2017 بموجب الاتفاق.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية