مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اجتماع طارئ لمجلس الامن الاثنين بعد تقارير عن هجوم كيميائي في دوما

قوات موالية للنظام السوري اثناء تقدمها باتجاه مدينة دوما في السابع من نيسان/ابريل 2018 afp_tickers

أثارت تقارير حول هجوم مفترض بـ”غازات سامة” استهدف السبت مدينة دوما في الغوطة الشرقية تنديداً دولياً ودفعت الرئيس الأميركي إلى توعد دمشق وحلفائها بـ”دفع ثمن باهظ”.

وطلبت 9 دول بمبادرة من فرنسا التي اعربت عن “قلق بالغ” عقدَ اجتماع عاجل لمجلس الامن الاثنين الساعة 15,30 ت غ لبحث تقارير عن الهجوم الكيميائي المفترض في دوما.

واعتبرت دمشق أنّ الاتهامات الموجهة لها في هذا السياق هي “أسطوانة مملة غير مقنعة”، فيما وجهت روسيا تحذيرا لواشنطن من تدخل عسكري “بذرائع مختلقة” نافية استخدام النظام السوري اسلحة كيميائية.

وكان مسعفون ومعارضون أول من اتهم قوات النظام، مشيرين الى سقوط عشرات الضحايا.

وتحدّث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هاتفيا مع نظيره الأميركي دونالد ترامب مساء الأحد وعبّر “عن إدانته الشديدة للهجمات الكيميائية التي وقعت في 7 نيسان/أبريل ضد سكان دوما”، وفق ما أعلن الإليزيه.

وتبادل الزعيمان “معلوماتهما وتحليلاتهما التي تؤكد استخدام أسلحة كيميائية” و”قررا تنسيق إجراءاتهما ومبادراتهما داخل مجلس الأمن” بحسب الاليزيه.

وتزامن التصعيد الدولي مع إعلان دمشق الاحد اتفاقًا لإجلاء فصيل جيش الاسلام “خلال 48 ساعة” من دوما، الجيب الأخير تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، وهو ما أكده مركز المصالحة الروسي على لسان مسؤوله يوري افتوشنكو الذي اوضح ان الاتفاق ينص على اجلاء ثمانية الاف مقاتل و40 الفا من افراد عائلاتهم ونشر عناصر من الشرطة العسكرية الروسية في المدينة.

وباشر مقاتلون من جيش الاسلام الخروج من دوما. وافادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) بأن حافلتين تقلان مقاتلين من جيش الاسلام وعائلاتهم غادرتا دوما على ان تتوجها الى مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال البلاد.

واكد المسؤول الروسي ان “العمليات القتالية توقفت في دوما”، موضحا ان مئة حافلة وصلت وان كل شيء اعد لاجلاء المقاتلين وعائلاتهم.

تزامنا تمكن رهائن كانوا محتجزين في دوما لدى فصائل معارضة، من العودة إلى دمشق.

وكتب ترامب على تويتر “قتل كثيرون بينهم نساء وأطفال في هجوم كيميائي متهور في سوريا”، مضيفا “الرئيس (فلاديمير) بوتين وروسيا وايران مسؤولون عن دعم الأسد الحيوان. سيكون الثمن باهظا”.

يأتي تصريح ترامب بعد عام ويوم على ضربة أميركية استهدفت قاعدة عسكرية للجيش السوري رداً على هجوم كيميائي أودى بالعشرات في شمال غرب البلاد.

وابدى وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان “قلقه البالغ”، مؤكداً أن بلاده “ستتحمل مسؤولياتها كاملة باسم الكفاح ضد انتشار الأسلحة الكيميائية”.

وهددت واشنطن وباريس سابقا بشن ضربات إذا توافرت “أدلة دامغة” على استخدام سلاح كيميائي في سوريا.

ونفت موسكو حليفة دمشق الاتهامات. وقالت وزارة الخارجية الروسية “علينا مرة أخرى التحذير من ان التدخل العسكري بذرائع مختلقة ومفبركة في سوريا (…) أمر غير مقبول بتاتاً ويمكن أن تنجم عنه أوخم العواقب”.

واعتبرت ايران حليفة دمشق أيضاً، الاتهامات “مؤشراً لمؤامرة جديدة (…) وذريعة للقيام بعمل عسكري”.

– “اسطوانة مملة” –

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن “21 حالة وفاة السبت جراء الاختناق واصابة 70 آخرين” من دون أن يتمكن من “تأكيد أو نفي” استخدام الغازات السامة.

إلا أن الحصيلة التي أوردتها منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) تراوحت بين 40 و70 قتيلاً جراء القصف بـ”الغازات السامة”، وفق قولها.

وتحدثت المنظمة والجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) عن وصول “500 حالة” إلى النقاط الطبية. وأشارتا إلى أعراض “زلة تنفسية وزرقة مركزية وخروج زبد من الفم وانبعاث رائحة واخزة تشبه رائحة الكلور”.

واعتبر مصدر في الخارجية السورية مساء الأحد ان “مزاعم استعمال الكيميائي باتت أسطوانة مملة غير مقنعة إلا لبعض الدول التي تتاجر بدماء المدنيين وتدعم الارهاب في سوريا”.

وتحدثت أنقرة بدورها عن “شبهات قوية بأن النظام نفذ (الهجوم)، حيث ان سجلّه في استخدام الأسلحة الكيميائية معروف لدى المجتمع الدولي”.

وطالبت لندن بفتح تحقيق حول التقارير “المقلقة بشدة”.

وقال البابا فرنسيس “لا شيء يمكن أن يبرر استخدام هذا النوع من أدوات الإبادة ضد أشخاص وشعوب عزل”.

منذ بدء النزاع السوري في 2011، اتُهمت قوات النظام مرارا باستخدام اسلحة كيميائية. ولطالما نفت دمشق الأمر، مؤكدة أنها دمرت ترسانتها الكيميائية إثر اتفاق روسي أميركي في العام 2013 بعد اتهامها بشن هجوم كيميائي قرب دمشق أودى بحياة المئات.

– “الكثيرون يختنقون” –

ونشرت الخوذ البيضاء على تويتر صوراً قالت إنها للضحايا تظهر جثثاً متراكمة في إحدى الغرف، وأخرى لأشخاص بينهم أطفال يخرج زبد أبيض من أفواههم.

وقال فراس الدومي من الخوذ البيضاء لفرانس برس انه حين وصلت فرق الإغاثة إلى مكان الاستهداف “كان المشهد مروعاً، الكثيرون يختنقون، أعداد كبيرة جداً. وهناك من توفي فوراً”. اضاف “لا أستطيع وصف الموقف، مجزرة مروعة، رائحة المكان قوية جداً، حتى إنها أدت لضيق نفس لدى عناصرنا، وثقنا وخرجنا مباشرة من المكان”.

وجراء التصعيد يومي الجمعة والسبت على دوما، وثق المرصد السوري نحو مئة مدني، بينهم من توفوا السبت اختناقاً.

وأعلن الهلال الأحمر السوري خروج مركزه عن الخدمة في دوما.

وقال أحد عناصره لوكالة فرانس برس “خرجنا في جولة في المدينة اليوم، ووجدنا جثثاً ملقاة في الطرقات”، مضيفاً “المستشفيات مكتظة بالجثث والجرحى”.

– اتفاق إجلاء –

وإثرَ عملية عسكرية جوية وبرية وعمليتي إجلاء لمقاتلين معارضين، تمكن الجيش السوري من السيطرة على 95 في المئة من الغوطة الشرقية لتبقى دوما وحدها تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام الذي دخل في مفاوضات معقدة مع روسيا.

وأعلنت روسيا من جانب واحد عن اتفاق لإجلاء مقاتلي جيش الإسلام تم بموجبه بداية الأسبوع الماضي إخراج نحو ثلاثة آلاف مقاتل ومدني إلى شمال البلاد، قبل أن يتعثر مع محاولة الطرفين فرض مزيد من الشروط ووسط انقسام في صفوف الفصيل المعارض.

واستأنف الجيش السوري حملته العسكرية اليومين الماضيين ضد دوما للضغط على فصيل جيش الاسلام، لتعقد مفاوضات مباشرة بين الطرفين الأحد انتهت باتفاق إجلاء.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية