مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

احتفال رسمي باتفاق تاريخي بين الحكومة السودانية ومجموعات متمردة في جوبا

متظاهر في الخرطوم في الرابع من تموز/يوليو 2020 يرفع لافتة تضامن مع إقليم دارفور afp_tickers

وقّع قادة حركات سودانية متمردة ومسؤولون في الحكومة السودانية رسميا بالأحرف الأولى الاثنين على اتفاق سلام تاريخي ينهي نزاعات في مناطق عدة، لا سيما في إقليم دارفور حيث تسبب القتال منذ 17 عاما بمئات آلاف القتلى.

وأقيمت مراسم توقيع رسمية في جوبا برعاية رئيس جنوب السودان سالفا كير، وقع فيها الاتفاق عن الجانب الحكومي رئيس الوفد الحكومي محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، نائب رئيس مجلس السيادة الذي يرأس قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم في مناطق النزاعات، وقادة أربع حركات متمردة مجتمعة ضمن تحالف الجبهة الثورية السودانية.

وتناولت التواقيع على التوالي إقليم دارفور الذي اندلع في 2003 وتسبب في السنوات الأولى بمقتل 300 ألف شخص على الأقل و2,5 مليون نازح، ثم جنوب كردفان والنيل الأزرق حيث تأثر بالنزاع أكثر من مليون شخص.

وانتقل عدد كبير من المسؤولين السودانيين الى جوبا على رأسهم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الحكومة عبدالله حمدوك، للمشاركة في الاحتفال بأول إنجاز كبير منذ إسقاط الرئيس السابق عمر البشير في نيسان/أبريل 2019.

وترافقت مراسم التوقيع الرسمي مع تصفيق وزغاريد في القاعة، بينما رفع العديدون شارات النصر، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس. كما تمّ التوقيع على وقع أغان وطنية أنشدها فنانون سودانيون مباشرة.

وسلّم قادة الحركات المتمردة على دقلو بالأيدي، ورقصوا معا لوقت قصير على وقع الموسيقى.

كما وقّع مسؤولون سياسيون وقبليون على اتفاقات أخرى تتعلق بالتنمية في مناطق عدة.

وحضرت الاحتفال وفود إماراتية وسعودية ومن دول إفريقية.

ونشأت الجبهة الثورية السودانية في العام 2011 وتتألف من أربع حركات وقعت على الاتفاق. وكانت الحركات المعنية والحكومة السودانية وقعت بالأحرف الأولى خلال الأيام الماضية على البروتوكولات التي يتألف منها الاتفاق.

والحركات الأربع هي: حركة تحرير السودان/جناح مني مناوي، وحركة العدل والمساواة، والمجلس الثوري الانتقالي، والحركة الشعبية لتحرير السودان/جناح مالك عقار.

وتمّ التوقيع بالأحرف الأولى فقط، لأن المتفاوضين يسعون الى ضمّ حركتين كبيرتين لم تشاركا في الاتفاق، وهما: حركة جيش تحرير السودان/جناح عبد الواحد نور التي لم تدخل في المفاوضات، والحركة الشعبية لتحرير السودان/جناح عبد العزيز الحلو التي تقاتل في جنوب كردفان والنيل الازرق، والتي علّقت التفاوض مع الحكومة قبل أيام لاعتراضها على ترؤس دقلو للمفاوضات.

وقال حمدوك خلال الاحتفال “ندرك أن هذا السلام فتح بابا صعبا وطويلا، ولكننا ملتزمون بتنفيذ الاتفاق كاملا”.

وأضاف “رسالتي اليوم الى الحركة الشعبية/شمال بقيادة القائد عبد العزيز الحلو وحركة جيش تحرير السودان بقيادة القائد عبد الواحد نور، نحن في انتظارهم. في هذا الاتفاق أغلب القضايا تمت مناقشتها. يجب أن تنضموا الى مسيرة السلام لنحقق سلاما شاملا للسودان”.

وقال دقلو من جهته “هذه الاتفاقية هي فجر جديد لبلادنا لنتحرر من الفشل والأخطاء، وهي فرصة للتصالح والتعافي. يجب ان نعترف بأخطاء الماضي لنفتح صفحة جديدة في علاقة المجتمع بالدولة”.

وقال متحدث باسم الحكومة السودانية فيصل محمد صالح على هامش الاحتفال لوكالة فرانس برس “نعرف أننا سنواجه بضع مشاكل عندما نبدأ بالتنفيذ على الأرض، لكن لدينا إرادة سياسية بأن ينجح تطبيق” الاتفاق.

وأضاف “نعتقد أننا بدأنا التغيير الحقيقي في السودان من دكتاتورية الى الديموقراطية”.

واعتبر رئيس حركة العدل والمساواة جبريل ابراهيم أن “التحدي الرئيسي يكمن في وضع الاتفاق موضع التنفيذ والتمكن من تمويله”.

– عام من التفاوض –

واستغرقت المفاوضات سنة كاملة.

وأدرك الأطراف بعد فشل اتفاقات عدة لوضع حد خصوصا للنزاع في دارفور، ومنها اتفاق أبوجا في 2006 واتفاق 2010 في قطر، أن الأمر لا يتعلق فقط بالمسائل الأمنية، بل يجب الذهاب الى عمق المشاكل التي يعود بعضها الى استقلال البلاد في 1956.

وبدأ النزاع في دارفور في 2003، ويأخذ المتمردون على السلطات السودانية تهميش الإقليم سياسيا وإداريا.

وكان ممثلو الأطراف المختلفة وقّعوا خلال الأيام الماضية بالأحرف الأولى من أسمائهم على ثمانية بروتوكولات تشكل اتفاق السلام وتتناول: الأمن وقضية الأرض والحواكير والعدالة الانتقالية والتعويضات وجبر الضرر وبروتوكول تنمية قطاع الرحل والرعاة وتقسيم الثروة وبروتوكول تقاسم السلطة وقضية النازحين واللاجئين.

وينص الاتفاق على ضرورة تفكيك الحركات المسلحة وانضمام مقاتليها إلى الجيش النظامي الذي سيعاد تنظيمه ليكون ممثلا لجميع مكونات الشعب السوداني.

وتحكم السودان منذ أكثر من سنة حكومة انتقالية هي ثمرة اتفاق بين العسكريين الذين أطاحوا بعمر البشير، وقادة الاحتجاج الشعبي ضده الذي تواصل لأشهر بعد سقوطه للمطالبة لحكم مدني. وحُدّدت المرحلة الانتقالية بثلاث سنوات تنتهي بتنظيم انتخابات حرة.

وجعلت الحكومة الانتقالية من السلام أولوية، لا سيما أن عددا من الحركات المتمردة شارك في الحركة الاحتجاجية.

وقال مالك عقار بعد انتهاء مراسم التوقيع في كلمة ألقاها “أعلن من هذا المنبر نهاية الحرب”، و”أدعو جناح عبد الواحد نور وجناح عبد العزيز الحلو الى عدم تفويت الفرصة التي صنعها شعب السودان”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية