مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

احياء حلب الشرقية في جحيم الغارات غداة اعلان الجيش السوري بدء هجوم

دمار ناتج عن غارة على حي الانصاري الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب 23 سبتمبر 2016 afp_tickers

غرقت الاحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سوريا الجمعة في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل وسقوط قتلى، بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم في المنطقة.

في نيويورك، يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجمعة مجددا نظيره الروسي سيرغي لافروف غداة فشل اجتماع لمجموعة العمل الدولية حول سوريا هدف الى إعادة إرساء الهدنة التي تم الاتفاق عليها في وقت سابق من هذا الشهر بين واشنطن وموسكو وانهارت بعد اسبوع من تطبيقها.

وتتعرض الأحياء الشرقية في حلب والتي تسيطر عليها فصائل المعارضة منذ العام 2012، لغارات كثيفة منذ ليل امس، تنفذها طائرات روسية وسورية، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد في بريد الكتروني “تأكد استشهاد سبعة مواطنين بينهم طفلان وفتاة وشاب من عائلة واحدة بالإضافة لسيدة وطفلها وشاب آخر، جراء الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية على حي القاطرجي”، وثلاثة مدنيين في حي الفردوس.

واشار الى أن عدد القتلى “مرشح للارتفاع لوجود جرحى بحالات خطرة، ووجود مفقودين تحت الانقاض”.

وقال مراسل لوكالة فرانس برس في مناطق المعارضة في حلب ان “القصف عنف جدا”، لافتا الى ان طائرات حربية تشن غارات تليها مروحيات تقصف بالبراميل المتفجرة، قبل ان يبدأ القصف المدفعي.

ولفت الى ان طائرات استطلاع تحلق فوق الاحياء الشرقية لالتقاط الصور قبل ان يقوم سرب من الطائرات الروسية والسورية بالقصف.

وبات متطوعو الدفاع المدني مع كثافة الغارات عاجزين عن الاستجابة والتحرك لانقاذ الضحايا خصوصا بعدما استهدفت الغارات صباحا مركزين تابعين لهم في حيي هنانو والانصاري، وفق مراسل فرانس برس.

وتدمر مركز الانصاري بالكامل جراء الغارات وباتت سيارة اسعاف واخرى لإطفاء الحرائق ومعدات اخرى خارج الخدمة.

وتسببت الغارات بدمار كبير، بينها ثلاثة ابنية انهارت بكاملها في حي الكلاسة الذي يتعرض لغارات عنيفة منذ 48 ساعة، على رؤوس قاطنيها جراء غارة واحدة.

وقال مراسل فرانس برس إن جرافة واحدة كانت تعمل على رفع الانقاض، فيما يقف عمال الاغاثة مذهولين محاولين رفع الركام بأيديهم بحثا عن العالقين تحته.

– تمهيد لهجوم بري-

ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان الجيش السوري مساء الخميس بدء هجوم على الاحياء الشرقية في حلب التي يحاصرها منذ شهرين تقريبا.

وفرت عائلات من أحياء تشكل جبهات ساخنة في شرق حلب في اليومين الاخيرين الى أحياء اخرى، لكن لا طريق أمامها للخروج من المدينة. ويعيش نحو 250 الف شخص في مناطق المعارضة في المدينة التي تشهد منذ صيف العام 2012 معارك وتبادلا للقصف بين قوات النظام في الاحياء الغربية والفصائل المعارضة الموجودة في الاحياء الشرقية.

وطلب الجيش في بيان أصدره الخميس من المواطنين “الابتعاد عن مقرات ومواقع العصابات الإرهابية المسلحة”، مشيرا الى أن “لا مساءلة أو توقيفا لأي مواطن يصل إلى نقاط” الجيش السوري.

واوضح انه تم اتخاذ “كل الإجراءات والتسهيلات لاستقبال المواطنين المدنيين وتأمين السكن ومتطلبات الحياة الكريمة”، موضحا أن “الإجراءات والتسهيلات تشمل أيضا المغرر بهم الراغبين بالعودة الى حضن الوطن”.

واوضح مصدر عسكري سوري في دمشق الجمعة لوكالة فرانس برس ان العمليات البرية في حلب لم تبدأ بعد.

وقال “حين أعلنا بدء العمليات البرية، فهذا يعني أننا بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية لساعات أو أيام قبل بدء العمليات البرية”، مشيرا الى أن “بدء العمليات البرية يعتمد على نتائج هذه الضربات”.

وذكر أن الضربات الجوية التي ينفذها الطيران منذ يوم امس تستهدف “مقرات قيادات الارهابيين”.

ويصنف النظام السوري كل المجموعات التي تقاتله من الفصائل المعارضة والجهادية بانها “إرهابية”.

واكد ضابط سوري على جبهة حلب لفرانس برس ان “القوات البرية لم تتقدم ميدانيا بعد”.

وبحسب مصدر عسكري ثان في دمشق، فإن “هدف هذه العملية هو توسيع مناطق سيطرة الجيش” في حلب، لافتا الى “وصول تعزيزات مؤخرا الى حلب تعزز القدرة على القيام بعملية برية”.

-“مفاوضات بالنار”-

وانهارت الاثنين هدنة استمرت اسبوعا في مناطق سورية عدة بينها مدينة حلب. وكان تم التوصل اليها بموجب اتفاق روسي اميركي. وتبادلت موسكو وواشنطن الاتهامات بعرقلة تنفيذ وقف اطلاق النار.

وقال الموفد الدولي الى سوريا ستافان دي ميستورا الخميس في نيويورك “ما يحصل هو أن حلب تتعرض للهجوم، والجميع عاد الى حمل السلاح”.

ولم تنجح الجهود الدبلوماسية في نيويورك في إعادة إحياء وقف اطلاق النار. واعلن وزير الخارجية الاميركي الخميس فشل اجتماع عقدته المجموعة الدولية لدعم سوريا لاعادة ارساء الهدنة. وحض روسيا على إبداء “جدية”، مطالبا دمشق “بوقف استخدام” طيرانها الحربي.

فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أن استجابة موسكو للمطالب الدولية بمنع تحليق الطيران الحربي السوري “غير كافية”.

ويقول محلل سوري قريب من دمشق لوكالة فرانس برس ان “المعارك بدأت اثر فشل الاجتماع الدولي”، مضيفا “انها المفاوضات بالنار في حلب”.

ويضيف “على الاميركيين ان يفهموا انه طالما لم يفوا بالتزاماتهم (اتفاق الهدنة) وتحديدا لناحية فك الفصائل (المعارضة) ارتباطها عن جهاديي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، فإن الروس والجيش السوري سيتقدمون”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية