مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اسرائيل والامم المتحدة ودول غربية تندد باستخدام عباس لتعابير “معادية للسامية”

الرئيس الفلسطيني محمود عباس اثناء ترؤسه اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله في 30 نيسان/ابريل. afp_tickers

نددت اسرائيل والامم المتحدة ودول غربية عدة الاربعاء، بتصريحات للرئيس الفلسطيني محمود عباس اعتبرت معادية للسامية، بعدما اشار في خطاب الى ان الدور الاجتماعي لليهود وخصوصا في القطاع المصرفي يقف وراء المذابح التي تعرضوا لها في اوروبا خلال القرن الماضي.

وقال عباس في خطاب القاه الاثنين امام المجلس الوطني الفلسطيني ان “معاداة السامية في اوروبا لم تنشأ بسبب الدين اليهودي”، واقتبس كلاما للمفكر الالماني كارل ماركس جاء فيه أن “المكانة الاجتماعية لليهود في اوروبا وعملهم في قطاع البنوك والتعامل بالربى، اديا الى اللاسامية التي ادت بدورها الى مذابح في اوروبا”.

ويأتي هذا الجدل حول كلام عباس متزامنا مع تدهور كبير في العلاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

وعلق رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على هذا الكلام بالقول “ابو مازن القى خطابا آخر معاديا للسامية، بمنتهى الجهل والوقاحة زعم ابو مازن انه تم اضطهاد وقتل يهود اوروبا ليس لانهم كانوا يهودا، بل لانهم عملوا في مجال الاموال والقروض بفائدة.”

واتهم نتانياهو عباس بانه “اطلق مرة اخرى احقر الشعارات المعادية للسامية. يبدو ان من انكر المحرقة يبقى منكرا للمحرقة. ادعو المجتمع الدولي الى ادانة معاداة السامية الخطيرة التي يتميز بها ابو مازن والتي آن الاوان لزوالها”.

– مطالبة بتنحية عباس-

وطالب وزير الامن الاسرائيلي جلعاد اردان على صفحته على فيسبوك بتنحية عباس. وقال “ان هذا الخطاب البغيض يعلمنا شيئا مهما : لقد حان الوقت لان يتنحى رئيس السلطة الفلسطينية. ومع كل يوم يمر، تتراكم العنصرية لدى ابو مازن وتكبر الدعاية السامة والخبيثة المعادية للسامية.”

واضاف “اللاسامي يبقى لا ساميا، عاد ابو مازن لبث سموم اللاسامية” قبل ان يقول “كيف يعقل ان يستمر النظر الى هذا الرجل في العالم كزعيم شرعي للشعب الفلسطيني”.

كما اتهمت وزارة الخارجية الاسرائيلية عباس الاربعاء بتأجيج “الكراهية الدينية والوطنية ضد الشعب اليهودي واسرائيل”.

وفي اول رد فلسطيني اعرب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في بيان “عن استغرابه للهجمة المنسقة التي تقوم بها إسرائيل في العالم، في محاولة لاتهام الرئيس محمود عباس بمعاداة السامية ورفض المفاوضات واتهامه بالإرهاب مرات عديدة”.

واتهم عريقات الاسرائيليين ب”تحريف أقواله (عباس) أثناء افتتاح المجلس الوطني الفلسطيني عندما نقل رأي بعض المؤرخين اليهود، علما أن الرئيس لم ينف المذابح التي تعرض لها اليهود بما فيها المحرقة”.

واعتبر منسق الامم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط نيكولاي ملادينوف في بيان ان تصريحات الرئيس الفلسطيني “غير مقبولة ومقلقة للغاية”.

وقال ملادينوف ان عباس “اختار ان يستخدم خطابه امام برلمان منظمة التحرير الفلسطينية لتكرار بعض الاهانات المعادية للسامية الاكثر ازدراء بينها الافتراض ان مكانة اليهود في المجتمع كانت سبب المحرقة”، مضيفا ان هذه التصريحات “غير مقبولة ومقلقة للغاية ولا تخدم مصالح الشعب الفلسطيني او السلام في الشرق الاوسط”.

بدوره، اعتبر المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جيسون غرينبلات انه “لا يمكن بناء السلام على هذا النوع من الاسس”، واصفا تعليقات عباس بانها “مؤسفة للغاية ومثيرة للقلق للغاية” داعيا الى التنديد بها بشكل “غير مشروط من قبل الجميع”.

كما كتب السفير الاميركي لدى اسرائيل ديفيد فريدمان، وهو يهودي، على حسابه على تويتر في وقت متأخر مساء الثلاثاء ان “ابو مازن وصل الى مستوى متدن جديد فهو يعزو قضية مذابح اليهود التي حدثت على مر السنين الى سلوكهم الاجتماعي المتعلق بالفوائد والبنوك”.

واضاف “لاولئك الذين يعتقدون ان اسرائيل هي السبب بعدم تحقيق السلام، فكروا مرة اخرى”.

وكان عباس الذي واجه اتهامات بمعاداة السامية سابقا، قال في خطابه امام المجلس الوطني الفلسطيني مساء الاثنين انه “قرأ الكثير من الكتب لكتاب يهود ومن بينهم ثلاثة كتاب حللوا فكرة العداء للسامية في اوروبا” وذكر اسماءهم.

وتحدث عن كتابات لكارل ماركس قائلا ان “قراءاته لهذه الكتب بينت انه من القرن الحادي عشر في اوروبا وحتى المحرقة اليهودية في المانيا تعرض اليهود لمذبحة كل 10 الى 15 عاما. ولكن لماذا حدث هذا؟ هم يقولون لانهم يهود، لكن السبب هو المكانة الاجتماعية”. واوضح ان “مثل هذا الامر لم يحدث في الدول العربية”.

-“كلام غير مقبول”-

وندد الاتحاد الاوروبي بما اعتبره “كلاما غير مقبول حول اسباب المحرقة وشرعية اسرائيل”، مشددا على ضرورة مواجهة “اي محاولة تهدف الى تغطية او تبرير او التقليل من اهمية المحرقة”.

وهي ليست المرة الاولى التي يتهم فيها عباس باستخدام تعابير معادية للسامية.

ففي حزيران/يونيو 2016 اعلن امام البرلمان الاوروبي ان حاخامات طلبوا من الحكومة الاسرائيلية “تسميم المياه لقتل الفلسطينيين”. واعتبر الاسرائيليون هذا الاتهام نسخة حديثة عن اتهامات مشابهة كانت توجه الى اليهود في القرون الوسطى.

الا ان الزعيم الفلسطيني عاد واوضح انه استخدم معلومات اعلامية لم يتم التأكد منها. وقال ان “فلسطين هي مهد الديانات الثلاث السماوية ونحن نرفض الهجمات ضد كل الديانات”.

وانهارت العلاقات الفلسطينية الاميركية بعد قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب في كانون الاول/ديسمبر الماضي نقل السفارة الاميركية الى القدس ما اثار غضب الفلسطينيين الذين يعتبرون الجزء الشرقي من هذه المدينة عاصمة لدولتهم المنشودة، ما دفعهم الى القول ان واشنطن الغت بذلك دورها التقليدي كوسيط في المفاوضات مع اسرائيل.

وعملية السلام مع اسرائيل متوقفة منذ فترة طويلة بسبب التعنت الاسرائيلي والاستمرار في بناء المستوطنات ورفضها بحث القضايا النهائية مثل القدس واللاجئين.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية