مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اسواق مايدوغوري في نيجيريا تستعيد نشاطها

(FILES) This file photo taken on February 24, 2017 shows a vigilante sitting on the ground with his gun in the village of Bakin Kogi, in Kaduna state, northwest Nigeria, that was recently attacked by suspected Fulani herdsmen. At least 33 people were killed in clashes between cattle herders and farmers in Nigeria's northern Kaduna state, a police chief told AFP on July 20, 2017. Two days of violence between herders and farmers erupted on Sunday in Kajuru village, 50 kilometres (30 miles) outside the city of Kaduna, said state police commissioner Agyole Abeh. afp_tickers

استعادت اسواق مدينة مايدوغوري التي انطلقت منها مجموعة بوكو حرام النيجيرية الجهادية، حيويتها ونشاطها. فقد عادت السلع تملأ الرفوف، فيما يعمد التجار الذين يتصببون عرقا وراء عرباتهم المتنقلة المحملة بكل انواع السلع، الى شق طريقهم في الازقة المزدحمة.

لكن المظاهر تخدع احيانا. فسنوات الحرب التي استمرت ثماني سنوات، خلفت جروحا عميقة دائمة في عاصمة امبراطورية بورنو السابقة، التي كانت مفترق الطرق التجارية بين الساحل وافريقيا الوسطى.

واصبحت المدينة المعروفة بحركتها التجارية، مركزا للعمل الانساني الذي تؤديه المنظمات غير الحكومية الاجنبية والوكالات الاممية والحكومية التي تدفقت اليها منذ سنة.

ومنذ 2009، تاريخ بدء التمرد الجهادي الذي اسفر عن حوالى 20 الف قتيل، انهار اقتصاد مايدوغوري التي تعرضت مداورة للحصار وكانت مسرحا لمعارك عنيفة ثم هدفا لاعتداءات دامية مستمرة اليوم. وزاد من صعوبة هذا الوضع، الركود الذي يشمل كامل نيجيريا منذ العام الماضي.

واعرب مودو كولو دونوما، المدير العام ل “مانداي ماركت”، السوق الكبيرة للمدينة، عن اسفه بالقول ان “المزارعين لا يستطيعون العودة الى الحقول، ومعظم المواد الغذائية تستورد من ولايات اخرى”. واضاف ان “الاسعار ارتفعت كثيرا”.

فكيس الأرز الذي يبلغ سعره 8000 نايرا (22 يورو) على سبيل المثال، يباع اليوم ب 17,000 نايرا. وقال “بصريح العبارة، لا تتوافر للناس وسائل تأمين حاجاتهم”.

وفي خارج المدينة، تنتظر منذ ايام صفوف طويلة من الشاحنات المحملة بالمنتجات المصنعة، لسلوك طريق ديكوا نحو الكاميرون المجاورة.

ويواجه عبور البضائع الى بلدان غير ساحلية مثل تشاد وافريقيا الوسطى والسودان، صعوبة في استعادة حيويته. وتعد هذه التجارة المصدر الاساس لعائدات المدينة.

وقد اعاد الجيش فتح بعض المحاور، لكن الكمائن ما زالت كثيرة ولا يسمح للآليات بالمرور إلا ضمن قوافل تواكبها قوات مدججة بالسلاح.

ومع ذلك، تبقى الحاجات كثيرة في مايدوغوري التي تضاعف عدد سكانها منذ بداية النزاع، بالاضافة الى اكثر من مليون نازح. ويعيش هؤلاء النازحون الموزعون في مخيمات او لدى مواطنين، بفضل المساعدة الخارجية.

وتقول الامم المتحدة ان حوالى مليوني شخص يعانون من سوء التغذية الحاد، وان 5,5 ملايين يحتاجون الى مساعدة غذائية في المناطق الشمالية الشرقية.

-الازدهار العقاري-

وادركت المجموعة الدولية متأخرة حجم الازمة الانسانية، ولم يصل القسم الاكبر من عشرات المنظمات غير الحكومية الموجودة اليوم، إلا ابتداء من صيف 2016.

ومنذ ذلك الحين، تتلقى مايدوغوري المساعدات. فمخيماتها الاثنا عشر، تعيش على وتيرة عمليات توزيع الأرز والذرة والفول. وتٌُشاهد في كل مكان، السيارات الكبيرة الرباعية الدفع البيضاء اللامعة التي تستخدمها المنظمات الانسانية.

ووضع برنامج تحويلات الى الفقراء، وتتشكل كل صباح صفوف طويلة امام اجهزة التوزيع التلقائي، ويأمل كل شخص في الحصول على الاف النايرا لانهاء الشهر.

وقد فر محمد علي، الموظف الذي يبلغ الثامنة والاربعين من عمره، من نغالا القريبة من الكاميرون مع زوجته وابنائه العشرة. ولا يكفي راتبه الضئيل لتأمين معيشة عائلته.

واشتكى بالقول “كيف سأتمكن من تأمين معيشتهم ب 20 الف نايرا (55 يورو؟). نحن نتكل بالكامل على المساعدة”.

لكن الجميع لا يعانون من الازمة. فبعض القطاعات، مثل العقارات، قد استفاد كثيرا من تدفق المنظمات الاجنبية والمهجرين.

يبتسم المدير العام لدولفين، إحدى الوكالات العقارية النادرة في مايدوغوري، علي غاربا باشيهو، ويقول :”استطيع ان اؤكد لكم ان المال يدخل”.

فأصحاب الاملاك الذين فروا بأعداد كبيرة من المدينة، ظنا منهم انها ستقع في ايدي المتمردين، قد باعوا منازلهم بأسعار زهيدة، وهي تؤجر اليوم بأسعار مرتفعة.

وفيما كان يرافق مجموعة من الصحافيين في “المناطق الحكومية الامنة” حيث تتوالى الجدران المرتفعة التي تعلوها الاسلاك الشائكة، قال ساخرا ان “المنظمات غير الحكومية لا تعرف كيف تتصرف بالاموال المتوافرة لديها”.

وشهدت الاحياء المتواضعة ايضا ارتفاع الاسعار. فالخمسيني بابا وروما عثمان يؤجر غرفتين ب 100 الف نايرا منذ ثلاث سنوات. وقام المالك لتوه بمضاعفة السعر.

واكد ان “الاسعار في الضواحي اقل من المدينة، لكن الضواحي بالغة الخطورة، قرب مخيمات النازحين، فهنا تشن بوكو حرام هجماتها في اغلب الاحيان”.

والنتيجة غير المباشرة لهذا الحضور القوي للمنظمات الانسانية، هو ان تدفق الاموال المخصصة للشمال الشرقي -الامم المتحدة تطالب ب 1,5 مليار، ووعد المانحون ب 672 مليونا في شباط/فبراير في اوسلو-، قد ايقظ بالتأكيد الشهية للسرقة، وتسبب بشيء من الفساد حتى على اعلى مستويات الدولة.

وتقول الرئاسة ان حوالى نصف المواد الغذائية المرسلة الى ضحايا بوكو حرام لا يصلهم ابدا.

وفتحت وكالة مكافحة الفساد عددا من التحقيقات التي لا تزال مستمرة. وفي نيسان/ابريل، اعتقل مساعد مقرب من الرئيس محمد بخاري، هو الامين العام للحكومة ديفيد بابشير لاوال، بسبب دوره المفترض في منح عقود احتيالية لاعادة اعمار الشمال الشرقي.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية