مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اشتباكات متقطعة في آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا

مقاتل من قوات سوريا الديموقراطية في موقع تابع لهذه القوات داخل بلدة الباغوز في شرق سوريا في 15 آذار/مارس 2019 afp_tickers

شهد الجيب الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية في بلدة الباغوز شرق سوريا اشتباكات متقطعة السبت مع قوات سوريا الديموقراطية، غداة قيام التنظيم الجهادي بشن ثلاث هجمات انتحارية استهدفت تجمعات للخارجين من هذا الجيب.

وتحاول قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، كسر دفاعات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين رغم القصف والغارات ما زالوا يشنّون هجمات انتحارية ويتشبثون بالقتال حتى الرمق الأخير.

وقال المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديموقراطية في منطقة دير الزور عدنان عفرين السبت لوكالة فرانس برس “اندلعت اشتباكات أمس (الجمعة) وما زالت مستمرة حتى الآن”.

ومن موقع تابع لقوات سوريا الديموقراطية داخل بلدة الباغوز، شاهد فريق وكالة فرانس برس صباح السبت دخاناً يتصاعد من الجيب المحاصر، كما كان من الممكن سماع أصوات قصف مدفعي متقطع، وشهدت أجواء المنطقة تحليقا كثيفا لطائرات التحالف.

وفي الأيام الأخيرة، تراجعت حدة المعارك والضربات الجوية تدريجياً وباتت متقطعة بعد أن كانت عنيفة ومكثفة في بداية الأسبوع، وفق ما أفاد فريق فرانس برس.

وأضاف عفرين “في أحد المحاور، تراجعت وتيرة الاشتباكات قليلاً لتسهيل الخروج المحتمل للمستسلمين من مقاتلي التنظيم وعائلاتهم”.

وتستهدف قوات سوريا الديموقراطية وطائرات التحالف مواقع التنظيم ليلاً فيما تخفف وتيرة قصفها خلال ساعات النهار. ويهدف هذا التكتيك إلى دفع مقاتلي التنظيم لتسليم أنفسهم ودفع المدنيين للخروج، بحسب قوات سوريا الديموقراطية.

وأشار عفرين إلى عدم وجود أي “مؤشرات للاستسلام” السبت، موضحاً أنه “في حال وجود أشخاص يريدون الاستسلام سيتوقف مرة أخرى العمل العسكري”.

– “معنويات عالية” –

وشنّ تنظيم الدولة الإسلامية الجمعة ثلاث هجمات انتحارية متزامنة استهدفت تجمعات للخارجين من الباغوز، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص منهم على الأقل وإصابة ثلاثة من مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية.

وهذه المرة الأولى الذي يستهدف فيها التنظيم تجمعات للخارجين من جيبه المحاصر بعدما كان شنّ الأربعاء هجومين مضادين تخللهما ثماني هجمات انتحارية ضد مواقع لقوات سوريا الديموقراطية.

ورجّح الخبير في الشأن الكردي موتلو جيفير أوغلو في تصريح لفرانس برس السبت أن يكون هدف هذه الهجمات الانتحارية “كبح المزيد من المقاتلين والعائلات عن الاستسلام” بالإضافة إلى “إبقاء المعنويات عالية”.

وأضاف “من وجهة نظرهم (مقاتلو داعش)، هم يقاومون ولا يستسلمون”.

وغالباً ما يعتمد التنظيم على الهجمات الانتحارية والمفخخات لاعاقة تقدم خصومه وايقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية في كل مرة يحاصر فيها داخل معاقله.

وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية في بيان السبت مقتل 32 مقاتلاً من التنظيم المتطرف خلال الـ24 ساعة الماضية بينهم “أربعة أمراء” من دون أن تحدد مسؤولياتهم، وذلك جراء معارك و”غارات مركزة” نفّذها طيران التحالف على مواقع وتحصينات التنظيم.

وقال التحالف الدولي في وقت متأخر الجمعة في تغريدة “داعش يؤكد استهتاره بالأرواح البشرية ولا يزال يشكل تهديداً عالمياً”. وأضاف “نقف إلى جانب شركائنا في قوات سوريا الديموقراطية التي تحارب من أجل تحرير آخر بقعة تحت سيطرة داعش”.

ولا تملك قوات سوريا الديموقراطية تصوراً واضحاً لعدد مقاتلي التنظيم المتبقين في الباغوز بعدما فاقت أعداد الذين خرجوا مؤخراً كل التوقعات، إلا أنها أكدت مراراً أن عدداً كبيراً منهم انتحاريون.

وبعدما أعلن التنظيم عام 2014 إقامة “الخلافة الإسلامية” على مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تعادل مساحة بريطانيا، بات وجوده يقتصر اليوم على جيب محاصر داخل بلدة نائية على الضفاف الشرقية لنهر الفرات.

ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.

– 122 وفاة –

وعلى وقع التقدم العسكري لقوات سوريا الديموقراطية التي بدأت عملياتها العسكرية في المنطقة ضد الجهاديين في أيلول/سبتمبر، خرج أكثر من 61 ألف شخص منذ كانون الأول/ديسمبر من مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم في شرق سوريا، قبل أن يُطرد منها تباعاً.

وفي الأسابيع الأخيرة، علّقت هذه القوات مراراً هجومها ضد جيب التنظيم، ما أتاح خروج عشرات الآلاف من الأشخاص، غالبيتهم نساء وأطفال من أفراد عائلات المقاتلين، وبينهم عدد كبير من الأجانب.

وتمّ نقل الرجال المشتبه بأنهم جهاديون إلى مراكز اعتقال، فيما أرسل الأطفال والنساء إلى مخيمات في شمال شرق البلاد أبرزها مخيم الهول.

وأفادت اللجنة الدولية للانقاذ فرانس برس السبت أن هذا المخيم بات يؤوي أكثر من 69 ألف شخص، مع وصول نحو ثلاثة آلاف شخص في اليومين الأخيرين من الباغوز.

ولقي 122 شخصاً حتفهم، 80 في المئة منهم أطفال دون الخمس سنوات، خلال رحلتهم إلى مخيم الهول أو بعد وصولهم بفترة قصيرة، بحسب اللجنة ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في سوريا الذي توقع وصول آلاف الأشخاص إلى المخيم في الأيام المقبلة.

وقالت الأمم المتحدة إن هناك “حاجة ملحة” للتمويل من أجل مواصلة الرعاية الصحية وتقديم المواد الغذائية لسكان المخيم.

ويعاني القاطنون في هذا المخيم من أوضاع “بائسة”، وفق المنظمات الإنسانية الدولية التي تستنفذ طاقاتها القصوى لتوفير الحد الأدنى من احتياجاتهم.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية