مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اشتداد الغضب مع ارتفاع حصيلة حريق لندن إلى 30 قتيلا وعشرات المفقودين

لا يزال عناصر الاطفاء يبحثون عن جثث وسط مخاوف بأن يكون العشرات لقوا حتفهم جراء الحريق الذي اندلع في برج "غرينفل تاور" السكني في لندن afp_tickers

تم تأكيد وفاة 30 شخصا على الأقل في حريق برج “غرينفل تاور” السكني في لندن فيما يخشى موت عشرات آخرين، في حين تصاعد غضب سكان الحي الذين اجتاح عدد كبير منهم مقر المجلس البلدي الجمعة.

ويواصل عناصر الإطفاء البحث عن جثث وبقايا سكان البرج وسط تساؤلات حول استخدام كسوة للجدران الخارجية يعتقد أنها تسببت في الانتشار السريع لألسنة اللهب.

وبعد الظهر، اجتاح عشرات المحتجين الغاضبين مبنى المجلس البلدي في حي كينسنغتون وتشيلسي وتجمعوا على الدرج الذي يؤدي إلى الطابق الأول في مواجهة الحراس المدنيين ودار شجار وتم تبادل بعض اللكمات في جو مشحون.

وصرخ بعض المحتجين الذين حملوا لافتات كتب عليها “العدالة لغرينفل”: “نريد العدالة” و”عار عليكم” و”قتلة”.

وتجمع المئات كذلك أمام مبنى المجلس البلدي وهم يحملون ملصقات وصور افراد عائلات مفقودين.

وقال أحدهم “لقد كان الموت بانتظارهم” وقالت سلوى (25 عاما) التي كانت تحمل طفلة على كتفها “لدي أصدقاء في البرج وهم لا يخبروننا ما حدث لهم”.

– ماي في مواجهة غضب الحشد –

وتعرضت رئيسة الوزراء تيريزا ماي للانتقاد لأنها لم تلتق مع السكان عندما تفقدت الموقع الخميس وتحدثت مع المشرفين على عمليات الانقاذ، وإن كانت التقت بالمصابين في المستشفى الجمعة.

وهتف البعض عندما عادت لزيارة الناجين والسكان والمتطوعين في مستشفى الحي “جبانة” و”عار عليك”.

واضطر عشرات الشرطيين الى ابعاد الحشد الغاضب في اثناء مغادرة سيارتها.

وفي المستشفى اعلنت عن 5 ملايين جنيه استرليني لتوفير الاحتياجات الطارئة والطعام والملابس للناجين.

وقالت “كل من تضرر من هذه المأساة عليه أن يطمئن إلى أن الحكومة هنا من أجلكم في هذا الوقت العصيب وهذا ما أنا مصممة على توفيره”.

في وقت سابق، قال قائد الشرطة ستيوارت كوندي للصحافيين أمام برج “غرينفل تاور” المتفحم “نعرف أن 30 شخصا على الأقل توفوا نتيجة هذا الحريق (…) أعتقد أن العدد سيزداد”.

وأضاف كوندي أن الشرطة فتحت تحقيقا جنائيا ولكن لا يوجد ما يشير إلى أن “الحريق بدأ بشكل متعمد”.

وأوضح أن عناصر الإطفاء نجحوا أخيرا في إخماد الحريق بشكل كامل، بعد يومين على اندلاعه ليلة الثلاثاء الأربعاء في المبنى المكون من 24 طابقا في حي تقطنه شريحة من الطبقة العاملة محاط بحيي كنسينغتون وتشيلسي الميسورين.

وأفادت تقارير إعلامية بأن أكثر من 70 شخصا في عداد المفقودين. ولكن لم يتضح بعد إن كانت الجثث التي تم العثور عليها حتى الآن هي لبعض من هؤلاء.

وحذرت الشرطة من أنه قد يكون من المستحيل التعرف على بعض الضحايا.

وأوضح كوندي أن بين الضحايا الجدد شخصا توفي متأثرا بإصابته في المستشفى فيما لا يزال يخضع للعلاج 24 ناجيا أصيبوا بحروق وجروح، 12 منهم في العناية المركزة.

واستخدم عناصر الإطفاء طائرات مُسيرة وكلاب أثر للبحث في المبنى، مشيرين إلى صعوبة وصول العناصر إلى بعض الطوابق العليا بسبب المخاوف من ثبات بنيته.

– الملكة تزور الناجين –

وانتشرت ملصقات تحمل صور المفقودين، بينهم أطفال ومسنون، وضعها أقارب يائسون في المنطقة المحيطة بالبرج التابع للبلدية فيما يساعد الناجين عدد كبير من المتطوعين.

وصباح الجمعة، زارت الملكة اليزابيث الثانية وحفيدها الأمير وليام مركز الرعاية الاجتماعية حيث تم إيواء بعض الناجين، فيما ازداد الغضب في أوساط السكان من السلطات المتهمة بأنها تجاهلت لسنوات المخاوف المتعلقة باجراءات السلامة في المبنى.

وأمرت الحكومة بفتح تحقيق يقوده قاض في كارثة يوم الأربعاء إلا أنها تتعرض لضغط متزايد للتصرف بشكل سريع.

وقال وزير المجتمع المحلي البريطاني ساجد جويد لإذاعة “بي بي سي” إن “شيئا ما لم يسر على ما يرام هنا، شيء ما حصل بطريقة خاطئة إلى حد كبير”.

وأوضح جويد أن الحكومة أمرت بفحص مبان مشابهة مع إيلاء اهتمام خاص للكسوة الخارجية التي تستخدم لتحسين واجهة المبنى وإضافة طبقة عازلة للمباني المبنية من الاسمنت والفولاذ.

وقال “علينا القيام بكل ما هو ممكن لضمان الحفاظ على سلامة الذين يعيشون في هذه الممتلكات. فإما أن يجعلوها آمنة أو أن يجدوا مساكن أخرى. يجب القيام بذلك،” مضيفا أنه سيتم تأمين منازل للناجين من حريق البرج في المنطقة.

ومن ناحيته، أمر زعيم حزب العمال جيريمي كوربن بتوفير منازل في المنطقة للناجين.

– لاجئ سوري بين الضحايا –

أرغم الحريق السكان على مغادرة المبنى وسط دخان كثيف على الدرج الوحيد المتوفر أو القفز من النوافذ أو حتى القاء أولادهم في الشارع.

وبين الضحايا، لاجئ سوري هو محمد الحاج علي البالغ من العمر 23 عاما والذي قدم إلى بريطانيا مع أخيه عام 2014.

وأفادت منظمة “حملة التضامن مع سوريا” في بيان أن “محمد قام برحلة خطرة للهروب من الحرب والموت في سوريا، قبل أن يواجه الموت هنا في المملكة المتحدة، في بيته. جاء محمد إلى هذا البلد بحثا عن الأمن، والمملكة المتحدة فشلت في حمايته”.

سكن الحاج علي في الطابق الـ14 وكان طالبا في الهندسة المدنية في جامعة “وست لندن”.

وأضاف بيان المنظمة “كان حلمه ان يتمكن من العودة يوما من أجل اعادة بناء سوريا”.

وعرف اسم ضحية ثانية الجمعة هي المصورة خديجة ساي.

– كسوة خارجية محظورة في الولايات المتحدة –

وتتنامى الاسئلة بشأن سرعة انتشار ألسنة اللهب وتطويق النيران للشقق الـ120 التي يتكون منها المبنى في ما وصفه قادة الإطفاء بالحريق غير المسبوق.

وتتركز الانتقادات على الكسوة التي غلفت بها الجدران الخارجية للمبنى الاسمنتي العائد إلى سبعينات القرن الماضي كجزء من عملية تجديد انتهت قبل سنة وكلفت 8,7 ملايين جنيه استرليني (11 مليون دولار، 9,9 ملايين يورو).

وذكرت وسائل إعلامية ان الكسوة كانت من البلاستيك وانها تشبه تلك المستخدمة في المباني العالية في فرنسا والإمارات العربية المتحدة وأستراليا التي شهدت حرائق سريعة الانتشار.

وأفادت صحيفة “ذي تايمز” أن نوع الكسوة الذي استخدم في المبنى يحظر استخدامه في الولايات المتحدة في المباني التي يتجاوز ارتفاعها 12,2 مترا جراء الخوف من الحرائق.

وقالت إن الشركة التي صنعت الكسوة قامت كذلك بتصنيع نماذج مضادة للحرائق تبلغ كلفتها أكثر بقليل.

وأفادت شركة “هارلي فاسايدس” التي قامت بتركيب الألواح الخارجية في بيان “لسنا في الوقت الحالي على علم بأي صلة بين الحريق والكسوة الخارجية للبرج”.

وبالإضافة إلى الجدل بشأن الكسوة، طرحت العديد من الاسئلة بشأن أسباب عدم تركيب أنظمة رش الماء في البرج والتي كان يمكن أن توقف انتشار اللهب، وغياب أي نظام مركزي للتنبيه من الدخان كان يمكن أن يوقظ السكان النائمين.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية