مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأطباء يحاولون “إنقاذ حياة” المعارض أليكسي نافالني ومنظمات ترسل طائرة لنقله خارج روسيا

المعارض الأبرز للكرملين أليكسي نافالني في 29 أيلول/سبتمبر 2019 في موسكو afp_tickers

يبذل أطباء روس الخميس جهودا حثيثة لإنقاذ حياة المعارض البارز أليكسي نافالني الذي نقل إلى العناية المركزة في أحد مستشفيات سيبيريا بعد تعرضه لوعكة صحية قالت الناطقة باسمه إنها تشتبه في أنها ناجمة عن تسمم.

وعرضت فرنسا وألمانيا “كل المساعدة الطبية”، فيما أعرب الرئيس الفرنسي عن “قلقه الشديد”، وطالبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بـ”الشفافية” حول وضعه.

وستقلع طائرة طبية من ألمانيا منتصف الليل (22,00 ت غ) متجهة إلى روسيا بهدف نقل نافالني الذي دخل في غيبوبة الى برلين، بحسب ما أكدت لوكالة فرانس الخميس منظمة غير حكومية ألمانية استأجرت الطائرة.

وقال رئيس منظمة “سينما من أجل السلام” جاكا بيزيلج “أرسلنا منتصف الليل طائرة إسعاف مزودة بتجهيزات طبية وخبراء يمكن نقل نافالني على متنها”، مبديا أمله في الحصول على موافقة مختلف السلطات “خلال مساء” الخميس لتنفيذ العملية.

وقد أدخل نافالني وهو محامٍ يبلغ 44 عاما وناشط مناهض للفساد ومن بين أشد منتقدي الرئيس فلاديمير بوتين، مستشفى في مدينة أومسك بعدما فقد وعيه خلال رحلة بين سيبيريا وموسكو وقامت الطائرة بهبوط اضطراري بسبب تدهور صحته المفاجئ.

وأوضح أناتولي كالينيتشينكو نائب مدير مستشفى أومسك أن “الأطباء يفعلون أكثر ما في وسعهم، إنهم يكافحون حقا لإنقاذ حياته”.

وأضافت “تعرض أليكسي لتسمم. وهو الآن في العناية المركزة”، قائلة إنه فقد وعيه خلال الرحلة الجوية من تومسك إلى موسكو ما توجّب الهبوط الاضطراري.

ولم يقدم المستشفى أي تشخيص لحالته فيما قالت وزارة الصحة الإقليمية إن نافالني في غيبوبة طبيعية لا اصطناعية.

وقال فريقه إن المستشفى يفتقر للمعدات، وقالت طبيبته اناستازيا فاسيلييفا إنها طلبت مساعدة الكرملين لنقله إلى عيادة أوروبية.

وتمنى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لنافالني “الشفاء العاجل” مضيفا أن الكرملين سيساعد في نقله إلى الخارج في حال الضرورة.

وقال بيسكوف إن التقارير عن تسميم “مجرد افتراضات” حتى تؤكد الفحوص عكس ذلك.

وحملت يارميش بوتين مسؤولية تسميم نافالني وقالت “بغض النظر عما إذا كان قد أعطى الأمر شخصيا، فإن اللوم يقع على عاتقه”.

وحضت منظمة العفو الدولية روسيا على إجراء “تحقيق سريع ومستقل”.

– “شيء ما في كوب الشاي” –

وصلت زوجة نافالني، يوليا، إلى المدينة التي تبعد نحو 2200 كلم شرق موسكو وعادته.

وقالت يارميش إن الشرطة والمحققين وصلوا واستجوبوا الطبيب وأفاد صحافيون بأنهم رأوا عناصر من جهاز الأمن الفدرالي الروسي في المستشفى.

وكتبت على “تويتر”، “نعتقد أن أليكسي تعرض للتسميم عبر مادة مزجت في الشاي الذي كان يحتسيه. لان ذلك كان المشروب الوحيد الذي احتساه في الصباح”.

وأوضحت لإذاعة “إيكو أوف موسكو”، “أنا متأكدة من أنه تسميم متعمد”.

وغرّد رئيس الدائرة القانونية لمؤسسة مكافحة الفساد التي يرأسها نافالني، فياتشيسلاف غيمادي أنه “لا شك أن نافالني قد تعرض للتسميم بسبب مواقفه ونشاطه السياسي”.

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية “تاس” عن مصدر في تطبيق القانون تشكيكه في هذا الأمر موضحا “لا يمكننا استبعاد أنه شرب أو أخذ شيئا ما بنفسه يوم أمس”.

وذكرت قناة “رين” التلفزيونية الموالية للكرملين أن الاختبارات أظهرت “علامات ثانوية على السكر” إلا أن يارميش رفضت تلك المزاعم ووصفتها بأنها “مجرد هراء”.

وأوضحت أن نافالني كانت يسبح في أحد الأنهر في الليلة السابقة وكان “صاحيا”.

وقالت المحللة السياسية تاتيانا ستانوفايا إن نافالني “حشد مئات الأعداء بمن فيهم بعض الأفراد المتمرسين” مشيرة إلى تحقيقاته في مكافحة الفساد التي جذبت ملايين المشاهدات على الإنترنت.

وتجمّع المئات في سان بطرسبورغ الخميس دعما لنافالني، وقالت تاتيانا غالكينا (60 عاما) لوكالة فرانس برس “أنا غاضبة. هذا مخيف. يتم تدمير المعارضين السياسيين في بلدنا جسديا”.

من جهتها، دعت منظمة العفو الدولية إلى فتح “تحقيق سريع ومستقل”.

وقال الطالب ياروسلاف ليانغاسوف البالغ 18 عاما “أعتقد أنها محاولة استهداف مقصودة لقتله لأنه حارب بشراسة ضد الحكومة مؤخرا”.

وقد تعرض نافالني في السابق لهجمات جسدية. ففي العام 2017، أصيب بحروق في عينه بعد رشه بمادة معقمة عند خروجه من مكتبه عام 2017.

وفي آب/أغسطس من العام الماضي، أصيب نافالني بطفح جلدي وتورم وجهه فيما كان محتجزا في مركز للشرطة يمضي عقوبة قصيرة بسبب دعوته إلى احتجاجات غير قانونية.

-“فقد الوعي بعد الاقلاع”-

نقل نافالني حينها إلى المستشفى حيث قال الأطباء إنه أصيب برد فعل تحسسي لكنه طلب إجراء تحقيق في حالة تسمم.

وبثت قناة “رين تي في” مقطع فيديو تم تصويره من الطائرة يظهر نافالني وهو ينقل على نقالة إلى سيارة إسعاف.

ويسافر نافالني، المحامي المفوه ذو الشخصية الجذابة عبر البلاد للترويج لاستراتيجية تصويت تكتيكية لمعارضة المرشحين المؤيدين لبوتين في أكثر من 30 من الانتخابات الإقليمية في أيلول/سبتمبر.

وكان نافالني ذهب إلى سيبيريا لمساعدة مرشحي المعارضة.

وكتب في منشور على “إنستغرام” من تومسك هذا الأسبوع “الحزب الحاكم لديه الكثير من المال لكن لا يمكننا الاعتماد إلا على مساعدة الطيبين والصادقين”.

وغالبا ما يتعرض نافالني وأنصاره وأفراد عائلاتهم لتوقيفات ومداهمات وضغوط من الشرطة في كل أنحاء روسيا.

وهو سجن مرات عدة لتنظيمه احتجاجات مخالفة للقانون.

– تسميم شخصيات معارضة –

في الفترة الأخيرة، دعم نافالني الاحتجاجات في بيلاروس ضد الرئيس ألكسندر لوكاشينكو.

وتأتي هذه الحادثة عقب حالات تسمم أخرى لمنتقدي الكرملين.

ذكرت بريطانيا اسمي شخصين قالت إنهما عميلان للاستخبارات العسكرية الروسية مشتبه بهما بعدما تسمم العميل المزدوج الروسي سيرغي سكريبال وابنته يوليا بغاز الأعصاب نوفيتشوك في مدينة سالزبيري البريطانية في آذار/مارس 2018.

في العام 2006، أصيب عميل جهاز الأمن الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو بتسمم قاتل بمادة البولونيوم المشعة بعد احتسائه كوب شاي في لندن. ورفضت روسيا تسليم المشتبه به الرئيسي أندريه لوغوفوي الذي أصبح نائبا قوميا.

وقد عانى العديد من الشخصيات المعارضة الأخرى أمراضا خطرة في روسيا عزوها إلى التسمم.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية