مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الانفصاليون المسلحون في الكاميرون يتجهون الى اعتماد حرب العصابات

نهر كروس الذي يفصل بين الكاميرون ونيجيريا في صورة تعود الى الاول من شباط/فبراير 2018 afp_tickers

بعد ان اجبر على ترك قريته في الكاميرون هربا من اعمال العنف، واللجوء الى نيجيريا المجاورة، لا يخفي فيكتور أوبي غضبه على السلطات في بلاده، وبات يعتبر ان “الاستقلال بات الحل الوحيد” لاقرانه من المتحدثين بالانكليزية في الكاميرون بمواجهة السلطات التي تمثل الاكثرية الناطقة بالفرنسية.

ويقول هذا الطالب الذي يبلغ الخامسة والعشرين من عمره، انه لم يعد لديه “ما يخسره”، منذ هرب في كانون الأول/ديسمبر، لدى وصول جنود كاميرونيين الى كاجيفو، كانوا يطلقون النار عشوائيا، كما يقول، على الناس الذي لم يهربوا بعد الى الادغال.

وبنبرة تشي بالغضب اضاف “انهالوا بالضرب على شقيقتي وشقيقي الصغير”. كان الجيش يلاحق آنذاك اولئك الذين يصفهم الحكم في ياوندي بأنهم “ارهابيون”، أي الانفصاليون المسلحون الذين أقاموا، كما تقول مصادر أمنية، واحدا من أبرز معسكراتهم للتدريب في الغابة الإستوائية الكثيفة المحيطة بكاجيفو.

وتشهد المنطقتان الناطقتان باللغة الانكليزية، واللتان يعيش فيهما نحو 20% من الشعب الكاميروني، منذ اكثر من سنة، ازمة سياسية عميقة، على خلفية مطالب اجتماعية واقتصادية تجاه النخبة الناطقة بالفرنسية التي تحكم البلاد.

وشكل الاعلان من جانب واحد لجمهورية “أمبازونيا” المستقلة في الاول من تشرين الأول/اكتوبر، منعطفا. وهرب عشرات الاف الاشخاص الى نيجيريا المجاورة، فيما قمع الجيش بقسوة، مستخدما مروحيات قتالية وآليات مدرعة، ما بات اشبه بانتفاضة مسلحة.

وقد أسفرت أعمال العنف حتى الآن عن 26 قتيلا على الأقل في صفوف قوى الأمن، وفق إحصاء أعدته وكالة فرانس برس، وعن عدد غير محدد من القتلى المدنيين، لأن عددا قليلا جدا من المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المستقلة، تمكنت من الوصول الى المنطقة.

ويزيد مؤيدو الصراع المسلح، الممثلون بمجموعات غير واضحة المعالم، الهجمات المعزولة على رموز الدولة، والتي أصبحت شبه يومية في الأسابيع الاخيرة. وقد نأت حكومة امبازونيا المعلنة من جانب واحد، عن هذه المجوعات، مؤكدة انها تتبنى المواجهة السلمية.

-نحو عشر مجموعات صغيرة-

وقد تعرض الأحد أحد المسؤولين الاقليميين الرسميين للأسر، وأحرقت سيارته في باتيبو، قبل الاحتفال بعيد وطني. وأعلن لوكاس شو ايابا مسؤوليته عن الخطف، وهو زعيم قوات الدفاع الأمبازونية، موجها تحذيرا واضحا: “تقتلون شعبي، سنلاحقكم حتى أبواب الجحيم”.

وتشكل قوات الدفاع الأمبازونية، مع ثلاث ميليشيات أخرى، أبرز القوى التي يقدر “العدد الإجمالي لمقاتليها” بأكثر من 300، كما تقول مجموعة الأزمات الدولية.

وثمة إلى جانبها “نحو عشر مجموعات صغيرة عنيفة او مجموعات للدفاع الذاتي، يتفاوت متوسط عناصر كل منها بين 10 و30، مثل “النمور” و”الأفاعي” او “قوات أمبالاند”.

لكن عددا قليلا منها يعلن مسؤوليته عن الهجومات التي يشنها، ومن الصعوبة بمكان معرفة من ينفذ ميدانيا هذه العملية او تلك، كما قال هانس دي ماري هنغوب، الباحث في مجموعة الأزمات الدولية.

مسألة واحدة تبدو اكيدة. فقد حملت عمليات القمع على التطرف، أعدادا كثيرة من الناطقين باللغة الانكليزية والمزارعين او صغار الموظفين، الذين كانوا، منذ فترة بعيدة، يشعرون أن السلطة الناطقة باللغة الفرنسية في ياوندي تعمد الى تهميشهم، لكنهم لم يكونوا بالضرورة مهتمين بالسياسة حتى الآن.

وقال القس جون مبي الذي يعد واحدا من 33 الف شخص لجأوا الى ولاية كروس ريفر (نيجيريا) ان “الاحباط كبير”، مشيرا الى الفساد واقفال الطرقات التي توصل الى منطقتهم النائية، والعجز عن تصريف محاصيلهم. واضاف “يمكن ان ان تمضي 13 عاما على مقاعد الدراسة، ولا تجد اي فرصة عمل”.

وأضاف القس “الان، مات عدد كبير من الناس، لا نستطيع العودة الى بلادنا. وعلى الارجح، لا تتوافر لشباننا الاسلحة والذخائر، لكنهم غاضبون”.

وقال هانس دو ماري هنغوب ان “الناس في مخيمات اللاجئين على استعداد للقتال”، مقدرا عدد المقاتلين المحتملين بحوالى 5000. واضاف ان “المشكلة الاساسية للمجموعات الامبازونية هي انعدام التمويل: لو توافرت لها الاموال لشراء الاسلحة والتدريب وتأمين المواد الغذائية لرجالها، لكان في امكانها حمل السلاح”.

ولأن الوسائل لj’ordonne aux forces de l’ordre de mener une enquête et de prendre les mesures légales qui s’imposent contre les responsables de cet acte”.م تتأمن، يواصل المقاتلون الانفصاليون المختبئون في الغابة والجبال التي يصعب اختراقها تقريبا، وتشكل الحدود الطبيعية بين نيجيريا والكاميرون، منطق العصابات المستوحى “من المقاومة في جنوب افريقيا خلال حقبة التمييز العنصري او في اريتريا”، كما قال مصدر قريب من الحركة.

– الحرب بالشعوذة-

في منطقة مانيو، مركز النزاع، يقفلون محاور الطرق بإطارات السيارات وجذوع الأشجار لنصب كمائن او مهاجمة قواعد قوى الأمن المسلحة اساسا ببنادق تقليدية، وببعض بنادق الكلاشنيكوف الهجومية والقنابل اليدوية والعبوات المتفجرة الاخرى اليدوية الصنع. اما الاسلحة المتطورة النادرة التي كانوا يملكونها فقد سرقت من مقرات الشرطة.

واوضح الزعيم لوكاس شو أيابا على حسابه في فيسبوك قبل ايام، “نسعى الى تحقيق هدفين في الدفاع عن الوطن: جعله غير قابل للحكم، وزيادة تكلفة +احتلال+ (الجيش الكاميروني)”.

وفي مدينة ايكوم النيجيرية المجاورة للكاميرون، التي يحتشد فيها الاف اللاجئين، يزداد القلق من جراء توسع النزاع. ولم يعثر في نيجيريا على اي معسكر للتدريب، لكن عددا كبيرا من الشهادات التي جمعتها وكالة فرانس برس، تفيد ان شبانا لاجئين يستعدون للذهاب الى “القتال” على طريقتهم.

وهم يلتقون في اطار مجموعات صغيرة لاقامة شعائر وثنية حيث يقومون بجرح جباههم، لمزج دمائهم ب”مشروبات سحرية” تحولهم مقاتلين “لا يقهرون”، كما يسود الاعتقاد.

وتزيد السلطات النيجيرية التي اعتقلت وسلمت اواخر كانون الثاني/يناير 47 ناشطا انفصاليا، من تصريحات الدعم لياوندي، ونشرت جنودا على طول الحدود. لكن ذلك لم يمنع المتمردين الناطقين باللغة الانكليزية من شن هجومات من الاراضي النيجيرية في الاسابيع الاخيرة، كما قال عدد من المصادر الأمنية.

وفي اواخر كانون الثاني/يناير، فجروا عبوة ناسفة على مركز ايكوك الحدودي الكاميروني، وألحقوا أضرارا بمكتب الجمارك.

وقال لورانس اسوكيو، رئيس اجهزة الهجرة في ايكوم “الحقيقة هي ان اعدادا كبيرة من المقاتلين يختبئون بين اللاجئين ويجتازون الحدود عبر الغابة”. واضاف “يهاجمون الجيش الكاميروني، ويلجأون على الفور الى نيجيريا. ومن المتعذر تقريبا ملاحقتهم”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية