مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

البرلمان اللبناني يصادق على حالة الطوارئ في بيروت المنكوية جراء الانفجار

مشهد عام من مدينة بيروت في 12 آب/أغسطس 2020 afp_tickers

صادق البرلمان اللبناني الخميس على حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة عقب انفجار المرفأ المدمر، في وقت تواصل السلطات تحقيقاتها لتوضيح ملابساته، وسينضم الى التحقيق فريق من مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي قريباً.

وعقب الانفجار الذي تسبّب بمقتل 171 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 آخرين، عدا عن مفقودين، يتوالى وصول مسؤولين أجانب الى بيروت للبحث في المساعدات الممكن تقديمها بعد الكارثة على الصعيدين الإنساني والسياسي.

ووصل مساء الخميس إلى بيروت وزير الخارجية الإيراني مجمد جواد ظريف، وكان في استقباله نظيره اللبناني شربل وهبه، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية ذكرت في وقت سابق أن ظريف سيناقش في لبنان “آخر التطورات التي تلت الانفجار المدمر، والمساعدات الإيرانية الجارية ومسائل ثنائية أخرى”.

وتتواجد في لبنان اليوم أيضا وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، ومساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل.

في الكواليس، تتكثّف الاتصالات السياسية في محاولة للاتفاق على هوية رئيس الحكومة المقبل، بعد استقالة الحكومة برئاسة حسان دياب تحت ضغط الشارع الغاضب الذي يحملها، كما لكل الطبقة السياسية التي تحكم لبنان منذ عقود، مسؤولية الانفجار بسبب الاستهتار والفساد وعدم المسؤولية.

وأقرّ البرلمان الخميس إعلان حالة الطوارئ في بيروت لمدة أسبوعين، بعدما كانت الحكومة أعلنتها غداة الانفجار حتى 18 آب/أغسطس. ويمكن للحكومة، وفق القانون، إعلان الطوارئ لثمانية أيام فقط بينما يتوجّب عليها الحصول على موافقة البرلمان في حال تجاوز هذه المدة.

وقال مصدر عسكري لوكالة فرانس برس “حالة الطوارئ سارية منذ أن أعلنتها الحكومة” وهي تعني عملياً “وضع القوى العسكرية كافة تحت إمرة الجيش من أجل توحيد المهمات وتنظيم مرحلة ما بعد الانفجار”.

وتثير حالة الطوارئ التي تتسلّم بموجبها السلطات العسكرية زمام الأمور، مخاوف منظمات حقوقية وناشطين. وعبّرت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش آية مجذوب في تصريح لوكالة فرانس برس عن مخاوف من “استخدام حالة الطوارئ ذريعة لقمع الاحتجاجات والقضاء على المطالب المشروعة لشريحة واسعة من اللبنانيين”.

وقالت “المفكرة القانونية”، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بدرس القوانين وتقييمها، الأربعاء إنّ إعلان الطوارئ “غير مبرر طالما أن الكارثة لم تترافق أقله حتى الآن مع أيّ خطر أمني”.

وأكد المصدر العسكري شدد على أن حالة الطوارئ “لا تتضمن قمع حريات أو أي شيء آخر”، مؤكداً “نحن مع حق التظاهر السلمي حتى خلال حالة الطوارئ”.

– “ردود غير مشجعة” –

ووافق البرلمان في جلسته التي قاطعها حزب القوات اللبنانية (عشرة نواب)، وأقيمت وسط تدابير أمنية مشددة، على قبول استقالة ثمانية نواب كانوا قد تقدموا خطياً بها عقب الانفجار.

ورغم دعوات وجهها ناشطون ومجموعات مدنية للتظاهر قرب مكان اجتماع البرلمان في قصر اليونسكو لمواصلة الاحتجاج حتى استقالة كل النواب، إلا أن الحضور كان خجولاً.

ولم تحدد دوائر القصر الرئاسي بعد موعداً للاستشارات النيابية التي على رئيس الجمهورية أن يجريها مع الكتل الممثلة في البرلمان من أجل تسمية رئيس جديد للحكومة.

ويبدي محللون وناشطون خشيتهم من أن تجد القوى السياسية التقليدية في الدعم الدولي الذي يحظى به لبنان منذ الانفجار فرصة لـ”إعادة تعويم” نفسها خصوصاً بعد تداول تقارير اعلامية عن مسعى لإعادة تسمية سعد الحريري رئيساً للحكومة، في خطوة يتوقع أن تثير غضب الشارع الذي سبق له أن أسقط أيضا حكومة برئاسة الحريري في خريف 2019.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية لفرانس برس إن ما ينتظره المجتمع الدولي هو تشكيل حكومة من “شخصيات تحظى بموافقة الأحزاب السياسية كافة، بشكل مختلف عن الحكومتين السابقتين، شخصيات تحظى بثقة الناس، شخصيات مستقلة”.

وأضافت “الانطباعات الأولية عن ردة فعل اللاعبين الرئيسيين القادرين على التعطيل لم تكن مشجعة”، مشيرة الى أن “انطباعهم هو أنّ ضغط الشارع ليس قوياً بما فيه الكفاية” ليقدموا تنازلات.

– “إرادة الشعب” –

وخلال تجوّله في منطقة الجميزة المتضررة بشدة نتيجة الانفجار في شرق بيروت، أكّد ديفيد هيل استعداد بلاده “لدعم حكومة لبنانية تعكس إرادة الشعب وتستجيب لها وتلتزم وتعمل بصدق من أجل تغيير حقيقي”.

وقال هيل إنّ “مكتب التحقيقات الفدرالي سينضم قريباً إلى المحققين اللبنانيين والأجانب” المولجين التحقيق.

وكان لبنان رفض إجراء تحقيق دولي في القضية. وتم الخميس تعيين القاضي فادي صوان على رأس المجلس العدلي ليتولى القضية.

وتفقدت وزيرة الجيوش الفرنسية بعد وصولها بيروت موقع الانفجار في المرفأ، على أن تستقبل لاحقاً حاملة الحوامات “تونير” التي تقل من فرنسا مجموعة هندسية من القوات البرية ومفرزة غواصين من البحرية، إضافة إلى مساعدات غذائية.

ويواصل ناشطون ومتطوعون تنظيف الركام والقيام بإصلاحات بالحد الأدنى في الأحياء المتضررة، فيما تتواصل عمليات البحث عن أشلاء المفقودين في المرفأ، وبينهم ستة عناصر من فوج إطفاء بيروت كانوا يحاولون إخماد حريق تسبب على ما يبدو بالانفجار في العنبر رقم 12 الذي كان يحوي 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم، بحسب السلطات.

وأعلنت قيادة الجيش الخميس انتشال جثة من داخل سيارة كان قد قذفها عصف الانفجار إلى قعر البحر مقابل المرفأ، إضافة إلى انتشال أشلاء ضحايا من غرفة عمليات الإهراءات.

وبحسب مصادر أمنية وسياسية، فإن السلطات من أجهزة أمنية ومسؤولين سابقين وحاليين كانوا على علم بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ. وحذر جهاز أمن الدولة في تقرير أعده قبل أشهر من أن اشتعال هذه المواد قد يؤدي إلى انفجار مدمّر. وأبلغ في تموز/يوليو كلا من رئاستي الجمهورية والحكومة بالأمر.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية