مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الجنائية الدولية: بريتوريا أخلت بواجباتها بعدم توقيفها البشير

المحكمة الجنائية الدولية ملتئمة في لاهاي في 6 تموز/يوليو 2017 برئاسة القاضي الايطالي كونو تارفوسير والى يمينه القاضي الفرنسي مارك بيرين دو بريشامبو ويساره القاضي الكوري شانغ-هو شونغ. afp_tickers

اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية الخميس ان جنوب افريقيا أخلت بواجباتها بعدم توقيفها الرئيس السوداني عمر البشير، الملاحق بتهم عدة بينها ارتكاب ابادة في دارفور، وذلك خلال زيارته جوهانسبورغ في 2015.

وقال رئيس المحكمة القاضي الايطالي كونو تارفوسر ان “المحكمة خلصت الى ان جنوب أفريقيا لم تحترم طلبها بتوقيف عمر البشير وتسليمه”.

واضاف ان بريتوريا “منعت بذلك المحكمة من ممارسة مهامها المتعلقة بالاجراءات الجنائية الموجهة” ضد الرئيس السوداني.

واعرب رئيس المحكمة عن “الاسف” للخيار الذي اتخذته بريتوريا، موجها من جهة ثانية انتقادا شديدا الى الامم المتحدة التي لم تتخذ اي اجراء بشأن ست احالات اخرى في قضية البشير.

لكن القضاة رفضوا احالة القضية الى مجلس الامن الدولي او الى الجمعية العامة للدول الموقعة على اتفاقية روما، المؤسسة للمحكمة التي يوجد مقرها في لاهاي.

ويمكن لطرفي القضية اي المدعية العامة المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسوده ووكلاء الدفاع عن جنوب افريقيا، الطعن بهذا القرار.

ورغم مذكرتي اعتقال اصدرتهما المحكمة بحق البشير في 2009 و2010 إلا أن الرئيس السوداني لا يزال طليقا وفي منصبه مع تواصل النزاع في اقليم دارفور في غرب البلاد.

وفي 2015 شارك البشير في قمة الاتحاد الافريقي في جوهانسبرغ ورغم المشاورات السابقة بين المحكمة ومسؤولين من جنوب افريقيا الا ان المسؤولين السودانيين دخلوا الى البلاد وخرجوا منها من دون اي عائق.

وفي 2005 طلب مجلس الامن الدولي من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في ارتكاب جرائم في إقليم دارفور حيث قتل 300 ألف شخص على الأقل وتشرد نحو 2,5 مليون اخرين منذ حملت الاقليات الاتنية السلاح ضد حكومة البشير التي يهيمن عليها العرب عام 2003، بحسب ارقام الامم المتحدة.

– “حصانة دبلوماسية” –

وكان محامو بريتوريا قالوا في جلسة عقدت في نيسان/ابريل في المحكمة الجنائية الدولية ان “جنوب افريقيا ليس عليها واجب بموجب القانون الدولي لاعتقال البشير”.

إلا أن المدعي العام للمحكمة جوليان نيكولس رد بالقول ان جنوب افريقيا “كانت قادرة على اعتقاله وتسليمه الا انها اختارت عدم القيام بذلك”.

وأضاف انه في النهاية فإن السبب الوحيد الذي منع بريتوريا من اعتقال البشير هو أن جنوب افريقيا “لا توافق على القانون .. ولذلك لم تطبقه”.

وتعليقا على قرار المحكمة قال يوسف الفاشر الناشط السوداني في مجال الدفاع عن حقوق الانسان الذي يقول انه ضحية لاعمال العنف في دارفور انه “سعيد” بصدور هذه “النتيجة الملموسة” عن المحكمة.

وقال “لم نر منذ وقت طويل نتيجة ملموسة من جانب المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال” البشير.

بدوره قال نيتسانيت بيلاي مدير الابحاث والمرافعات في منظمة العفو الدولية لمنطقة افريقيا ان “سلطات جنوب افريقيا حرمت الضحايا من فرصة مهمة للحصول على العدالة”، مؤكدا ان “الاهم هو ان لا يتكرر مجددا هذا الفشل المعيب”.

وفي بريتوريا اكد حزب المؤتمر الافريقي الحاكم على لسان مسؤولة العلاقات الدولية فيه ادنا موليوا ان قرار المحكمة “لن يغير بالضرورة موقفنا”.

بالمقابل رحب جيمس سيلف زعيم “التحالف الديموقراطي”، اكبر حزب معارض في جنوب افريقيا، بقرار المحكمة، معتبرا انه “يوجه الاتهام للحكومة”.

وعبر سيلف عن قلقه لاصرار الحزب الحاكم في بلاده على الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، وقال “يبدو ان حزب المؤتمر الافريقي مصمم على وضع جنوب افريقيا في صفوف الدول المضمحلة التي تحمي الخارجين على القانون والفاسدين في هذا العالم”.

وينفي البشير الذي يتولى زمام الامور في السودان منذ 1989، كل التهم العشرة الموجهة ضده وبينها ثلاث تهم بارتكاب عمليات ابادة وتهمتان بارتكاب جرائم حرب.

ويواصل الرئيس السوداني رحلاته الخارجية حيث اعلنت الخرطوم الاثنين انه سيزور موسكو لأول مرة في اب/اغسطس.

ولا تمتلك المحكمة الدولية اي قوة شرطة او جهاز لتنفيذ قراراتها وتعتمد على دول اخرى لاعتقال او تسليم المشتبه بهم.

ورغم ان 124 بلدا وقعت على معاهدة روما إلا ان المحكمة تواجه احيانا صعوبات في ارساء شرعيتها، وواجهت العام الماضي انسحابات غير مسبوقة ولاحقتها اتهامات بالانحياز لتركيزها بشكل خاص على جرائم الحرب في أفريقيا.

وقال كارستن ستان المحاضر في القانون الدولي في جامعة ليدن إن المحكمة الجنائية الدولية وجهت بذلك “رسالة مهمة بان الدول لن تتمكن من المساومة على التزاماتها في مجال القانون مع المحكمة”.

وكرر رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما الاسبوع الماضي تاكيد نوايا بريتوريا الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية رغم ان القضاء في البلاد أمر الحكومة في شباط/فبراير بالعودة عن هذا القرار.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية