مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الجهاديون يطلقون سراح مئات المدنيين غداة اخذهم دروعا بشرية من منبج السورية

لقطة من تسجيل فيديو لوكالة فرانس برس بتاريخ 12 اب/اغسطس يبدو فيها سوريون يعودون الى منازلهم في حي السرب في منبج بعد خروج عناصر تنظيم الدولة الاسلامية من المنطقة afp_tickers

اطلق تنظيم الدولة الاسلامية السبت سراح مئات المدنيين بعدما اخذهم دروعا بشرية اثناء خروج آخر مقاتليه من مدينة منبج الاستراتيجية في شمال سوريا، حيث تلقى خسارة هي الاكبر على يد قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن.

وقتل 51 مدنيا على الاقل في مدينة حلب وريفها الغربي مساء السبت، معظمهم جراء قصف مدفعي وجوي لقوات النظام السوري والطائرات الروسية على مناطق تسيطر عليها الفصائل المعارضة، بينما قتل 22 آخرين في محافظة ادلب، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبعد معارك عنيفة استمرت نحو شهرين ونصف شهر، باتت مدينة منبج التي شكلت منذ العام 2014 احد ابرز معاقل التنظيم في محافظة حلب خالية من الجهاديين الذين انسحب من تبقى منهم الجمعة متخذين نحو الفي مدني دروعا بشرية، لتجنب استهدافهم اثناء توجههم الى مدينة جرابلس الحدودية مع تركيا.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “بعد وصول قافلة تنظيم الدولة الاسلامية مساء الجمعة من منبج الى جرابلس وريفها، بات مئات المدنيين بحكم الاحرار”.

واوضح ان “جزءا من المدنيين المختطفين من عائلات الجهاديين، اما الجزء الاكبر فهم مدنيون من سكان منبج، تم استخدام بعضهم دروعا بشرية وآخرون فضلوا الخروح مع عناصر التنظيم”.

واكد مصدر في قوات سوريا الديموقراطية “اطلاق سراح البعض وتمكن آخرين من الفرار على الطريق” الى جرابلس شمالا، من دون ان يكون بوسعه ان يؤكد اذا اطلق سراح جميع المدنيين.

وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، في السادس من الشهر الحالي من السيطرة على منبج مع استمرار عمليات التمشيط لطرد آخر المقاتلين الجهاديين منها، اثر هجوم بدأته في 31 ايار/مايو بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة اميركية.

وتقع منبج على طريق امداد رئيسي لتنظيم الدولة الاسلامية بين الرقة، معقله الابرز في سوريا، والحدود التركية.

– مطالبة بفك الالغام –

تحصن الجهاديون في الايام الاخيرة في منطقة المربع الامني في وسط منبج، قبل انسحابهم تدريجيا في اليومين الاخيرين الى حي السرب على اطراف المدينة قبل خروجهم من المدينة. ويظهر شريط فيديو لوكالة فرانس برس عشرات من المدنيين بينهم نساء واطفال يرفعون شارة النصر ويتجمعون داخل احد احياء المدينة بعد طرد الجهاديين منها.

وتقول المقاتلة في صفوف قوات سوريا الديموقراطية نيروز سركانيه بفخر “نحن الان في منبج بعد تحريرها وتمشيطها من داعش”.

وبعد اقتحامها المدينة، واجهت قوات سوريا الديموقراطية مقاومة شرسة من الجهاديين الذين لجأوا الى زرع الالغام وتفجير السيارات فضلا عن احتجاز المدنيين لاعاقة تقدم خصومهم.

وقال مصدر كردي لوكالة فرانس برس “المعركة كانت قاسية جدا، لاسباب عدة اهمها استخدام المدنيين دروعا بشرية، كما زرع مقاتلو داعش الالغام بشكل لا يوصف”.

وروى ان “احد شهداء قوات سوريا الديموقراطية دخل الجمعة الى منزل وجد فيه حذاء فوق مصحف، وحين اقدم على رفع الحذاء، انفجر المصحف الذي كان مفخخا”.

وطالب جمال ابو العبايبة وهو احد سكان حي الحزاونة في منبج “الجهات المعنية بفك الالغام الموجودة في الحارات” متحدثا عن سقوط قتلى بشكل يومي جراء هذه الالغام.

وفي مقاطع فيديو اخرى من داخل منبج بثتها “كوردستان 24″، وهي قناة كردية تبث من مدينة اربيل العراقية، يقف رجل امام الكاميرا ويقص لحيته بواسطة مقص صغير قبل ان يتوجه الى شخص اخر لقص لحيته ايضا. كما تظهر امراة تحرق النقاب الاسود الذي كانت ترتديه على الرصيف.

– تقلص سيطرة الجهاديين-

ويفرض التنظيم المتطرف في مناطق سيطرته احكاما وقوانين صارمة منها منع الرجال من حلق ذقونهم واجبار النساء على الاتشاح بالسواد تحت طائلة عقوبات قاسية.

وبعد خسارته منبج وهي الخسارة الابرز للتنظيم على يد قوات سوريا الديموقراطية التي طردته من مناطق عدة في شمال وشمال شرق سوريا، بات التنظيم وفق المرصد، يسيطر على 35 في المئة فقط من الاراضي السورية مقابل 50 في المئة العام الماضي، بعدما مني بخسائر مهمة ابرزها في مدينة تدمر (وسط).

والى جانب مدينتي الباب وجرابلس وبلدة دابق ذات الاهمية الرمزية في حلب، يسيطر التنظيم على سبعين في المئة من محافظة الرقة، معقله الابرز في سوريا. كما يسيطر على كامل محافظة دير الزور الحدودية مع العراق باستثناء اجزاء من مدينة دير الزور ومطارها العسكري.

من جهة اخرى، تواصلت المعارك السبت بين قوات النظام والفصائل المقاتلة والجهادية ضمن تحالف “جيش الفتح” وبينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) في جنوب غرب مدينة حلب، حيث تسعى قوات النظام لاستعادة مواقع خسرتها واعادة تطويق الاحياء الشرقية حيث يقيم نحو 250 الف شخص.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “قتل 51 مدنيا على الاقل بينهم اربعة اطفال السبت في مدينة حلب وريفها الغربي”، بينهم 42 في مناطق تحت سيطرة الفصائل المعارضة.

ويتوزع القتلى وفق المرصد، بين “15 قتيلا جراء قصف جوي ومدفعي لقوات النظام على أحياء في شرق مدينة حلب، وتسعة آخرين جراء قذائف اطلقتها الفصائل على احياء تحت سيطرة قوات النظام في غرب حلب”.

كما قتل 27 شخصا آخرين جراء قصف لطائرات سورية وروسية على ثلاث بلدات بينها الاتارب وقرية في ريف حلب الغربي، وفق المرصد.

وفي محافظة ادلب، شنت طائرات سورية واخرى روسية السبت نحو ستين غارة على مناطق عدة ما تسبب بمقتل 22 مدنيا بينهم طفلان، تسعة منهم قتلوا في مدينة ادلب.

ويظهر في شريط فيديو لفرانس برس من مدينة ادلب اطباء وممرضون يعملون على اسعاف المصابين واجراء عمليات داخل احد المشافي الميدانية.

ويوضح الدكتور الجراح حسان ربيع وهو يقف امام غرفة العمليات “غرف العمليات مليئة وتغص بالجرحى” متحدثا عن “حالة هستيرية واصابات حرجة جدا وصلت نسبتها اليوم الى ثلاثين بالمئة من الاصابات واحتاجت الى عمليات جراحية”.

وتتعرض محافظة ادلب التي خرجت عن سيطرة قوات النظام الصيف الماضي ويسيطر عليها جيش الفتح لغارات كثيفة منذ بدء هجوم الفصائل جنوب غرب حلب، وفق المرصد.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية