مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الجيش السوري يكسر حصار تنظيم الدولة الاسلامية لمدينة دير الزور

قوات موالية للحكومة السورية تتجمع على طريق في بير قباقب على بعد 40 كلم غرب دير الزور . afp_tickers

نجح الجيش السوري الثلاثاء في كسر حصار فرضه تنظيم الدولة الاسلامية بشكل محكم على مدينة دير الزور في شرق البلاد منذ مطلع العام 2015 تمهيدا لطرده من المدينة، في هزيمة جديدة تضاف الى سجل الجهاديين.

وفور كسر الحصار، عمّت الاحتفالات في صفوف وحدات الجيش التي التقت في قاعدة اللواء 137 المحاذية لأحياء دير الزور الغربية، وتجمع الاهالي ابتهاجاً بكسر الحصار على وقع تحليق الطائرات السورية والروسية في سماء المدينة.

ويشكل تقدم الجيش نحو دير الزور وفق محللين هزيمة كبيرة لتنظيم الدولة الاسلامية الذي مُني في الاشهر الاخيرة بسلسلة خسائر ميدانية في سوريا والعراق المجاور.

واعلنت قيادة الجيش السوري في بيان الثلاثاء ان وحداتها “بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة وباسناد جوي من الطيران الحربي السوري والروسي (…) تمكنت من فك الطوق عن أهلنا المحاصرين”. واعتبرت أن هذا الانجاز “يشكل تحولاً استراتيجياً في الحرب على الارهاب”.

وجاء هذا الاعلان بعدما أورد الاعلام الرسمي “كسر” الجيش الحصار عن المدينة “بعد وصول قواته المتقدمة من الريف الغربي الى الفوج 137″، وهي قاعدة عسكرية محاذية لاحياء في غرب المدينة يسيطر عليها الجيش السوري وكان يحاصرها الجهاديون.

وهنأ الرئيس السوري بشار الاسد في اتصال اجراه مع قادة الوحدات التي كانت محاصرة في المدينة، بالانجاز الذي تحقق.

وقال وفق ما نقلت حسابات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي “ها أنتم اليوم جنباً الى جنب مع رفاقكم الذين هبوا لنصرتكم وخاضوا أعتى المعارك لفك الطوق عن المدينة وليكونوا معكم في صف الهجوم الأول لتطهير كامل المنطقة من رجس الاٍرهاب”.

ووصفت روسيا، احد ابرز حلفاء دمشق والتي تدعمها عسكريا بالغارات والمستشارين، كسر حصار دير الزور بـ”الانتصار الاستراتيجي المهم جدا”.

وفي طهران، تحدث الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني عن “نجاح لا يقدر بثمن” للجيش السوري وحلفائه في دير الزور.

– عناق وعرض جوي –

في القاعدة العسكرية حيث التقت وحدات الجيش، نقل صحافي متعاون مع وكالة فرانس برس مشاهدته مبادرة الضباط من الجهتين الى تبادل العناق، على وقع هتافات “بالروح بالدم نفديكِ يا سوريا”. ورفع العسكريون علامات النصر واطلقوا النار في الهواء ابتهاجا.

وشاهد بعض الضباط الروس في عداد القوات المتقدمة. وقال انه فور التقاء القوات، حلقت طائرات روسية وسورية في الاجواء.

وقال قائد اللواء 104 في الحرس الجمهوري عصام زهرالدين، الذي كان محاصرا في المدينة وخاض معارك ضد الجهاديين، “اقسمنا بحق الفرات ان دير الزور لن تسقط، اقسمنا ووفينا بالوعد”.

على طول الطريق المؤدية من القاعدة العسكرية الى داخل المدينة، تجمع المدنيون تعبيرا عن ابتهاجهم. وبثت مكبرات صوت في الشوارع اغاني وطنية.

يسيطر التنظيم منذ صيف 2014 على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور النفطية والحدودية مع العراق وعلى نحو ستين في المئة من مساحة المدينة.

ومنذ مطلع العام 2015، تمكن التنظيم من محاصرة أحياء عدة في المدينة ومطارها العسكري لتصبح المدينة الوحيدة التي يحاصر فيها التنظيم الجيش.

وشدد التنظيم مطلع العام الحالي حصاره على المدينة بعد تمكنه من فصل مناطق سيطرة قوات النظام في غربها إلى قسم شمالي واخر جنوبي يضم المطار.

وبدأ الجيش السوري منذ أسابيع عدة عملية عسكرية واسعة باتجاه محافظة دير الزور، وتمكن من دخولها من ثلاثة محاور رئيسية هي جنوب محافظة الرقة، والبادية جنوبا من محور مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي، فضلا عن المنطقة الحدودية مع العراق من الجهة الجنوبية الغربية.

ودخلت القوات المتقدمة من محور الرقة الى قاعدة اللواء 137.

وتتواجد تلك المتقدمة من جبهة السخنة على بعد نحو 35 كيلومترا من المطار العسكري بعدما اضطرت الى التراجع الثلاثاء على وقع هجمات التنظيم، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

– “انتصار نوعي” –

ومن المتوقع ان يخوض الجيش مواجهات شرسة في الايام المقبلة لطرد الجهاديين الذين يطوقون المطار العسكري وعددا من الاحياء المحاذية له.

ومن شأن سيطرة الجيش على كامل مدينة دير الزور أن تجرد التنظيم من احد ابرز معاقله في وقت خسر اكثر من ستين في المئة من مساحة مدينة الرقة، معقله في سوريا، منذ حزيران/يونيو على وقع تقدم قوات سوريا الديموقراطية بدعم اميركي.

وراى الباحث في الشأن السوري ارون لوند في تعليق للصحافيين عبر البريد الالكتروني ان تقدم الجيش “يشكل من الناحية السياسية انتصاراً نوعياً لبشار الاسد ومؤيدي الحكومة السورية وهزيمة كبرى لتنظيم الدولة الاسلامية”.

واعتبر ان ما جرى يبدو وكأنه “نقطة تحول محتملة في الحرب في شرق سوريا”.

وتسبب حصار التنظيم للمدينة بمفاقمة معاناة السكان مع النقص في المواد الغذائية والخدمات الطبية، حيث بات الاعتماد بالدرجة الاولى على مساعدات غذائية تلقيها طائرات سورية وروسية وأخرى تابعة لبرنامج الاغذية العالمي.

ويقدر عدد المدنيين الموجودين في الاحياء تحت سيطرة قوات النظام بنحو مئة الف شخص فيما يتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن وجود أكثر من عشرة الاف مدني في الاحياء تحت سيطرة التنظيم. وتشير تقديرات أخرى الى ان العدد أكبر.

ومن المتوقع دخول شاحنات مساعدات الى المدينة في الساعات المقبلة.

وفي الغوطة الشرقية قرب دمشق حيث يسري اتفاق “لخفض التوتر”، افاد المرصد السوري عن مقتل ستة مدنيين بينهم مدير الدفاع المدني في ريف دمشق نتيجة قصف من قوات النظام لبلدة مسرابا بقذيفتين.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية