مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحرب تقترب من مدينة الحديدة وتحذيرات من تبعات انسانية “كارثية”

صورة التقطت خلال جولة نظمتها القوات اليمنية الموالية للحكومة في 2 حزيران/يونيو على طريق رئيسي في الحديدة. afp_tickers

أطلقت القوات الموالية للحكومة اليمنية الاربعاء هجوما واسعا بهدف اقتحام مدينة الحديدة والسيطرة عليها، في أكبر عملية عسكرية تشنها هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.

ومع وصول القوات المدعومة من التحالف العسكري بقيادة السعودية الى مشارف مطار مدينة الحديدة، تصاعدت ردود الفعل المحذرة من تفاقم الازمة الانسانية بسبب الحرب المحتملة في المدينة والمطالبة باعطاء الجهود السياسية وقتا أطول.

ويعقد مجلس الامن الدولي اجتماعا طارئا الخميس يبحث فيه الهجوم على الحديدة.

وياتي الاجتماع بناء على طلب المملكة المتحدة، احدى الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس والتي طلبت الاربعاء عقد اجتماع مغلق عند الظهر (16,00 ت غ).

وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في بيان “ادعو جميع الاطراف الى احترام القانون الانساني الدولي واعطاء الأولوية لحماية المدنيين”.

وتمثل السيطرة على مدينة الحديدة في حال تحققت أكبر انتصار عسكري لقوات السلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين المتهمين بتلقي الدعم من ايران، منذ استعادة هذه القوات خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015.

وقال قائد ميداني في القوات الحكومية لوكالة فرانس برس “حصلنا على الضوء الاخضر (من التحالف) ونتقدم نحو مطار مدينة الحديدة”.

وأكد قادة ميدانيون آخرون انطلاق العملية عند الساعة 13,15 بالتوقيت المحلي (10,15 ت غ). وقالوا لمراسل فرانس برس في الجاح على بعد نحو 30 كلم جنوب شرق مدينة الحديدة، ان القوات المدعومة من التحالف باتت على بعد أربعة كيلومترات فقط من مطار المدينة الواقع في جنوبها.

وقالت مصادر في التحالف لفرانس برس ان الطائرات شنت غارات على مواقع للمتمردين الحوثيين في محيط المدينة تمهيدا للعملية البرية.

واعلنت الامارات مساء الاربعاء مقتل اربعة من جنودها في اليمن حيث تساند الدولة الخليجية القوات الموالية للحكومة المعترف بها في معركتها للسيطرة على مدينة الحديدة.

وقالت وكالة الانباء الاماراتية الرسمية في بيان “أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة استشهاد أربعة من جنودها البواسل أثناء تأديتهم واجبهم الوطني في عملية +إعادة الأمل+ (…) في اليمن”، من دون ان تحدد تاريخ ومكان مقتلهم.

في المقابل أعلن المتمردون الحوثيون عبر قناة “المسيرة” المتحدثة باسمهم انهم شنوا عمليات ضد القوات الموالية للحكومة في محافظة الحديدة، بينها “استهداف بارجة”.

وذكرت مصادر طبية في محافظة الحديدة لمراسل فرانس برس ان 22 من المتمردين قتلوا في ال24 ساعة الماضية في غارات شنها التحالف، بينما قتل ثلاثة من القوات الموالية للحكومة في هجوم على موقع قريب من الحدود الجنوبية لمدينة الحديدة.

وداخل المدينة، أفاد سكان وكالة فرانس برس عبر الهاتف ان الحذر والقلق يسيطران على الاحياء، مشيرين الى انتشار المسلحين المدججين بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة في الشوارع.

وذكر سكان آخرون عن قيام المتمردين بحفر خنادق، ونشر الدبابات والمدفعية عند اطراف مدينة الحديدة من جميع الاتجاهات.

وقال ايمن عمر (28 عاما) “هناك حالة من الخوف والقلق”، متحدثا عن “انتشار قناصة على أسطح المنازل ونصب المتاريس على الطرقات”.

وأكد من جهته بسام حسن (35 عاما) “اذا طالت المواجهات بين الطرفين فان الخاسر الوحيد في النهاية هم المدنيون”.

– الاحتمال الاسوأ –

يعتبر ميناء مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، المدخل الرئيسي للمساعدات الموجهة الى نحو ثمانية ملايين من السكان معظمهم في المناطق الواقعة تحت سلطة المتمردين. لكن التحالف يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ الى تطلق على السعودية.

وجاء الهجوم الواسع بعدما انتهت مساء الثلاثاء مهلة منحتها الامارات، الشريك الرئيسي في التحالف والتي تقود القوات الموالية للحكومة في محافظة الحديدة، الى الامم المتحدة من أجل التوصل لاتفاق لاخراج المتمردين من مدينة الحديدة.

لكن مبعوث الامم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث أكد الاربعاء ان المفاوضات مستمرة.

وقال في بيان “لدينا اتصالات دائمة مع كل الاطراف المشاركة للتفاوض حول ترتيبات للحديدة تستجيب للمخاوف السياسية والانسانية والامنية لكل الاطراف المعنيين”، داعيا الى “ضبط النفس ومنح فرصة للسلام”.

وكانت الامم المتحدة سحبت في وقت مبكر الاثنين كل موظفيها الدوليين من مدينة الحديدة.

واعربت منظمة الامم المتحدة للطفولة “يونيسف” عن قلقها على حياة نحو 300 ألف طفل في مدينة الحديدة، واوضحت انها تستعد “للاحتمال الاسوأ”. ودعت منظمة العفو الدولية الى ضمان وصول المساعدات الى السكان رغم الحرب، بينما اعتبرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان الحرب ستفاقم الازمة الانسانية في اليمن بشكل “كارثي”. كما قالت منظمة الصحة العالمية ان الحرب تهدد حياة 250 ألف يمني على الأقل.

وفي باريس، دعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى “حل سياسي تفاوضي” في اليمن “بما في ذلك في الحديدة”.

– بداية السقوط؟ –

يشهد اليمن منذ سنوات نزاعا بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين. وتدخلت السعودية على رأس التحالف العسكري في 2015 لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في ايلول/سبتمبر 2014 وبعدها على الحديدة.

وأدى النزاع منذ التدخل السعودي الى مقتل نحو عشرة آلاف شخص واصابة نحو 53 الفا بجروح في ظل أزمة انسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم حاليا.

ولم تحقق القوات الموالية للحكومة انجازا عسكريا كبيرا منذ استعادة السيطرة على خمس محافظات في العام 2015. وتبعد الحديدة نحو 230 كلم عن العاصمة صنعاء.

وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا نعت مساء الثلاثاء المفاوضات السياسية لاخراج المتمردين من ميناء الحديدة. وقالت في بيان ان “تحرير الميناء يمثل بداية السقوط للحوثيين”.

واعتبر وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حسابه بتويتر ان “تحرير المدينة والميناء سيخلق واقعا جديدا ويعيد الحوثيين الى المفاوضات”.

واعلنت من جهتها ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي عن “خطة شاملة وواسعة النطاق” وضعها التحالف لتسليم المساعدات الإنسانية إلى مدينة الحديدة والمناطق المحيطة بها.

وقالت في بيان نشرته وكالة الانباء الرسمية “لدينا سفن وطائرات وشاحنات مزودة بإمدادات غذائية وأدوية لتلبية الاحتياجات الفورية للشعب اليمني”.

واكد محافظ الحديدة الحسن طاهر لفرانس برس ان السلطة المعترف بها “قادرة على تولي ادارة الميناء”، مضيفا “نريدها حربا خاطفة وسريعة، لكن لا يمكن تحديد الحرب بيومين”.

في المقابل دعا الحوثيون في بيان الى “الضغط باتجاه وقف التصعيد في الساحل الغربي وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات السلام”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية