مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحكم على رئيسة كورية الجنوبية المقالة بالسجن 24 عاما بتهم الفساد

انصار الرئيسة الكورية المعزولة بارك غوين-هي يتظاهرون أمام المحكمة في سيول الجمعة 6 نيسان/ابريل 2018 afp_tickers

أصدرت محكمة في سيول حكما بالسجن 24 عاما بحق الرئيسة الكورية الجنوبية المعزولة بارك غيون-هي بتهمة الفساد لتنهي بذلك فصل سقوط أول امرأة تتولى قيادة البلاد اصبحت شخصية مثيرة للسخرية والغضب.

والمحاكمة التي استمرت أكثر من 10 أشهر انتهت بادانة بارك بعدة تهم جنائية منها تلقي رشى واستغلال السلطة.

ووصف خلف بارك الحكم بأنه “حدث مفجع” للأمة والرئيسة السابقة نفسها.

وقال القاضي كيم سي-يوون “إن المتهمة استغلت السلطة التي منحها الشعب — الحاكم الفعلي لهذه البلاد — لتثير الفوضى في الادارة الوطنية”.

واضاف القاضي “رغم كل تلك الجرائم نفت المتهمة كافة الاتهامات ضدها، ولم تظهر أي ندم وعبرت عن موقف غامض بتوجيه اللوم لشوي … ومسؤولين آخرين” في إشارة إلى صديقة بارك المقربة شوي سوون-سيل.

دينت بارك (66 عاما) بتلقي رشى أو طلب أكثر من 20 مليون دولار من شركات ضخمة، ومشاركة وثائق سرية للدولة مع شوي وتوجيه الاوامر لمسؤولين بوقف الدعم الحكومي عن فنانين “على لائحة سوداء” لانتقادهم سياساتها، وطرد مسؤولين تحدوا استغلالها للسلطة.

وكشفت فضيحة الفساد الكبيرة عن علاقات مشبوهة بين شركات ضخمة والسياسة في كوريا الجنوبية مما تسبب باحتجاجات شعبية عارمة ضد بارك العام الماضي.

لكن الحكم الصادر الجمعة قوبل باستياء في الشارع قرب المحكمة حيث كان مئات من انصار بارك يتظاهرون ملوحين باعلام كورية.

وجلس العديد من المتظاهرين على الرصيف يبكون فيما بدأ آخرون تظاهرة احتجاجية.

وقالت إحداهم وتدعى هان غيون-هيونغ (27 عاما) “إن حكم القانون في هذا البلد مات اليوم”.

ولم تحضر بارك الجمعة جلسة النطق بالحكم، والتي كانت تبث وقائعها مباشرة على التلفزيون في اجراء نادر. وامتنعت بارك عن حضور معظم الجلسات احتجاجا على اعتقالها.

وأمامها الان سبعة ايام لاستئناف الحكم.

أصبحت بارك ثالث رئيس سابق كوري جنوبي تتم ادانته بتهم جنائية بعد مغادرته المنصب، بعد إدانة كل من تشون دوو-وهان وروه تاي-وو بتهم الخيانة والفساد في تسعينيات القرن الماضي.

وسلف بارك في منصب الرئاسة لي ميونغ-باك موقوف حاليا فيما يحقق المدعون في عدة تهم بالفساد تطاله مع عدد من أقاربه.

وقال القاضي كيم سي-يوون إنه أصدر حكما قاسيا “لمنع تكرار عمل مؤسف كهذا”.

وقالت الرئاسة الكورية الجنوبية في بيان “كل شخص لديه شعور مختلف بشأن الرئيسة السابقة بارك غيون-هي. لكن جميعنا يشعر اليوم بالكآبة”.

واضاف “إنه حدث مفجع للأمة وكذلك لحياة ذلك الشخص. إن التاريخ الذي لا يتم تذكره، قد يتكرر. لن ننسى هذا اليوم”.

– راسبوتين كوريا –

بارك هي ابنة الدكتاتور بارك شونغ-هي قُتل والداها اغتيالا. تولت الحكم في 2013 رمزا للمحافظين وصورت نفسها في دور ابنة الامة — غير الفاسدة التي لا تدين بالفضل لأحد.

وبعد أقل من أربع سنوات تم عزلها وتجريدها من كافة السلطات وأقيلت من منصبها بعد اشهر من احتجاجات عارمة نزل فيها الملايين إلى شوارع سيول ومدن اخرى.

وتسبب ذلك في تصاعد فضيحة فساد تطال بارك وشوي واتهامات بالاختلاس واستغلال النفوذ وتلقي رشى من شركات عملاقة مقابل امتيازات.

وصب جام الغضب الشعبي على علاقة بارك بشوي واتهامات بأنها سمحت لصديقة الطفولة، التي لم يكن لديها منصب رسمي أو ترخيص أمني، بالتدخل في شؤون الدولة ومنها لقاءات رفيعة المستوى وإعداد خطابات رسمية.

وشوي ابنة شخصية دينية مشبوهة كان مساعدا لبارك لعقود حتى وفاته في 1994. وحوكمت في إجراءات منفصلة وصدر في شباط/فبراير حكم بسجنها ما يصل إلى 20 عاما.

ودانتها وسائل الاعلام وقالت إن لديها تأثير “يشبه تأثير راسبوتين” على بارك، ودينت شوي باستغلال علاقاتها الرئاسية للحصول بالاكراه على عشرات ملايين الدولارات من شركات كورية جنوبية. ومن تلك الشركات سامسونغ عملاق تصنيع الهواتف الذكية، وشبكة المتاجر العملاقة لوتي.

– لا ندم –

نال الرئيسان السابقان شون وروه عفوا رئاسيا بعد أن أمضى كل منهما نحو سنتين في السجن، وهو امتياز قد لا يشمل بارك لسنوات عدة، بحسب جيونغ هان-وول المحلل في مركز الابحاث “سيول هانكوك ريسرتش”.

وقال جيونغ لفرانس برس “لقد نفت بارك كافة التهم ضدها ولم تعبر عن الندم — قانونيا وكذلك سياسيا — على أكثر الفضائح السياسية الصادمة على الارجح في تاريخنا الحديث”.

واضاف “نظرا لأن سلوكها والغضب الشعبي إزاء فضيحتها لا يزال ماثلا، سيكون من الصعب خلق بيئة سياسية تسمح بالافراج عنها في وقت قريب”.

وتولى سلف بارك، اليساري مون جاي-ان الرئاسة لاسباب أهمها الغضب الشعبي الكبير منها ومن حزبها المحافظ، مما يقلل آمال منحها عفوا من جانب الادارة الحالية، بحسب جيونغ.

وهناك بعض التعاطف المتبقي لبارك لدى قاعدة مؤيديها الذين دائما ما نظروا إليها كبطلة كرست حياتها لخدمة بلادها رغم مأساة طفولتها.

وزاد واقع عدم زواجها وإنجابها من جاذبيتها خصوصا وسط ميول العديد من المسؤولين البارزين إلى المحسوبيات.

ولكن بالنسبة للشريحة الواسعة من الكوريين، فإنها قد سقطت إلى الأبد، وسيذكرها التاريخ كأول امرأة انتخبت ديموقراطيا لكن أول زعيم منتخبة تُقال من منصبها.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية