مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحياة تستأنف بهدوء في جزر بحيرة تشاد رغم تهديد بوكو حرام

نساء تشاديات يحملن السجاد وبعض الأمتعة الأخرى أثناء سفرهن إلى جزيرة ميديكوتا على بحيرة تشاد في 22 تموز/يوليو 2017 afp_tickers

سكان بحيرة تشاد الذين ينشر صيادوهم الشباك تحت اشعة الشمس، ويتوجه مزارعوهم الى حقول الذرة، يتحدون تهديد بوكو حرام بعودتهم الى الجزر التي غادروها اتقاء لنيران هجمات شنتها المجموعة الجهادية النيجيرية قبل سنتين.

وامام ما تبقى من منزل عائلي بين قصب جزيرة تشوكولي (تشاد) التي تبعد مسافة ساعة بقارب من الضفة الشمالية لبحيرة تشاد، يقول غاو موسي “قتلوا شقيقي وهربنا”. وبعد ثلاث سنوات، لا يزال القش والخشب المحروق متناثرا على الارض.

وابتداء من 2014-2015، قامت جماعة بوكو حرام بعمليات سلب ونهب وقتل وخطف ونفذت اعتداءات انتحارية، في الجزر الواقعة الى الجانب التشادي والتي تعد بالمئات، في هذه المنطقة شمال نجامينا الموزعة بين اربعة بلدان هي نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد.

وجاء المبعوثون الاوائل لبوكو حرام الى مساجد القرى في الجزر للدعوة الى تبني مفهومهم للقرآن. ويتذكر محمد مبو زعيم قرية في جزيرة بوغويرمي المجاورة تلك الفترة، بقوله “كانوا يعدوننا بالجنة والمال وحور العين…”.

ويقول سكان ان الذين كانوا يبدون كثيرا من المقاومة لدعوات الجماعة الإسلامية، كانوا يتعرضون للذبح.

وعلاوة على ذلك، وجد سكان الجزر مثل أعضاء اتنية بودوما انفسهم بين ناري الجهاديين والجيش.

وتروي امرأة في الثالثة والخمسين من العمر لكنها تبدو اكبر بعشر سنوات بسبب آثر الجوع على وجهها، ان “الجيش جاء وأحرق القرية بعد هجوم بوكو حرام، لانه كان يخلط بيننا وبينهم”.

وقال زعيم بوغويرمي محمد مبوه الذي ينتمي الى هذه الاتنية، ان “الاتنيات الاخرى والجيش ادركوا تدريجيا اننا نحن ايضا ضحايا، لأنهم يجمعون جثث البودوما في الادغال”.

ولمواجهة التهديد، قررت الحكومة التشادية اغلاق حدودها مع نيجيريا، وإفراغ الجزر من سكانها الذين لم يكونوا قد هربوا منها بعد الى اليابسة.

ويقوم الجيش التشادي اليوم بدوريات على المياه وشواطىء الجزيرة، بمساعدة “لجان اليقظة” المؤلفة من مدنيين، ثم يبدأ الناس بالعودة.

– اقتصاد بطيء –

قال محمد مبوه (60 عاما) احد زعماء هذه القرية التي تضم 500 شخص “عدنا الى قرية بوغويرمي قبل سبعة اشهر لأننا تبلغنا بأن عناصر بوكو حرام لم يعودوا الى هنا، وان الجيش يفرض الأمان في القرى”. واضاف “لكن تصلنا من حين الى آخر، يوميا، شائعات تفيد ان عناصر بوكو حرام مختبئون في مكان ما”.

ويعيش هذا الرجل العجوز “في سلام”، لكنه يقول انه سمع تبادلا لاطلاق النار الشهر الماضي، ولم يعرف هل ان مصدرها معركة مع المجموعة الاسلامية ام لا.

وعلى الرغم من وطأة بوكو حرام، يفضل المزارع مال كالو استقلاله في الجزيرة على الحياة في مخيمات المهجرين على اليابسة حيث ادى سوء التغذية الى انتفاخ بطون الأطفال.

وقال هذا المزارع (41 عاما) الذي فر قبل سنتين الى إيغا التي تبعد ساعات بالقارب والمشي والطريق “قبل سنة، عدت لأرى ما كنت قد حرثته قبل هجوم بوكو حرام، لكن حيوانات فرس النهر دمرت كل شيء مع الاسف”.

وباتت الحياة في الجزر التي أتلفت حقولها وتوقفت حركة الملاحة فيها وباتت ماشيتها شبيهة بالهياكل العظمية، بالغة الصعوبة في الجزر التي يقطنها سكان كانوا ضعفاء اساسا قبل وصول بوكو حرام الى تشاد.

ونجمت عن اقفال الحدود مع نيجيريا عواقب اقتصادية وخيمة، فتوقفت المبادلات مع القطب الرئيسي للتنمية الاقتصادية في كامل منطقة البحيرة.

واضاف المزارع “كنا من قبل نمارس التجارة على نطاق ضيق مع نيجيريا. لكن هنا، لم يعد في وسعنا القيام بذلك، لان السلطات اغلقت الحدود قبل سنوات من اجل التصدي لتقدم بوكو حرام”.

وفي الاجمال، تهجر ما يزيد على مليوني شخص. ويعول اكثر من 11 مليون شخص على المساعدة الانسانية التي غالبا ما تكون غير كافية، في البلدان الاربعة القريبة من البحيرة.

وما زال يتعذر على سكان القرى الوصول الى عدد كبير من الجزر، لانها لا تزال بالغة الخطورة. فعلى الجانب الاخر لحدود نيجيريا، قتلت بوكو حرام 31 صيادا في جزر البحيرة مطلع آب/اغسطس.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية