مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الدول النفطية تتعهد احترام اتفاق خفض الانتاج

من اليمين: وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك ووزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان والأمين العام لأوبك محمد باركيندو ووزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، خلال اجتماع في ابوظبي الخميس 12 أيلول/سبتمبر 2019 afp_tickers

تعهّدت الدول النفطية في أبوظبي الخميس التقيد باتفاق خفض الانتاج الهادف إلى تحقيق توازن بين العرض والطلب، من دون الحديث عن خفض إضافي، في ما بدا مؤشرا الى قلة الخيارات في سوق تتأثر بالحرب التجارية الاميركية الصينية.

وقادت السعودية الدعوات لالتزام الاتفاق، أملا في أن يؤدي توازن السوق إلى رفع الأسعار المتذبذبة، وسط توجيه بعض الدول أصابع الاتهام إلى العراق ونيجيريا بتجاوز المستوى المحدد لهما للانتاج اليومي.

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان على هامش اجتماع للجنة الوزارية المكلّفة متابعة تنفيذ الاتفاق “على كل دولة أن تنّفذ التزاماتها”، مشدّدا على “أهمية المحافظة على التماسك داخل (منظمة الدول المصدّرة) أوبك والمنتجين من خارجها وفي مقدمتهم روسيا”.

وشدّد الوزير وهو أول أمير يتولى وزارة النفط الحيوية على “الهدف الرئيس للسياسة النفطية للمملكة والمتمثل في تعزيز استقرار أسواق النفط العالمية”، مؤكّدا في هذا الإطار أن بلاده “ستواصل خفض إنتاج النفط بوتيرة تفوق حصتها في الاتفاق” حتى نهاية العام.

وكانت المملكة خفّضت انتاجها أكثر مما طلب منها للمساعدة على إنجاح الاتفاق الحالي الذي تم التوصل إليه في بداية العام وينص على خفض الانتاج بمعدل 1,2 مليون برميل يوميا.

وأوضح الأمير عبد العزيز، نجل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، “سيبلغ إنتاج المملكة النفطي 9,890 ملايين برميل يومياً” في تشرين الأول/اكتوبر المقبل، أي أقل من 10 ملايين برميل، وهو المعدل الذي حافظت السعودية على وتيرته خلال الأشهر الماضية.

كما قالت الإمارات إنّها ستقدم على خفض إضافي في انتاجها الشهر المقبل، بينما تعهّد العراق ونيجيريا خفض انتاجهما بنحو 230 ألف برميل يوميا.

وقال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق “نجدد التزامنا الشديد بالتنفيذ الكامل”، مضيفا “صادرات أيلول/سبتمبر ستكون أقل بكثير من آب/أغسطس، وسيكون هناك خفض أكبر في تشرين الاول/اكتوبر”.

– “شفافية” –

تتحرّك أسعار الخام حاليا حول مستوى 60 دولارا للبرميل بعدما كانت تراجعت إلى مستوى الـ50 دولارا قبل بضعة أشهر، علما أنها كانت قد وصلت إلى 70 دولارا قبل نحو عام.

وساعدت اتفاقات خفض الانتاج في السابق على زيادة الأسعار، لكن الاتفاق الأخير بداية هذا العام لم يؤد إلى نتائجه المرجوة، بحيث واصلت الأسعار انحدارها على الرغم من الموافقة على تمديد خفض الانتاج لتسعة أشهر إضافية بدءا في حزيران/يونيو الماضي.

وتبحث الدول المنتجة للنفط في خيار إقرار خفض جديد في انتاجها. وتتجه الأنظار إلى السعودية، القائد الفعلي لمنظمة اوبك، لتحديد موقفها من هذا الخيار نظرا للانعكاسات السلبية المحتملة للخطوة على إيراداتها.

لكن اللجنة الوزارية لم تعلن بعد انتهاء اجتماعها الـ16 في أبوظبي توصية لزيادة خفض الانتاج لرفعها إلى اجتماع مهم للدول النفطية في فيينا في كانون الأول/ديسمبر المقبل، وشدّدت في بيان على ضرورة “الالتزام والشفافية”.

كما أعلنت عن اجتماع جديد لها في فيينا في كانون الأول/ديسمبر قبل لقاء الدول النفطية.

وكان وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي أكّد الأحد أن الدول المنتجة للنفط ستقوم “بكل ما هو ضروري” لتحقيق التوازن في سوق الخام.

إلا أنّه حذر في الوقت ذاته من أن قرار زيادة خفض الانتاج اليومي المتفق عليه، قد لا يكون الخطوة المثلى لرفع الأسعار بسبب التداعيات المحتملة للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

– نمو ضعيف –

تلعب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين دورا رئيسيا في هذا الأمر، إذ أن التلويح بفرض الضرائب اثار خشية من انكماش اقتصادي على مستوى العالم قد يقوّض الطلب على النفط.

وبحسب الخبير الاقتصادي اولي هانسان، فإنّ السوق لم تعد تثق بان “اوبك والدول الاخرى قادرة على رفع الاسعار”، مضيفا في حديث لوكالة بلومبرغ المالية “بامكانهم التحكم بالانتاج وليس بالطلب”.

وتزامنا مع اجتماع أبوظبي الخميس، ذكرت وكالة الطاقة الدولية أنّها تتوقع أن يبقى نمو الطلب العالمي على النفط ضعيفا بسبب ضعف الاقتصاد وتأثير الخلافات التجارية.

وقالت الوكالة التي تتخذ من باريس مقرا في تقريرها الشهري إن “العلاقات التجارية الدولية شهدت مزيدا من التدهور في الأسابيع الأخيرة، لكن مفاوضي الولايات المتحدة والصين أعلنوا أن المفاوضات التجارية ستستأنف مطلع تشرين الأول/أكتوبر”.

وأضافت أن “الخلافات التجارية وتزايد الشكوك بشأن تأثير خروج المملكة المتحدة الممكن من الاتحاد الأوروبي يؤديان إلى خفض النمو العالمي عبر إضعاف ثقة قطاع الأعمال والمستهلكين، وإعادة تقييم سلسلة الإمدادات، وتقليص الاستثمار وخفض التجارة بشكل مباشر”.

وفي مواجهة هذه الشكوك، أبقت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها لنمو الطلب في 2019 و2020، التي كانت خفضتها الشهر الماضي، بلا تغيير عند 1,1 مليون برميل يوميا و1,3 مليون برميل على التوالي.

وأشارت إلى أن نمو الطلب في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بلغ 0,5 مليون برميل يوميا وتراجع إلى 0,2 مليون برميل يوميا في حزيران/يونيو.

وقالت “للنصف الثاني من 2019، لا نتوقع مزيدا من التدهور في الأجواء الاقتصادية والخلافات التجارية”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية