مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السعودية تصعد خطابها حيال ايران على خلفية اعتراض صاروخ اطلقه الحوثيون

المتحدث الرسمي لقوات تحالف دعم الشرعية في اليمن العقيد الركن تركي المالكي خلال مؤتمر صحافي في الرياض بتاريخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 afp_tickers

تصاعد التوتر بين المملكة السعودية وايران حيال النزاع في اليمن بشكل خطير الاثنين مع تهديد الرياض بتحرك “بالشكل المناسب” ضد طهران على خلفية اتهامها بدعم القدرات الصاروخية للمتمردين الحوثيين.

وصدر التهديد في خضم حملة سياسية واقتصادية واعلامية تشنها السعودية ضد ايران لمقارعة نفوذها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، مدفوعة بضوء اخضر من ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب.

وتقف القوتان الاقليميتان، السعودية وايران، على النقيض في العديد من ملفات المنطقة. ويقول مراقبون انهما تخوضان حروبا بالوكالة في نزاعات الشرق الاوسط، الا ان التهديد بعمل عسكري مباشر يدفع الخصومة بينهما الى مرحلة أكثر خطورة.

ومساء السبت، أعلنت السعودية ان قواتها اعترضت فوق مطار الرياض صاروخا بالستيا أطلقه المتمردون الحوثيون في اليمن باتجاه العاصمة، ما أدى الى سقوط شظايا منه في حرم المطار.

ورغم ان الصاروخ لم يعطل حركة الملاحة الجوية، الا انه يشكل بالنسبة للسعوديين تهديدا جديا، إذ انه عبر مسافة تقدر بنحو ألف كلم انطلاقا من أقرب نقطة حدودية بين شمال اليمن وجنوب المملكة.

وسارعت الرياض الى تحميل طهران المسؤولية في إطار دعمها للحوثيين الشيعة بالسلاح والمال، وهددت بالرد ليس على المتمردين فقط، وانما على ايران ايضا.

وتقود السعودية منذ آذار/مارس 2015 تحالفا عسكريا في اليمن دعما للحكومة المعترف بها وفي مواجهة المتمردين المتحالفين مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.

وافاد بيان للتحالف نشرته وكالة الانباء الرسمية السعودية “ثبت ضلوع النظام الإيراني في إنتاج هذه الصواريخ وتهريبها إلى الميليشيات الحوثية في اليمن، بهدف الاعتداء على المملكة وشعبها ومصالحها الحيوية”.

ورأى التحالف إن “التورط” الإيراني يعتبر “عدواناً عسكرياً سافراً ومباشراً (…) وعملا من أعمال الحرب ضد المملكة”.

وأكدت قيادة التحالف “احتفاظ المملكة بحقها في الرد على إيران في الوقت والشكل المناسبين الذي يكفله القانون الدولي ويتماشى معه واستناداً إلى حقها الأصيل في الدفاع عن أراضيها وشعبها ومصالحها”.

ولاحقا، كتب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في تغريدات على تويتر “التدخلات الإيرانية في المنطقة تضر بأمن دول الجوار وتؤثر على الأمن والسلم الدوليين، لن نسمح بأي تعديات على أمننا الوطني”.

واضاف “تحتفظ المملكة بحق الرد بالشكل والوقت المناسبين على تصرفات النظام الإيراني العدائية، ونؤكد أن لا تسامح مع الارهاب ورعاته”.

من جهته، كتب وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف على حسابه في تويتر ان السعودية “تعمد الى تفتيت اليمن عبر قصفها الذي يقتل الاف الابرياء بينهم رضع، وتنشر الكوليرا والمجاعة، لكنها تتهم ايران طبعا”.

واضاف جواد ظريف في تغريدة اخرى ان السعودية “تشن حروبا عدوانية وتمارس طغيانها في المنطقة وتمارس سلوكا استفزازيا ينطوي على اخطار ويتسبب بعدم الاستقرار. ثم تحمل ايران مسؤولية تداعيات افعالها”.

وكان الناطق باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي رفض في بيان اتهامات التحالف الذي تقوده السعودية واصفا اياها بانها “مجحفة وغير مسؤولة ومخربة واستفزازية”.

واعتبر ان اطلاق الصاروخ هو “رد مستقل ويعود سببه الى الاعتداءات السعودية وليس الى اجراءات او تحريك من اي دولة اخرى”.

ودعا الرياض الى “الابتعاد عن الاسقاطات والاتهامات الجوفاء والعمل على وقف الهجمات ضد الشعب اليمني البريء والاعزل في اسرع وقت وتمهيد الطريق للحوار بين اليمنيين بهدف احلال السلام في هذا البلد”.

– اغلاق ومكافآت –

وفي وقت ينشغل السعوديون بالبحث في القدرات التي مكنت الصاروخ اليمني من اجتياز مسافة طويلة، قررت المملكة الاغلاق الموقت لكل المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية.

وتابع بيان التحالف “من أجل سد الثغرات الموجودة في إجراءات التفتيش الحالية والتي تسببت في استمرار تهريب تلك الصواريخ والعتاد العسكري إلى الميليشيات الحوثية (…)، قررت قيادة قوات التحالف الإغلاق المؤقت لكافة المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية”.

لكنه اشار الى مراعاة “استمرار دخول وخروج طواقم الإغاثة والمساعدات الإنسانية وفق إجراءات قيادة قوات التحالف المحدثة”.

ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا داميا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية. وسقطت صنعاء بأيدي المتمردين المتحالفين مع أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في أيلول/سبتمبر من العام نفسه. وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية في آذار/مارس 2015.

وخلّف النزاع اكثر من 8650 قتيلا واكثر من 58 الف جريح منذ التدخل السعودي، بحسب ارقام الامم المتحدة، وتسبّب بانهيار النظام الصحي، وتوقف مئات المدارس عن استقبال الطلاب، وانتشار مرض الكوليرا، وأزمة غذائية كبرى.

وتطالب منظمات دولية اطراف النزاع بفتح مطار صنعاء والموانئ اليمنية امام الحركة التجارية من اجل تجنب المجاعة.

وفي موازاة قرار إغلاق المنافذ، أعلنت السعودية لائحة تضم أسماء أربعين مسؤولا في صفوف الحوثيين، وقررت صرف مكافآت مالية (تبلغ قيمتها الاجمالية 440 مليون دولار) لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى اعتقال احدهم.

وضمت اللائحة زعيم المتمردين عبد الملك بدر الدين الحوثي ورئيس المكتب السياسي صالح علي الصماد، ولم تشمل علي عبدالله صالح .

وبلغت قيمة المكافأة المالية لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى اعتقال زعيم المتمردين 30 مليون دولار، و20 مليون دولار لمن يساهم في اعتقال الصماد. وتراوحت قيمة المكافآت الاخرى بين 20 وخمسة ملايين دولار.

– سياسة واقتصاد –

وقبيل حادثة الصاروخ اليمني فوق الرياض، شهد الصراع السعودي الايراني جولة عراك سياسي مهمة تمثلت في اعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض، استقالته من منصبه، حاملاً على إيران وحزب الله.

ورأى محللون ان اعلان الاستقالة المفاجئ السبت من السعودية يبرز حدة الصراع المتنامي بين طهران والرياض خصوصا في وقت توشك الحرب في سوريا والعراق ضد تنظيم الدولة الاسلامية على الانتهاء. وتسعى السعودية الى منع ايران من استثمار نتائج الانتصار على التنظيم في هذين البلدين حيث تحظى طهران بنفوذ كبير.

واعتبر الامين العام لحزب الله حسن نصرالله، حليف ايران القوي، الاحد ان استقالة الحريري “قرار سعودي أملي” عليه.

وكان الحريري التقى قبيل اعلان استقالته ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي ينظر اليه على انه الحاكم الفعلي في السعودية. ويتبنى المسؤول الشاب (32 عاما) سياسة متشددة تجاه طهران مدعوما بضوء أخضر من ادارة ترامب التي تتبنى سياسة مماثلة.

وفي الاشهر الاخيرة، سعت السعودية الى مواجهة النفوذ الايراني في العراق ايضا من بوابة الاقتصاد، فأسست مجلسا للتعاون الاقتصادي، ووجهت طائراتها المدنية بالهبوط في بغداد، وزار مسؤولون كبار فيها العاصمة العراقية، مشددين على رغبة المملكة في المساهمة في اعادة الاعمار في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة الاسلامية.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية