مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصين تدعم بورما في أزمة الروهينغا حرصا على مصالحها في هذا البلد

صورة التقطت في 1 حزيران/يونيو 2012 لاعمال بناء مستوعبات للنفط في موقع تشغله شركة النفط الوطنية الصينية في كيوكبيو في ولاية راخين في بورما afp_tickers

يشكل دعم الصين لبورما حول أزمة الروهينغا امرا نادرا بالنظر الى العزلة الدولية التي يعيشها هذا البلد على خلفية الملف لكن التحدي بالنسبة الى الصين يقوم على حماية المشاريع الضخمة التي اطلقتها في منطقة النزاع والواقعة على احد “طرق الحرير الجديدة”.

في نيسان/ابريل، خصص الرئيس الصيني شي جينبينغ استقبالا ضخما لنظيره البورمي هتين كياو مشددا على ضرورة “اطلاق العمل بأسرع ما يمكن” في مشاريع تعاون حيوية.

من بين هذه المشاريع، “المنطقة الاقتصادية الخاصة في كياوكبيو” المدينة في ولاية راخين التي تبعد 200 كلم جنوب المنطقة التي نزح عنها مئات الاف الروهينغا في الاسابيع الاخيرة هربا من العملية العسكرية التي يشنها الجيش البورمي وقالت الامم المتحدة انها “تطهير اتني”.

وعززت الصين المستثمر الاول في بورما، في السنوات الاخيرة موقعها في هذه المنطقة من غرب البلاد حيث تعيش أقلية الروهينغا المسلمة.

وتعتبر المنشآت في راخين حيوية بالنسبة الى الصين التي تسعى الى ضمان أمن الانابيب التي تنقل النفط والغاز الطبيعي من الشرق الاوسط الى اقليم يونان (جنوب غرب الصين)، بحيث يتم تفادي مضيق ملقة بين ماليزيا واندونيسيا.

تقول شركة “سي آي تي آي سي” القابضة العملاقة الحكومية في الصين ان مشروع “طرق الحرير الجديدة” ينص على استثمار أكثر من تسعة مليارات دولار في مرفأ للمياه العميقة في كياوكبيو بالاضافة الى إنشاء منطقة اقتصادية ضخمة على مساحة الف هكتار.

ويربط بين راخين ويونان انبوب نفط ضخم انشئ في نيسان/ابريل الماضي بعد ان استغرق سبع سنوات، بكلفة 2,45 مليار دولار بحسب “سي آي تي آي سي” التي تولت الاشراف على الاعمار، ساهمت بورما ب1,20 مليارا منها بينما تكفلت الصين ب1,24 مليارا الباقية.

– جلسة لمجلس الامن الخميس –

تقول صوفي بواسو دوروشيه من معهد جنوب شرق آسيا لدى المعهد الفرنسي للدراسات الدولية ان “المشاريع الكبرى” لبكين هي سر هذا الدعم الذي لا يتزعزع لبورما.

من المفترض ان يكون للصين مداخلة الخميس أمام مجلس الامن الدولي التي هي عضو دائم فيه والذي يعقد جلسة جديدة للتباحث في الازمة المستمرة في غرب بورما.

من المتوقع ان تظل بكين على موقفها القائم على “دعم جهود بورما من اجل الحفاظ على استقرار نموها الوطني”، بحسب تعبير وزارة الخارجية الصينية في اواسط ايلول/سبتمبر الحالي.

ويشكل النمو الاقتصادي للزعيمة البورمية اونغ سان سو تشي ركيزة عل المدى الطويل للمنطقة التي تعتبر من الاكثر فقرا في البلاد اذ تبلغ نسبة الفقر فيها 78% أي ضعف المعدل الوطني.

في كانون الثاني/يناير 2016، تحدث نائب رئيس قسم الاعمار لدى “سي آي تي آي سي” يوان شاوبين عن “تقاسم ارباح المشروع مع بورما والسكان المحليين”، مشيرا الى بناء 50 عيادة و50 مدرسة في المنطقة، لكن هذه الوعود لم تتحقق بعد.

تقول الكسندرا دي ميرسان الباحثة لدى المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية (اينالكو) والمتخصصة في ولاية راخين ان “المشاريع الضخمة للصين في ولاية راخين اثارت استياء كبيرا لدى السكان المحليين الذين لا يرون اي فوائد ايجابية له”.

ونددت اللجنة الدولية برئاسة الامين العام الاسبق للامم المتحدة كوفي انان في تقرير نشر في آب/اغسطس بان الارباح “يتم تقاسهما بين نايبيداو (بورما) والشركات الاجنبية” وبالتالي “فان الحكومة ينظر عليها على انها جهة تستغل” السكان.

– ثروات جوفية –

على غرار مناطق عدة اخرى في بورما، تضم راخين ثروات جوفية هائلة خصوصا الغاز ولذلك لا يستغرب بعض الخبراء ان يكون للتحديات الاقتصادية دور في الازمة الحالية.

تقول ساسكيا ساسين عالمة الاجتماع التي وضعت كتاب بعنوان “عمليات طرد: العنف والتعقيد في الاقتصاد العالمي” ان “مصالح أخرى غير الدين ربما لها دور في القمع” الحالي.

وحتى فترة قصيرة كانت راخين محمية نسبيا بالمقارنة مع الولايات المتحدة من عمليات استيلاء رجال اعمال مقربين من الجيش على اراض، لكن هذه المعطيات تغيرت.

وتضيف ساسين “الارض باتت ثمينة بسبب مشاريع الصين… والاراضي التي باتت شاغرة بعد الطرد الجذري للروهينغا منها ترتدي اهمية اكبر بالنسبة الى الجيش”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية