مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الضربات على سوريا او “اشكالية” تجاوز القانون الدولي لفرض احترامه

صورة نشرتها البحرية الأميركية في 7 آب/أغسطس 2013 تظهر مدمرة أميركية لصواريخ موجهة في نورفولك في ولاية فيرجينيا afp_tickers

تبدو باريس وواشنطن مستعدتين للاستغناء عن قرار دولي لمعاقبة دمشق التي تتهمانها بتنفيذ هجوم كيميائي ضد الشعب السوري، مهددتين بالردّ عبر ضربات لا يقرها القانون الدولي، لكنهما تعتبرانها ضرورية أخلاقياً من أجل فرض احترام هذا القانون.

وأكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الخميس أنه يملك “الدليل” على تورط نظام الرئيس السوري بشار الاسد في هجوم كيميائي مفترض على دوما في السابع من نيسان/أبريل. وكان ماكرون قد هدد على غرار نظيره الأميركي دونالد ترامب بتنفيذ ضربات للردّ على هذا الهجوم.

وكتبت وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة على حسابها على موقع تويتر، “دوما، سوريا: يجب علينا اتخاذ التدابير اللازمة” مرفقة التغريدة بمقطع فيديو يشرح الموقف الفرنسي.

من جانبه قال وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس الخميس أمام الكونغرس لدى تطرقه الى احتمال شنّ هجمات وشيكة من الاميركيين والفرنسيين وربما ايضا البريطانيين، “اننا نسعى لوقف قتل الابرياء”.

وتقول واشنطن وباريس إن الهجوم على دوما الذي أدى الى مقتل أكثر من 40 شخصاً بحسب منظمات محلية، هو انتهاك لمعاهدة حظر الاسلحة الكيميائية التي وقعتها سوريا عام 2013.

وتوضح المديرة القانونية لمنظمة “أطباء بلا حدود” فرنسواز سولينيه أن “انتهاك المعاهدات لا يعطي الحق باستخدام القوة”.

وفي حال شنّت فرنسا والولايات المتحدة، العضوان الدائمان في مجلس الأمن الدولي، ضربات ضدّ النظام السوري، فلن تتمكنا من الاستناد إلى أي من المبررات الثلاثة التي تسمح باستخدام القوة المسلحة، بحسب القواعد التي تفرضها الأمم المتحدة.

وهذه المبررات هي موافقة مجلس الأمن المستبعدة بسبب الفيتوات الروسية المتكررة، طلب الدولة المعنية تدخلا عسكريا، أو المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة التي تقر بحق اي دولة في الدفاع عن نفسها اذا تعرضت لهجوم.

واستند الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند إلى المادة 51 هذه لشنّ ضربات على الأراضي السورية، في أعقاب هجمات نفذت عام 2015، بحجة أن الجهاديين الموجودين في المنطقة يشكلون تهديداً لفرنسا.

– “مجرد تمويه” –

لجعل ردّهما العسكري مشروعا، تطرح واشنطن وباريس خطوتهما المحتملة بوصفها ضرورة أخلاقية لمواجهة الرئيس بشار الأسد، الذي يصفه ترامب بأنه “وحش يقتل شعبه بالغاز ويستمتع بذلك”.

ورأى رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الفرنسي جان جاك بريداي أن “هناك قرارات اتخذت في منظمة الأمم المتحدة، اليوم قد نكون خارج اطار هذه القرارات، الا أننا في اطار الشرعية الدولية. هذا الديكتاتور يذبح شعبه ويقوم بذلك بصورة متعمدة”. وشدد على “المشروعية الأخلاقية” للضربات المقترحة.

من جهته، سأل الخبير في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ديدييه بيون “كيف يحق لفرنسا والولايات المتحدة قصف دولة، تحت أي شعار؟”. وأشار الى أن “المشروعية الأخلاقية هي الفخ المطلق، لأن ما هو أخلاقيّ بالنسبة لكم، ليس (أخلاقيا) بالنسبة لي… انه مجرد تمويه لا يمكن القبول به”.

وأوضح القاضي والرئيس الفخري للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان باتريك بودوان أن البعض “يتجاوز القانون الدولي بهدف فرض احترامه”. واعتبر أن “ذلك يلبي فكرة أن هناك نوعا من القانون الدولي الانساني النابع من +مسؤولية الحماية+. لكن القانون الدولي لا ينص على ذلك”.

وقالت فرانسواز سولينيه من منظمة أطباء بلا حدود إن “مسؤولية الحماية وحق التدخل مفهومان خاليان من اي مبدأ قانوني يسمح بتبرير استخدام القوة خارج اطار المسؤولية”.

وأضافت “الأمر الخطير هو أن الغرب الذي يشارك أصلاً في سوريا في حرب ضد جهات غير تابعة لدولة، يخاطر بتصعيد نحو نزاع دولي بين دولة وأخرى، في محاولة لايجاد مكان على طاولة المفاوضات” لحلّ النزاع السوري.

وتابعت “لشدة ما تعرضت له الشرعية الدولية من خروقات، فاننا نخسر المكتسبات القانونية التي تحققت بعد الحرب العالمية الثانية”، منددة بـ”دبلوماسية المدافع”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية