مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القضاء الكيني يبطل نتائج الانتخابات الرئاسية في قرار “تاريخي”

زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا في صورة ملتقطة في 28 آب/أغسطس 2017 في نيروبي afp_tickers

قضت المحكمة العليا في كينيا الجمعة بإبطال نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 8 آب/اغسطس وأمرت بتنظيم اقتراع جديد خلال مهلة شهرين، في قرار مفاجئ سرعان ما رحّبت به المعارضة ووصفته بأنه “تاريخي”.

وهي المرة الأولى التي تبطل فيها محكمة نتائج انتخابات في عموم القارة الإفريقية بحسب المعارضة الكينية، ملغية بذلك نتائج الاقتراع الذي أسفر عن فوز الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا.

ورأى رئيس المحكمة القاضي ديفيد ماراغا أن الانتخابات الرئاسية “لم تجر بما يتوافق مع الدستور”. وقال “جوابا على ما إن كانت المخالفات قد أثرت على مصداقية الانتخابات، فإن رأي المحكمة هو كذلك فعلا”.

وأضاف القاضي إن كينياتا الذي تنافس مع رايلا أودينغا “لم يُنتخب ولم يعلن رئيسا بطريقة صالحة”.

من جهته قال كينياتا انه “غير موافق” على قرار المحكمة العليا لكنه “يحترمه”.

وصدر هذا الحكم فيما كانت قوات كبيرة من الشرطة تنتشر في محيط المحكمة. وفور الإعلان عنه علت هتافات أنصار أودينغا.

ورحب أودينغا، وهو زعيم ائتلاف “التحالف الوطني العظيم” (ناسا) المعارض بهذا الحكم القضائي الذي وصفه بأنه “تاريخي”. وقال “إنه يوم تاريخي للشعب الكيني وأيضا لشعوب القارة الإفريقية”.

ووجه القاضي اللوم إلى اللجنة المشرفة على الانتخابات، وقال إنها “فشلت وأهملت أو رفضت” تنظيم العملية الانتخابية بما يتوافق مع الدستور، متحدثا عن مخالفات في إصدار النتائج.

– مصداقية المحكمة –

وكان اللجنة المشرفة على الانتخابات أعلنت في الحادي عشر من آب/أغسطس فوز كينياتا البالغ من العمر 55 عاما، والذي انتخب للمرة الأولى في العام 2013، وقالت إنه حصل على 54,27 % من الأصوات وإن منافسة أودينغا نال 44,74 % من الأصوات.

وأودينغا البالغ من العمر 72 عاما سياسي معارض منذ زمن طويل، وسبق أن خسر الانتخابات ثلاث مرات في الأعوام 1997 و2007 و2013.

وفور انتهاء عملية الاقتراع، سارعت المعارضة إلى الحديث عن تزوير وقررت أن ترفع الأمر إلى المحكمة العليا واضعة مصداقيتها على المحك.

ثم تقدمت المعارضة قبل أسبوع بطعن امام المحكمة العليا في نتائج الانتخابات، مشيرة الى أن “العملية بأكملها، بدءا من التصويت والتسجيل والنقل والتحقق وتأكيد النتائج، كانت عرضة للتزوير بشكل لا يمكن فيه الحديث عن نتائج ذات معنى”.

وسبق أن واجهت المحكمة انتقادات حين رفضت في العام 2013 طلبا ماثلا تقدم به زعيم المعارضة، مستندة إلى اجتهاد قانوني غير حاسم.

وبسبب ذلك، رفض أودينغا في أول الأمر تقديم طعن إلى المحكمة، ثم عاد واستجاب لضغوط الائتلاف والمجتمع الدولي.

وأعقب الإعلان عن فوز كينياتا في الحادي عشر من آب/أغسطس يومان من أعمال العنف المتفرقة.

وقتل 21 شخصا من بينهم طفل وفتاة في التاسعة، أثناء التظاهرات وأعمال الشغب التي قمعتها الشرطة بعنف.

وفي هذا البلد الذي ما زال يستذكر أعمال العنف الدامية التي وقعت بعد الانتخابات في 2007 و2008 وراح ضحيتها أكثر من 1100 قتيل، اقتصرت الاحتجاجات هذه المرة على معاقل المعارضة في الأحياء الفقيرة في نيروبي، وفي الغرب.

– أخطاء “محسوبة” –

وقال محامو المعارضة في المحكمة إن العملية الانتخابية “جرت بشكل سيّئ وشابتها مخالفات بحيث لم يعد من المهم معرفة من فاز او من تم اعلانه فائزا”، وأن فرز النتائج شابته أخطاء “مقصودة ومحسوبة” لتضخيم عدد الأصوات الذي ناله كينياتا، وتقليل نتائج خصمه.

واتهموا اللجنة المشرفة على الانتخابات بالتأخر في الإعلان عن نتائج بعض مكاتب الاقتراع والدوائر، الأمر الذي أتاح التلاعب بالنتائج.

وحصلت المعارضة على حق الاطلاع على وثائق أصلية تعود للجنة الانتخابات وخوادم معلوماتية ومعطيات من النظام الذي يتعرّف على شخصية الناخب. وسمح ذلك للمحامين بالعثور على مخالفات يقولون إنها تطال خمسة ملايين صوت.

وأقرت اللجنة بوجود “أخطاء بشرية سببها عدم الانتباه”، لكنها أكّدت أنها صححتها ووصفتها بأنها بسيطة جدا بحيث لا يمكن أن تؤثر على النتائج الإجمالية.

وكان محامو كينياتا شددوا على أن الفرق الكبير في عدد الأصوات (أكثر من 1,4 مليون صوت)، والنتائج الكبيرة التي حققها الحزب الحاكم في انتخابات الحكام ومجلس الشيوخ والنواب في اليوم نفسه، لا تدع مجالا للشك في أنه الفائز الحقيقي.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية