مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القضاة اليونانيون يتهمون الحكومة بشن حملة لاخضاعهم

متظاهرون يرفعون لافتات كتب عليها "ارفعوا ايديكم عن حياتنا" خلال مسيرة في أثينا بتاريخ 18 تموز/يوليو، 2017، بعدما رفضت محكمة تعليق الحكم الصادر بحق الطالبة اريانا، المتهمة بالانضمام إلى مجموعة فوضوية يسارية afp_tickers

رد القضاة في اليونان بغضب على جملة من الانتقادات ساقتها الحكومة بحقهم بشأن أحكام صدرت مؤخرا، مشبهين ذلك بحملات القمع التي تشنها السلطات في تركيا وبولندا.

وفي بيان احتجاج خلال عطلة نهاية الأسبوع، أفادت رابطة القضاة والمدعين أن الحكومة “تحاول بشكل منهجي إخضاع القضاء والسيطرة عليه”.

وأضافوا أن “الوزراء والنواب يطلقون اتهامات لا أساس لها بشكل يومي (…) إنهم يسعون إلى تقليص هيبة نظام العدالة اليوناني (…) على خطى تركيا وبولندا”.

وأضافت الرابطة أنه “بإمكان الشعب اليوناني فهم الأخطار التي تمثلها (سلطة) تنفيذية شرهة تسعى إلى العمل بدون ضوابط”.

واندلع الخلاف عقب قرار المحكمة في وقت سابق هذا الشهر سجن خريجة جامعية شابة متهمة بارتباطها باحدى الجماعات اليسارية المتشددة الأكثر نشاطا في البلاد.

وحكم على خريجة العلوم اللغوية البالغة من العمر 29 عاما والتي تم التعريف عنها باستخدام اسمها الأول، اريانا، بالسجن 13 عاما في حزيران/يونيو بتهمة التواطؤ مع مجموعة “مؤامرة خلايا النار” الفوضوية.

وتفيد الشرطة أنها وجدت رابطا بينها وبين جزء من بصمة على مخزن طلقات احد المسدسات وجد مخفيا مع أسلحة أخرى في احدى حدائق اثينا عام 2011.

وتنفي اريانا الاتهامات الموجهة إليها فيما يشير فريق الدفاع عنها الى أن البصمات التي تم العثور عليها مجتزأة لدرجة تجعل شبه مستحيل استخدامها كدليل قاطع.

وأشعل التحرك لسجنها تظاهرات غاضبة في وقت سابق من هذا الشهر، حضر بعضها أعضاء من حزب رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس “سيريزا” اليساري.

وتوالت هجمات الوزراء والنواب على القضاء على خلفية الحكم.

وكان بين المنتقدين وزير العدل ستافروس كونتونيس الذي وصف قرار منع الإفراج عن اريانا بانتظار الاستئناف “مفاجأة غير سارة”.

واعتبر في كلمة أمام أعضاء البرلمان الأسبوع الماضي أن “أقل ما يمكن قوله هو إنه من الغريب أن يسمح بالإفراج عن أشخاص مدانين بتهريب المخدرات بانتظار المحاكمة” فيما تسجن اريانا.

– “سجلات معتمة” –

من جهته، وصف المتحدث باسم الحكومة اليونانية ديميتريس تزاناكوبولوس الخطوة بـ”التطور السيء” الذي سيضاف إلى سجلات العدالة اليونانية المعتمة”.

وفي محاولة لتخفيف حدة الغضب، ألقى رئيس أكبر محكمة إدارية يونانية — مجلس الدولة — خطابا نادرا تطرق فيه إلى القضية الاثنين.

وقال نيكوس ساكيلاريو “القضاة (…) لا يتلقون الأوامر” من الحكومة والنواب، مضيفا أن “على القضاة أن يكونوا محايدين سياسيا”.

ويبدو أن ساكيلاريو اختار موعد القاء خطابه بعناية حيث تزامن مع الذكرى الـ43 لعودة الديموقراطية إلى اليونان بعد ديكتاتورية قمعية استمرت سبعة أعوام.

ومنذ تشرين الأول/اكتوبر، أثارت صحيفة مؤيدة للحكومة غضب القضاة عندما ذكرت عشية صدور حكم مهم بشأن مناقصة تتعلق بقناة تلفزيونية خاصة، أن أحد قضاة المحكمة التي تنظر في القضية سبق أن أقام علاقة غير شرعية.

وفي هذا السياق، أشارت رابطة القضاة الأحد إلى أن الحكومة “استخدمت أقذر الوسائل المتوفرة للدولة — صحافيون تم الدفع لهم — من أجل السيطرة على القضاء”.

ولكن هناك أصواتا تدعو كذلك إلى ضرورة الرقابة على القضاء. فقبل عقد صدرت احكام قاسية بحق عدد من القضاة بعدما دينوا بتلقي رشاوى، والابتزاز، واستغلال السلطة.

وفي قضية ثانية أزعجت الحكومة، طلب مدعي المحكمة العليا إعادة فتح التحقيق المتعلق بالمدير السابق لجهاز الاحصاء اليوناني، وهي قضية تحاول إدارة تسيبراس طيَّها منذ زمن طويل.

ويواجه رئيس جهاز الاحصاء انرياس جورجيو اتهامات بأنه ضخم أرقام العجز في اليونان بهدف مساعدة الدائنين الدوليين على فرض شروط أقسى لخطة انقاذ عام 2010 التي تبلغ قيمتها عدة مليارات يورو.

وبدا أن الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس، الذي يعد بين أهم خبراء القانون في اليونان، وحليف تسيبراس، يوجه اللوم إلى الحكومة الاثنين فقال “لا يمكن للمرء العيش إلا وسط حرية تؤمن فصلا بين السلطات”.

وأضاف في خطابه في ذكرى عودة الديموقراطية أن على القضاء العمل “بدون تدخل أو انحياز” ويستحق أن “تُحترم استقلاليته” عن السلطات التنفيذية والتشريعية.

– “خطير للغاية” –

ويشير خبراء إلى أن النزاع يهدد بتعميق الشرخ في البلد الأوروبي الذي يعاني أصلا من ضغوط هائلة جراء أزمة مالية مستمرة منذ سبعة أعوام.

من جهته، قال استاذ القانون في جامعة “اريستوتيليو”، غريغوريس كالفليس، لإذاعة بلدية اثينا إن “على القضاة التخفيف من حدة نبرتهم، ولكن على الحكومة كذلك فهم حدودها”.

وحذر مدع طلب عدم الكشف عن هويته من أن “هذا خطير للغاية”.

وأضاف في تصريحات لوكالة فرانس برس “إنه اعتداء مؤسساتي يقوض الديموقراطية” معتبرا أن نزاع الحكومة مع القضاة هو حالة من “جنون الارتياب”.

والقضاة هم بين آلاف الموظفين الحكوميين الذين استهدفتهم الحكومة التركية في حملة قمع عقب محاولة الانقلاب التي استهدفت الرئيس رجب طيب اردوغان العام الماضي.

أما في بولندا، فأقر مجلس الشيوخ السبت تعديلا يحيل كل قضاة المحكمة العليا على التقاعد على الرغم من تحذيرات الاتحاد الاوروبي وواشنطن والتظاهرات الضخمة رفضا للاجراء الذي يعزز سيطرة السلطة السياسية على المحكمة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية