مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القوات العراقية تستعيد آخر بلدة سيطر عليها الاكراد في محافظة كركوك

عنصر من القوات الاتحادية العراقية يلوح بالعلم العراقي في سيارة عسكرية في مدينة كركوك في 20 تشرين الاول/اكتوبر 2017 afp_tickers

استعادت القوات العراقية الجمعة السيطرة على التون كوبري، آخر البلدات التي كانت تحت سيطرة القوات الكردية في محافظة كركوك والتي تبعد 50 كلم عن اربيل، كبرى مدن إقليم كردستان.

وتهدف السلطات الاتحادية إلى إعادة نشر قواتها في جميع المناطق التي بسطت حكومة إقليم كردستان سيطرتها عليها وسط أجواء الفوضى التي نتجت عن هجوم الجهاديين على شمال البلاد وغربها عام 2014.

وقال مصدر أمني لوكالة فرانس برس إن “وحدات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الارهاب دخلت الى وسط ناحية التون كوبري وسط اشتباكات لكنها تمكنت من اقتحامها ورفع العلم العراقي على مبنى الناحية”.

وأعلنت قيادة العمليات المشتركة ان “قطع جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي تعيد انتشارها وتفرض الامن والنظام في ناحية التون كبري التابعة لمحافظة كركوك، والمدينة تحت سيطرة قواتنا الاتحادية”.

من جهته، أوضح مدير المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء حيدر حمادة لفرانس برس “على بركة الله بدأت عملية فرض الامن واعادة انتشار قواتنا البطلة في ناحية التون كوبري التابعة لمحافظة كركوك”، مضيفا “مستمرون باعادة الانتشار وفرض السلطة الاتحادية”.

وتوقفت المعارك مساء بعدما دارت خلال النهار اشتباكات استخدمت فيها قذائف الهاون والأسلحة الأوتوماتيكية في المنطقة.

ورغم ذلك، “تمكنت القوات العراقية من شن الهجوم (…) ورفع العلم العراقي على مقر بلدية” ألتون كوبري، بحسب ما قال مسؤول أمني لفرانس برس طلب عدم كشف هويته.

واقتحمت القوات العراقية الناحية من محورين وبُثت صور للقوات المشتركة وهي تجوب شوارع البلدة الواقعة شمال مدينة كركوك وعلى الطريق الرئيسية باتجاه أربيل.

وأكد المسؤول الأمني أن “السكان استقبلوا القوات العراقية بالفرح والزغاريد”.

وانسحبت القوات الكردية باتجاه مدينة اربيل، لكنها فجرت بشكل جزئي الجسر الرئيسي الذي يربط أربيل بمحافظة كركوك لإعاقة تقدم القوات العراقية.

ويهدف تفجير الجسر إلى وقف تقدم القوات ومنعها من الوصول الى حاجز التفتيش الرئيسي الذي اقامته سلطات اربيل في حزيران/يونيو 2014 داخل حدود كركوك الادارية.

وعبّرت وزارة الخارجية الأميركيّة الخميس عن “قلقها” من اعمال العنف في شمال العراق، وطلبت من الجيش العراقي ان يحدّ من تحرّكاته بالقرب من كركوك في المنطقة المتنازع عليها بين بغداد والاكراد.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركيّة هيذر نويرت في بيان انه “تجنّبًا لايّ سوء فهم او مواجهات جديدة، نطلب من الحكومة المركزيّة تهدئة الوضع من خلال الحد من تحركات قواتها (المسلّحة) الاتحاديّة في المناطق المتنازع عليها” والقيام حصرًا بالتحرّكات “التي تم تنسيقها مع حكومة اقليم كردستان”.

-تقدم في محافظة نينوى-

وتتبع ناحية ألتون كوبري أو (بردى) بالكردية قضاء الدبس في محافظة كركوك، ويسكنها نحو 56 ألف مواطن من مختلف القوميات، وتضم 36 قرية على مساحة 530 كلم مربع.

ويعبر البلدة التي تبعد 45 كلم عن كركوك نهر الزاب الكبير. وهي ضمن المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 من الدستور العراقي.

وقتل خلال الاشتباكات ضابط في قوات البشمركة برتبة لواء، بحسب مصادر أمنية.

وقال قائد محور جنوب كركوك في قوات البشمركة القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وستا رسول إن “المعركة في كركوك أسفرت عن استشهاد 26 مقاتلا من البشمركة وإصابة 67 آخرين بجروح”.

واستغلت القوات الكردية انهيار الجيش العراقي عام 2014 لاقامة هذا الحاجز الامني الكبير الذي يطلب من المواطنين العراقيين غير الاكراد الراغبين في الدخول الى اربيل، الحصول على تأشيرة.

ويبدو أن القوات العراقية الاتحادية تسعى إلى اعادة القوات الكردية إلى الحاجز الامني القديم قرب اربيل.

وشاركت أربعة أفواج من مكافحة الإرهاب ومثلها من الجيش ولواء من الشرطة الاتحادية والفرقة التاسعة في العملية.

وفي وقت لاحق، أعلنت قيادة العمليات المشتركة أن “قطعات الفرقة 15 في الجيش العراقي تحكم السيطرة على ناحيتي زمار وعين زالة بالكامل، في شمال غرب نينوى، والتابعتين لقضاء تلعفر”.

وأضافت في بيان أنه “تمت السيطرة على حقول نفط بطمة وعين زالة وعلى جميع الآبار البالغ مجموعها 44 بئرا نفطيا”.

ورغم أن تقدم القوات لم تتخلله مواجهات تذكر، أعلنت شركة النفط العملاقة الأميركية شيفرون الجمعة تعليق عملياتها “مؤقتا” في كردستان العراق، مشيرة إلى أنها تواصل “مراقبة الوضع” في المنطقة.

-“محاولات إبادة جماعية”-

وأصدر رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بيانا ليل الجمعة وصف فيه تحركات القوات العراقية بأنها “تجاوز واضح على الدستور العراقي”.

وخاطب بارزاني “ضمائر شعوب العالم والرأي العام الداعم للحرية وجميع المثقفين في كل العالم، أن يساندوا شعب كردستان وأن يقفوا أمام محاولات الإبادة الجماعية التي تهدد بها الحكومة العراقية شعبنا، وان يمنعوا حدوث كارثة جديدة ضد شعب كردستان وان يضغطوا على حكوماتهم ومراكز القرار ليتدخلوا ضد هذا الظلم”.

يأتي تقدم القوات العراقية غداة ترحيب حكومة اقليم كردستان بالدعوة التي وجهها رئيس الوزراء حيدر العبادي للحوار الثلاثاء بعد العملية العسكرية الواسعة واستعادة المناطق المتنازع عليها وضمنها مدينة كركوك التي كان يسيطر عليها الاكراد.

وفرضت السلطات الاتحادية هذا الاسبوع السيطرة على جميع الحقول النفطية في محافظة كركوك بعد انسحاب قوات البشمركة ما يقضي الى حد كبير على أحلام إقليم كردستان العراق بالاستقلال.

ويمثل تقدم القوات العراقية نقطة تحول في العملية التي بدأتها الحكومة المركزية وسجلت العديد من الانتصارات ذات الرمزية المهمة والكبيرة بعد ثلاثة اسابيع على استفتاء في الاقليم حول الاستقلال بمبادرة من مسعود بارزاني الذي بات يتعرض لانتقادات حادة حتى من أطراف موالية في اربيل.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية