مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القوات المسلحة الثورية الكولومبية تنتقل من التمرد الى العمل السياسي

قائد حركة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) كارلوس لوزادا في مقابلة مع وكالة فرانس برس في 09 آب/اغسطس 2017، وخلفه صور القادة السابقين للحركة afp_tickers

انتقلت “القوات المسلحة الثورية الكولومبية” (فارك) الى الميدان السياسي من دون الاستعانة بالسلاح حين افتتحت الاحد مؤتمرا مهمته تحديد خط الحزب السياسي الذي ستتحول اليه أقدم حركة تمرد في الأميركيتين، بعدما وقعت اتفاق السلام في تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال قائدها الاعلى رودريغو لوندونو امام 1200 مندوب أتوا من المعاقل السابقة للتمرد الذي انهى عملية تسليم سلاحه في 15 آب/اغسطس، ان “القوات المسلحة الثورية تتحول الى منظمة جديدة سياسية حصرا، وستمارس نشاطها بوسائل شرعية”.

ووسط تصفيق مساعديه الذين اجتمعوا للمرة الاولى بصورة علنية في بوغوتا، اضاف “سنواصل النضال من اجل نظام ديموقراطي يضمن السلام في العدالة الاجتماعية”.

ورحب الرئيس خوان مانويل سانتوس بهذا الحدث، وقال “من كان يظن ان هذا ممكن قبل بضع سنوات؟”. واضاف ان “ما يتعين علينا فعله الان، هو ان نتصالح”.

وسيحدد المؤتمر الذي يعقد جلسات مغلقة معظم الوقت حتى الخميس، خط الحركة اليسارية الجديدة واسمها.

– معضلة اسم الحزب-

بدأت القوات المسلحة الثورية أعمال المؤتمر بالنشيد الوطني قبل نشيدها، اللذين انشدهما مندوبو حوالى 7000 مقاتل في حركة التمرد السابقة، والبلدان الضامنة لاتفاق السلام، ومنها كوبا، فقدمت بذلك دليلا رمزيا آخر الى اندماجها في الحياة المدنية.

وسيختار المؤتمر المرشحين الى انتخابات 2018. ثم يتم الاعلان رسميا عن الحزب في ساحة بوليفار التي تعد موقعا رمزيا للسياسة الكولومبية يضم البرلمان وعلى بعد خطوتين منه القصر الرئاسي.

ومن المتوقع حصول جدال حاد حول اسم الحزب. وقد اقترح ايفان ماركيز الذي فاوض باسم فارك في محادثات السلام، اسم “القوة البديلة الثورية في كولومبيا”. وفي خطاب استغرق القاؤه الاحد اكثر من 50 دقيقة، شدد على ان تصبح فارك “حزبا ثوريا”.

لكن تسمية “كولومبيا الجديدة” هي التي فازت خلال استفتاء اطلقه رودريغو لوندوفو الثلاثاء على تويتر، بحصولها على 36% من 10.387 تصويتا.

وقال المحلل فريدريك ماسي من جامعة اكسترنادو ان هذا النقاش يعكس “معضلة” عناصر فارك. واضاف ان “البعض يريد الاحتفاظ بكلمة +ثوري+ فيما يريد آخرون تغييرا ليؤكدوا بذلك ان ما يحصل بداية جديدة”.

وسيختار المندوبون خلال المؤتمر عشرة مرشحين الى البرلمان المؤلف من 268 مقعدا. ويتعين على هؤلاء النواب الخمسة وعناصر مجلس الشيوخ الخمسة الذين يتم اختيارهم لولايتين، ان يترشحوا بصورة رمزية الى الانتخابات المقبلة. لذلك يأمل التمرد السابق في “توسيع هذا التمثيل”.

واستبعد رودريغو لوندونو امكانية طرح مرشح رئاسي في كانون الاول/ديسمبر، موضحا ان عناصر فارك سيدعمون الشخص الذي سيضمن احترام الاتفاق.

وقال باستور ألاب العضو الآخر في قيادة فارك، ان الحركة الماركسية السابقة التي تأسست في 1964، تدعو اليوم الى “مزيد من التقارب السياسي الذي يتجاوز حدود اليسار”.

-ثقل صورة سلبية-

اعتبر السناتور اليساري ايفان كيبيدا ان ما يحصل “إسهام كبير في السياسة وفي الديموقراطية في كولومبيا”. واعرب رئيس الحزب الشيوعي كارلوس لوزانو عن تأييده قيام تحالف “من اجل جبهة موسعة تنطلق من اتفاق هافانا”.

لكن عناصر فارك سيواجهون عددا كبيرا من التحديات. وقال فريدريك ماسي ان عليهم يثبتوا “انهم قادرون… على ممارسة السياسة بطريقة أخرى” من دون ان يستغرقوا في ممارسات “المحسوبية والمافيا والسياسة التقليدية”.

وفيما تلوح المعارضة اليمينية بشبح “كاسترو-التشافيزية”، اكد القائد السابق للتمرد كارلوس انطونيو لوزادا لوكالة فرانس برس ان لا علاقة لمستقبل الحزب “بالنماذج الاجنبية” كالنظامين الكوبي بزعامة فيدل كاسترو او الفنزويلي بزعامة هوغو تشافيز.

ويعاني التمرد السابق من صورة سلبية تفوق 80% في استطلاعات الرأي. وما زال الكولومبيون متأثرين بالمجازر وعمليات الخطف التي قام بها.

وشاركت في النزاع الذي استمر عقودا، قوى الأمن وقوات شبه عسكرية وحركات تمرد أخرى، منها جيش التحرير الوطني -حركة التمرد الاخيرة التي نشطت خلال محادثات السلام، وارسلت الأحد “سلامها الاخوي” الى القوات المسلحة الثورية.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال العضو السابق في فارك خوسيه ادوين ارياس (36 عاما) “سنبدأ من دون سلاح مشروع المجتمع الذي ناضلنا في سبيله سنوات عديدة”. وقد خسر ارياس يديه الاثنتين بينما كان “يعطل متفجرات” خلال هذه الحرب التي اسفرت عن اكثر من 260 الف قتيل وحوالى 60 الف مفقود و7,1 ملايين مهجر على الأقل.

لكن التفاؤل ليس شاملا. وقال ارفين رومانا (53 عاما) منها 30عاما في حركة التمرد، “نحن خائفون… من اغتيال قادتنا”، ملمحا الى عمليات قتل قادة سابقين في فارك منذ اتفاق السلام.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية