مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المحور المدعوم من إيران يحسم معركة رئاسة البرلمان العراقي

الحلبوسي في صورة التقطت من شريط فيديو وزعه البرلمان العراقي السبت في 15 ايلول/سبتمبر 2018 afp_tickers

انتخب البرلمان العراقي السبت لقيادته مرشحين مدعومين من التحالف المقرب من إيران، ما يؤكد أن هذا الائتلاف بات في موقع يؤهله تشكيل الحكومة المقبلة إلى جانب رجل الدين البارز مقتدى الصدر.

وانتخب النواب الذين وصلوا إلى البرلمان في الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 أيار/مايو الماضي، محافظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي، رئيسا لمجلس النواب، وكان مدعوما من تحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري المقرب من إيران.

وبعيد ذلك، انتخب المجلس نائبا أولا للحلبوسي، هو حسن كريم، مرشح ائتلاف “سائرون”، والقائمقام السابق لمدينة الصدر.

وبعد تسعة أشهر من إعلان “النصر” على تنظيم الدولة الإسلامية، وفي خضم أزمة اجتماعية وصحية، استأنف العراق السبت عملية تجديد قياداته التي انطلقت في انتخابات أيار/مايو، في ما يبدو خطوة أولى في اتجاه تشكيل حكومة جديدة، بعد شلل سياسي لأكثر من أربعة أشهر.

-“2-0 لصالح إيران”-

وفي بداية هذه العملية “تمكنت إيران من تسجيل نقطتين، فيما خسرت الولايات المتحدة ثلاث نقاط”، حسبما قال المحلل السياسي هشام الهاشمي لوكالة فرانس برس.

ويشير الهاشمي إلى أن قائد فيلق القدس الإيراني “قاسم سليماني نجح في توحيد البيت الشيعي، والإيفاء بالوعود للسنة الذين انضموا إليه”.

أما في الثانية، فإن المبعوث الأميركي بريت ماكغورك “فشل في تقسيم الشيعة، وخسر وعوده للسنة بأن يصبحوا أقوى، وأيضا تهديده للسنة الذين اختاروا الالتحاق بالمعسكر الإيراني”، وفق الهاشمي نفسه.

وتنافس الحلبوسي على المنصب مع ثلاثة آخرين، بينهم أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع السابق خالد العبيدي المدعوم من رئيس الوزراء حيدر العبادي.

وحصد الحلبوسي أصوات 169 نائبا من أصل 298 شاركوا في التصويت خلال الجلسة. ويبلغ عدد النواب 329.

-العبادي يرضخ للأمر الواقع؟-

كان الجميع يشير في الفترة السابقة إلى أن العبادي سيحتفظ بمنصبه كرئيس للوزراء، بعد تحالفه مع الصدر، الذي فاز في الانتخابات بناء على برنامج مكافحة الفساد بمشاركة الشيوعيين، في سابقة سياسية.

لكن حليفه تخلى عنه السبت الماضي، في أعقاب أربعة أيام من الاحتجاجات الدامية في محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط إثر أزمة صحية غير مسبوقة. والأسبوع الحالي، اتخذ العبادي خطوة إلى الوراء.

والآن، بات الأمر بيد منافسيه اللذين حلا أمامه في الانتخابات التشريعية، لتسمية خلفه، بعدما أعلنا قبل أسبوع أنهما “على الخط نفسه” لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن.

ففي النظام الانتخابي الذي يعتمد النسبية، وتم اقراره لمنع عودة نظام دكتاتوري بعد سقوط صدام حسين في العام 2003، على اللوائح الفائزة في الانتخابات أن تشكل ائتلافات، وبالتالي فإن الكتلة الأكبر داخل المجلس تسمي رئيس الحكومة المقبل.

ويبدو هذا القرار اليوم بين أيدي الصدر والعامري، اللذين تمكنا من جمع السنة والأكراد حولهما، وهو ما أظهره فوز الحلبوسي برئاسة البرلمان.

في نظام مبني على المحاصصة الطائفية، يخصص منصب رئيس البرلمان للسنة، على أن يكون له نائبان شيعي وكردي، إضافة إلى رئيس جمهورية من الأكراد، فيما يبقى منصب رئيس الوزراء، السلطة التنفيذية الفعلية في البلاد، للشيعة.

-“تكنوقراط”-

وكما جرت العادة والأعراف في العراق، فإن رئيس مجلس النواب لا ينتخب، إلا في حال تم التوصل إلى اتفاق على رئيس الجمهورية الجديد، الذي يجب أن ينتخب في غضون ثلاثين يوما.

في العام 2014، حين استولى تنظيم الدولة الإسلامية على ما يقارب ثلث مساحة العراق في مواجهة القوات العراقية، وسط حالة من الفوضى، اختير العبادي، الذي لم يكن معروفا كثيرا في الأوساط، كمرشح متفق عليه قادر على إرضاء إيران والولايات المتحدة، اللاعبان الأساسيان في العراق والمتنازعان حاليا.

ويشير خبراء إلى إمكانية تكرار السيناريو نفسه العام الحالي، خصوصا مع إعلان آية الله علي السيستاني، المرجع الشيعي الاعلى، أن المرجعية “لا تؤيد رئيس الوزراء القادم إذا اختير من السياسيين الذين كانوا في السلطة في السنوات الماضية”.

الصدر من جهته يدفع باتجاه رئيس وزراء “مستقل” وحكومة “تكنوقراط”، بينما أعلن العامري أنه ليس مرشحا لهذا المنصب.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية