مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المعارضة السورية تحذر من “ممرات الموت” في حلب المحاصرة

جنود سوريون في منطقة بني زيد في الليرمون قرب حلب التي استعادها النظام من المعارضة 28 يوليو 2016 afp_tickers

يلازم سكان الاحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب بشمال سوريا منازلهم الجمعة نتيجة القصف العنيف الذي تتعرض له مناطقهم وفي ظل تحذير الفصائل المقاتلة من خطورة سلوك المعابر الانسانية التي قرر النظام فتحها امام الراغبين بالمغادرة، والتي وصفتها المعارضة بـ”ممرات الموت”.

وعرضت الامم المتحدة الجمعة الاشراف على هذه “الممرات الانسانية”، تزامنا مع تشكيك محللين ومنظمات حقوقية واغاثية في نوايا النظام السوري وحليفته روسيا، في ظل الحصار الكامل المفروض على الاحياء الشرقية حيث يعيش 250 الف شخص وفق الامم المتحدة.

ويجمع محللون على ان تطبيق المبادرة الروسية سيؤدي الى سيطرة قوات النظام بالكامل على مدينة حلب، في خطوة ستشكل ضربة قاسية للفصائل المعارضة.

وغداة اعلان النظام وروسيا الخميس فتح معابر انسانية، خلت الشوارع من المارة، إذ لزم السكان منازلهم خوفا من القصف وتوقفت المولدات الكهربائية في عدد من الاحياء بسبب نفاد الوقود، وفق مراسل لوكالة فرانس برس.

وقال المراسل ان المعابر كافة كانت لا تزال مقفلة اليوم. وهو ما اكده مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، مشيرا الى ان “المعابر عمليا مقفلة من ناحية الفصائل لكنها مفتوحة من الجانب الاخر، اي في مناطق سيطرة قوات النظام”.

واوضح عبد الرحمن ان “نحو 12 شخصا فقط تمكنوا من الخروج عبر معبر بستان القصر منذ امس قبل ان تشدد الفصائل المقاتلة اجراءاتها الامنية وتمنع الاهالي من الاقتراب من المعابر”.

واعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الخميس بدء “عملية انسانية واسعة النطاق” في حلب، قبل ان تعلن قوات النظام فتح ثلاثة معابر امام المدنيين الراغبين في الخروج من الاحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب.

وذكر شويغو ان ممرا رابعا سيفتح في الشمال على طريق الكاستيلو ليسمح “بمرور المقاتلين المسلحين بشكل آمن”.

وتشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة وتبادلا للقصف بين الفصائل المقاتلة التي تسيطر على الاحياء الشرقية وقوات النظام التي تسيطر على الاحياء الغربية وتكثف غاراتها وعمليات القصف بالبراميل المتفجرة التي اوقعت مئات القتلى.

ووضع التلفزيون السوري الرسمي الجمعة شعار “حلب تنتصر”، تزامنا مع بث مشاهد من الاحياء الغربية تخللتها مقابلات مع سكان ومسؤولين محليين يحتفلون بانجازات الجيش.

وبحسب عبد الرحمن، “يريد الروس والنظام من خلال فتح المعابر الانسانية الايحاء بانهم يريدون حماية المدنيين لكنهم يستمرون في المقلب الاخر في قصفهم للاحياء الشرقية”.

– “الاشراف” على الممرات –

وقال عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد رمضان لفرانس برس “ليس هناك اي ممرات في حلب توصف بممرات انسانية، فالممرات التي تحدث عنها الروس يسميها اهالي حلب بممرات الموت”.

واضاف “نعتبر الاعلان الروسي (…) جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية”، مشيرا الى “مخطط يشارك فيه الطيران الروسي والحرس الثوري الايراني لتهجير الاهالي من مدينتهم”.

وراى ان ما يجري في حلب “تدمير كامل ومنهجي للمدينة على سكانها سواء كانوا مدنيين ام مقاتلين”، في وقت اعتبرت عضو وفد المعارضة الى جنيف بسمة قضماني في بيان ان “هذه المعابر ليست مخصصة لادخال المساعدات انما لاخراج الناس”.

وتتهم المعارضة والفصائل قوات النظام باستخدام سياسة الحصار لتجويع المناطق الخارجة عن سيطرتها واخضاعها، بهدف دفع مقاتليها الى تسليم سلاحهم.

واقترح الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الجمعة في مؤتمر صحافي في جنيف ان “تترك لنا روسيا الممرات التي فتحت بمبادرتها”، موضحا ان “الامم المتحدة وشركاءها الانسانيين يعرفون ما ينبغي القيام به، لديهم الخبرة”.

واضاف “نؤيد مبدئيا وعمليا الممرات الانسانية في الظروف التي تسمح بحماية المدنيين”، مكررا الدعوة الى “هدنات انسانية من 48 ساعة لاتاحة العمليات عبر الحدود وعبر خطوط الجبهة” في حلب.

وانتقدت فرنسا بدورها “الممرات الانسانية”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية رومان نادال ان “فرضية اقامة +ممرات انسانية+ تقضي بالطلب من سكان حلب ان يغادروا المدينة لا تقدم حلا مجديا للوضع”.

– “معضلة وجودية” –

وبحسب مصدر دبلوماسي غربي، “يريد الروس والنظام دفع الناس الى تسليم انفسهم”. ويقول لفرانس برس “ما يريدونه هو الاستسلام وتكرار ما حدث في حمص” العام 2014 حين تمّ اخراج نحو الفي مقاتل من المدينة القديمة بعد عامين من الحصار المحكم والقصف شبه اليومي من قوات النظام.

ويرى مدير الابحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار ان “سكان حلب يواجهون معضلة وجودية رهيبة، اذ غالبا ما يضطرون الى الاختيار بين خطري الموت جوعا او خلال فرارهم”.

ويضيف “سكان حلب في محنة ويعيشون حالة من انعدام الثقة وهو امر مفهوم بعدما اثبتت المأساة السورية ان الجانب الانساني غالبا ما يوظف كخدعة لتعزيز مصالح جيوسياسية”.

ويقول بيطار “سقوط حلب يعني ان الاسد وبوتين حققا احد اهدافهما الرئيسية واستعادا اليد الطولى” في سوريا.

ويوضح الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية اميل حكيم من جهته ان خسارة الفصائل لحلب يعني “هزيمتها في شمال سوريا” وانها “لم تعد تشكل تهديدا استراتيجيا للنظام”.

على جبهة اخرى، اعلنت منظمة “سايف ذي تشيلدرن” الجمعة تعرض مستشفى توليد تدعمه في محافظة ادلب (شمال غرب) للقصف متحدثة عن وقوع ضحايا من دون تحديد العدد. واكد المرصد وقوع “غارات نفذتها طائرات حربية على بلدة كفر تخاريم”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية