مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

النظام السوري يوشك على السيطرة على كامل أحياء دمشق عشية مفاوضات جنيف

وصول مدنيين ومقاتلين تم اجلاؤهم من حي القابون الى ادلب في 15 ايار/مايو 2017 afp_tickers

يوشك النظام السوري على بسط سيطرته على كل أحياء دمشق بعد ست سنوات من النزاع الدامي الذي ألحق دماراً كبيراً بالمناطق الواقعة على اطراف العاصمة وتسبب بحركة نزوح كبيرة.

ومنيت الفصائل المعارضة في الايام الاخيرة بعد إجلاء مقاتليها من أحياء برزة والقابون وتشرين التي شهدت أولى التحركات الاحتجاجية ضد النظام في العام 2011 وأصبحت منذ العام 2012 أبرز معاقلها في دمشق، بخسارة ميدانية كبرى تضاف الى سلسلة إخفاقات ميدانية.

واعلن مصدر عسكري سوري الاثنين وفق ما نقل الاعلام الرسمي ان “وحدات من قواتنا المسلحة تعيد الأمن والأمان إلى منطقة القابون ومحيطها” تزامنا مع اخراج الدفعة الثانية والاخيرة من المدنيين والمقاتلين من الحي باتجاه ادلب (شمال غرب).

ونقل التلفزيون عن محافظ دمشق بشر الصبان ان “منطقة القابون اصبحت خالية تماما من الارهابيين” غداة الاعلان عن خروج اكثر من 2200 شخص بين مدني ومقاتل الاحد.

ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “مع سيطرته على هذه الاحياء الثلاثة، بات النظام يسيطر تقريباً على العاصمة باكملها. لم يبق للفصائل في شرق دمشق الا جزء من حي جوبر المدمر بمعظمه”.

وفي جنوب العاصمة، تتواجد الفصائل المعارضة في حي التضامن ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي يسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على أجزاء منه.

ويقول الباحث الفرنسي المتخصص في الجغرافيا السورية فابريس بالانش لفرانس برس “استعاد النظام حلب وهو في طريقه للسيطرة على دمشق بشكل كامل، ما يعني ان الفصائل المعارضة لم تعد بديلاً سياسياً او عسكرياً” عن النظام الذين “لم يعد مهدداً على الاطلاق وليس بحاجة الى تقديم اي تنازلات”.

ولطالما شكلت السيطرة على كامل دمشق مسألة حيوية بالنسبة الى سلطة الرئيس السوري بشار الاسد.

في 15 تموز/يوليو 2012، تمكن الآلاف من مقاتلي الفصائل المعارضة من السيطرة على أحياء عدة من العاصمة السورية في إطار عملية “بركان دمشق”. الا ان القوات الحكومية تمكنت من استعادة السيطرة على هذه الاحياء بعد أسبوعين.

ومؤخراً، تمكنت فصائل مقاتلة ابرزها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) في 19 آذار/مارس من شن هجوم مباغت انطلاقاً من حي جوبر، وتمكنت من الوصول الى ساحة العباسيين حيث دارت معارك شرسة، قبل ان تتصدى القوات الحكومية لها وتجبرها على الانسحاب.

ومنذ اندلاع النزاع في آذار/مارس 2011، بقيت دمشق الى حد ما بمنأى عن الحرب والمعارك، وتكاد الاضرار التي لحقت بها لا تقارن بحجم الدمار في مدن رئيسية أخرى أنهكتها الحرب على غرار حلب (شمال) وحمص (وسط).

ويقول محمد علوش، القيادي في جيش الاسلام، فصيل اسلامي معارض يحظى بنفوذ في أطراف دمشق وريفها، لفرانس برس “يستقوي النظام بالاجنبي الروسي والطائفي الايراني على شعب شبه أعزل”، معتبراً ان عمليات الاجلاء الأخيرة من أحياء دمشق “ليست انتصاراً للنظام بل هي غدر وخيانة.. وتخالف الاتفاقية التي وقعتها الدول في أستانا”.

وتنطلق الثلاثاء في جنيف جولة جديدة من مفاوضات السلام حول سوريا، تطغى عليها الى حد كبير محادثات استانا.

فبعد ست سنوات من الحرب المدمرة التي تسببت بمقتل اكثر من 320 الف شخص، تُبذل الجهود السياسية لتسوية النزاع السوري حالياً في سياق مسارين الاول رسمي والثاني مواز.

ومنذ تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة، تراجع حضور واشنطن التي تدعم المعارضة السورية في مفاوضات السلام التي كانت في السابق تراسها مع روسيا.

وعبر مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا خلال مؤتمر صحافي في جنيف عن ارتياحه “لانخراط واهتمام الادارة الاميركية المتزايد” بالملف السوري.

واعتبر الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع قناة “او ان تي” البيلاروسية نشر نصها الاعلام الرسمي الخميس، ان مفاوضات جنيف “مجرد لقاء إعلامي”، مضيفا “لا يوجد أي شيء حقيقي في كل لقاءات جنيف السابقة، ولا 0,1 بالمليون، حتى هذا الرقم غير موجود”.

وفي ما يتعلق بمحادثات استانا، قال الاسد “الوضع مختلف.. تلك المحادثات بدأت تعطي نتائج من خلال أكثر من محاولة لوقف إطلاق النار، آخرها ما سمي مناطق تخفيف التصعيد أو تخفيف الأعمال القتالية”.

وردا عن سؤال بهذا الشأن قال دي ميستورا ان ما يجري في مباحثات جنيف اكثر “جوهرية” مما يقال امام الكاميرات.

واضاف “اميل الى الاعتقاد بان الاجتماعات (السابقة) واجتماعات الايام المقبلة هي اكثر جوهرية بكثير من التعليقات العامة التي يدلى بها امام الكاميرات”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية