مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

النيابة تطلب إصدار مذكرة توقيف اوروبية بحق بوتشيمون

متظاهر يحمل علم كاتالونيا الانفصالي أثناء وصول وزراء في حكومة كاتالونيا المُقالة الى المحكمة الوطنية في مدريد في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 afp_tickers

طالبت النيابة العامة الاسبانية الخميس إصدار مذكرة توقيف أوروبية بحق رئيس إقليم كاتالونيا المُقال كارليس بوتشيمون وأربعة من أعضاء حكومته المقالة بعدما رفضوا المثول امام قاضي التحقيق في مدريد، في حين قررت محكمة وضع ثمانية من اعضاء حكومته قيد التوقيف الاحترازي.

وفي فصل جديد من أسوأ أزمة سياسية في اسبانيا في عقود، من المفترض أن يقرر القاضي ما اذا كان سيوافق على اصدار هذه المذكرة الموجهة الى السلطات البلجيكية، بما أن الخمسة “موجودون أو على الأقل كانوا في بلجيكا”، وفق ما افاد مصدر قضائي.

وقال المصدر إن بوتشيمون “أعلن علانية نيته عدم المثول” أمام المحكمة، وتابع ان الرئيس الكاتالوني السابق واثنين من الوزراء السابقين طلبوا أن يمثلوا عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة “دون اعطاء اي معلومات عن مكان تواجدهم”.

وإذا اصدر القضاء الاسباني مذكرة توقيف أوروبية، سيكون أمام القضاء البلجيكي مدة 60 يوما لتسليمهم الى اسبانيا.

وكانت النيابة الاسبانية استدعت 19 قياديا انفصاليا في اقليم كاتالونيا على رأسهم رئيس الاقليم ورئيسة البرلمان فضلا عن عدد من الوزراء والنواب.

وفي قضية بوتشيمون، أمر قاض اسباني بوضع ثمانية من اعضاء الحكومة الكاتالونية المقالة قيد التوقيف الاحترازي، مثلوا أمام المحكمة للتحقيق معهم في الاتهامات الموجهة اليهم بإساءة استخدام السلطة، والتمرد والتحريض.

وقد تصل العقوبة القصوى للتهمتين الأخيرتين الى السجن مدة تتراوح بين 15 و30 عاما.

ومن المسؤولين الثمانية اوريول جونكيراس نائب رئيس كاتالونيا المقال ويشمل الامر القضائي ايضا وزيرا سابقا في الحكومة الكاتالونية استقال قبيل اعلان البرلمان الاستقلال، لكن من الممكن الافراج عنه إذا دفع كفالة قدرها 50 ألف يورو (58 الف دولار).

وصباح الخميس، كان جونكيراس أول الواصلين إلى المحكمة الوطنية تبعه ثمانية “وزراء” فيما تظاهر عشرات الأشخاص على مسافة، هاتفين باللغة الكاتالونية “لستم لوحدكم”.

لكن آخرين صاحوا في وجوهم بازدراء ملوحين باعلام اسبانيا الصفراء والحمراء.

على خط مواز، مثلت رئيسة البرلمان الكاتالوني كارمي فوركاديل بالإضافة الى خمسة نواب كاتالونيين أمام المحكمة الاسبانية العليا المختصة بقضيتهم بسبب امتيازاتهم البرلمانية.

وأعلنت المحكمة العليا ارجاء جلسة الاستماع الى 9 تشرين الثاني/أكتوبر بناء على طلب وكلاء الدفاع. ولم يتمّ تحديد سبب هذا التأجيل لكن المحامين فوجئوا بمدة التأجيل القصيرة.

– “لا حل عبر المحاكم” –

ويتهم المدعي العام المسؤولين الـ19 بـ”تشجيع حركة عصيان في صفوف الشعب (الكاتالوني) في مواجهة سلطة مؤسسات الدولة الشرعية لتحقيق هدف الانفصال”، متجاهلين قرارات القضاء وبينها منع تنظيم استفتاء تقرير المصير في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وتؤكد السلطات الكاتالونية أن 90 بالمئة ممن شاركوا في الاستفتاء صوتوا لصالح الانفصال عن اسبانيا، فيما بلغت نسبة المشاركة في عملية الاقتراع 43 بالمئة، رغم تدخل الشرطة العنيف في بعض الأحيان لمنعهم من المشاركة وما تخلله من اطلاق الرصاص المطاطي على الناخبين.

واعتمدت السلطات على هذه النتائج التي يتعذر التحقق منها، لاعلان استقلال “الجمهورية الكاتالونية” في 27 تشرين الأول/أكتوبر. وبادرت الحكومة الاسبانية برئاسة ماريانو راخوي الى وضع اقليم كاتالونيا تحت وصايتها، فأقالت حكومته وحلّت برلمانه ودعت الى انتخابات اقليمية مبكرة في 21 كانون الاول/ديسمبر.

وقال ارتور ماس، رئيس هيئة الحكم الكاتالوني من 2010 حتى 2016، للصحافة في مدريد إن “النزاع بين كاتالونيا والدولة الاسبانية لن يتم حله عبر المحاكم والعنف”.

وأضاف “كلما زاد الوقود والخشب الذي تلقيه في النار، كلما كبرت”.

– تكتيكات مدبّرة –

ومن بروكسل، ندد بوتشيمون الاثنين بـ”محاكمة سياسية” لقادة الاقليم وعرض في بيان تكتيكا مدبّرا لتقسيم حكومته.

فكتب أن البعض سيمثل أمام المحكمة الوطنية “منددا بارادة القضاء الاسباني في ملاحقة أفكار سياسية” أما الآخرين ف”سيبقون في بروكسل للتنديد أمام المجتمع الدولي بهذه المحاكمة السياسية”.

واعتبر أحد أعضاء مكتب البرلمان الكاتالوني جوان جوزيب نويت، أن موقف بوتشيمون “غير مسؤول”.

وصرّح الأربعاء لراديو كاتالونيا “كل الذين ذكرت أسماؤهم للمثول قد ينتهي بهم الأمر في السجن الاحتياطي”.

وأوضح محامي بوتشيمون بول بيكارت للتلفزيون الكاتالوني “تي في 3” أن بوتشيمون “لن يذهب الى مدريد. اقترحت استجوابه هنا في بلجيكا”.

وسبق أن جنّب المحامي بيكارت اسبان باسكيين يُشتبه بانتمائهم الى منظمة “إيتا” الانفصالية الباسكية، الذهاب الى اسبانيا.

– “لفت انتباه الاعلام” –

يرى المحللون في سلوك بوتشيمون استراتيجية انتخابية قبل 50 يوما من الانتخابات التي يأمل الانفصاليون الفوز خلالها بالأكثرية التي استغلوها في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 لبدء عملية الانفصال.

وصرّح المحلل السياسي فيرناندو فيلاسبين في مدريد لفرانس برس أن بوتشيمون يسعى بلجوئه الى بروكسل، الى “لفت انتباه الاعلام أكثر مما يريد تجنب المثول أمام القضاء”.

وفي برشلونة، تظاهر المئات احتجاجا على الملاحقات القضائية، هاتفين “الحرية” و”بوتشيمون رئيسنا”.

وقال الموظف المتقاعد جوردي سيغو (68 عاما) إن بوتشيمون “لم يهرب. أنها استراتيجية سياسية (…) لاجبار الاتحاد الاوروبي على اتخاذ موقف”، فيما قالت متظاهرة اخرى “إنه بطل”.

لكن الكاتالونيين انفسهم منقسمين حيال الاستقلال عن اسبانيا.

فمعارضي الاستقلال يؤكدون أن المنطقة ستحظى بنفوذ اكبر اذا بقيت جزءا من اسبانيا وان تداعيات الانفصال على اقتصاد الاقليم ستكون كارثية.

ولم تعترف أي دولة باستقلال كاتالونيا واعلنت جميع الدول الكبرى دعمها لحكومة راخوي.

وادى النزاع في كاتالونيا لانسحاب أكثر من 1600 شركة من الاقليم المضطرب، ما قد يخلق ازمة في الاقاليم الذي يساهم بنحو 19 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي لاسبانيا.

بدوره، حذر البنك المركزي الاسباني الخميس من ان كاتالونيا تواجه خطر الركود الاقتصادي اذا استمرت الازمة لفترة زمنية اطول، ما قد يبطئ النمو الاقتصادي.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية