مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الولايات المتحدة تنسحب من مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي خلال مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية في واشنطن في 19 حزيران/يونيو 2018. afp_tickers

انسحبت الولايات المتحدة الثلاثاء من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، الذي اتهمته ب”النفاق” و”التحيز” ضد اسرائيل.

وتوجهت السفيرة الاميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي الى واشنطن لتعلن مع وزير الخارجية مايك بومبيو القرار.

واكد بومبيو وهايلي ان الولايات المتحدة ستبقى على رأس المدافعين عن حقوق الانسان. لكن في نظر الكثيرين، يعكس القرار عداء الرئيس دونالد ترامب للامم المتحدة وللتعددية في العمل الدبلوماسي بشكل عام.

وجاء القرار بعدما انتقد مجلس حقوق الانسان واشنطن بسبب فصلها الابناء القاصرين للمهاجرين غير الشرعيين عن ذويهم الذين يتطلعون للحصول على اللجوء بعد دخولهم البلاد من المكسيك.

لكن هايلي وبومبيو اكدا ان القرار اتخذ بعد سنة من الجهود لدفع المجلس الى القيام باصلاحات واستبعاد الدول الاعضاء التي ترتكب تجاوزات، منه.

وقالت هايلي “نحن بحاجة الى هذه الاصلاحات لنجعل المجلس محاميا جديا مدافعا عن حقوق الانسان”. واضافت “لفترة طويلة كان مجلس حقوق الانسان حاميا لمرتكبي تجاوزات لحقوق الانسان ومرتعا للتحيز السياسي”.

وتابعت “للاسف، من الواضح الآن ان دعوتنا الى الاصلاح لم تلق آذانا صاغية”.

أنشئت هذه الهيئة التابعة للامم المتحدة ومقرها جنيف في 2006 لحماية حقوق الانسان في العالم. لكن اعلاناتها وقراراتها تضاربت في اغلب الاحيان مع اولويات الولايات المتحدة.

وتبدي واشنطن امتعاضها خصوصا من ادانات المجلس للممارسات الاسرائيلية حيال الفلسطينيين في الاراضي التي تحتلها الدولة العبرية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

لكن هايلي اكدت ان مجلس حقوق الانسان قصر في توجيه انتقادات لانتهاكات فاضحة لحقوق الانسان من قبل دول معادية للولايات المتحدة مثل فنزويلا وكوبا.

وقال بومبيو ان “الدول تواطأت مع بعضها لتقويض الطريقة الحالية لاختيار الاعضاء”. واضاف ان “تحيُّز المجلس المتواصل والموثق بشكل جيد ضد اسرائيل تجاوز الحدود”.

وتابع وزير الخارجية الاميركي انه “منذ تأسيسه، تبنى المجلس عددا من القرارات التي تدين اسرائيل تفوق تلك التي أصدرها على دول العالم مجتمعة”.

وقالت هايلي الثلاثاء “نتخذ هذه الخطوة لأن التزامنا لا يسمح لنا بأن نظل اعضاء في منظمة منافقة وتخدم مصالحها الخاصة وتحوّل حقوق الإنسان الى مادة للسخرية”.

والأربعاء كررت هايلي موقفها في رسالة وجهتها الى منظمات غير حكومية مدافعة عن حقوق الإنسان لامتها لانها ادت دورا “غير بناء” عبر رفض دعم مساعي واشنطن عدم التعرض لإسرائيل.

وكتبت هالي في الرسالة التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس “يجب ان تعلموا ان جهودكم لتعطيل المفاوضات وعرقلة الاصلاح كانت عاملا مساهما في قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من المجلس”.

وأضافت “لقد وضعتهم أنفسكم إلى جانب روسيا والصين، وفي مواجهة الولايات المتحدة، في قضية حقوق إنسان أساسية”.

وفي ردود الفعل، دانت موسكو “وقاحة” الولايات المتحدة و”استهتارها” بالامم المتحدة، واصفة القرار بـ”الخاطىء”.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال مؤتمر صحافي ان “الولايات المتحدة نسفت مجددا سمعتها في الدفاع عن حقوق الانسان (…) لقد أظهرت استهتارها بالامم المتحدة ومؤسساتها”.

كذلك أعلن الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيورن ياغلاند الأربعاء أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يعد “الزعيم الأخلاقي” للعالم و”لم يعد بإمكانه التحدث باسم العالم الحر”، ردا على قيام الإدارة الأميركية بفصل الأطفال عن عائلاتهم القادمة إلى الولايات المتحدة بصورة غير شرعية.

وعبر الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش عن اسفه للقرار الاميركي. وقال في بيان إن “بنية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تلعب دورا هاما للغاية في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في جميع أنحاء العالم”.

في المقابل، رحب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان بالخطوة الاميركية، مؤكدا ان “المجلس اثبت على مدار سنوات طويلة أنه جهة منحازة وعدائية ومعادية لإسرائيل تخون مهمتها وهي الدفاع عن حقوق الإنسان”.

واضاف “بدلا من التركيز على أنظمة تنتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج، يتركز المجلس بشكل مهووس على إسرائيل الدولة الديموقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الأوسط”، معتبرا ان “قرار الولايات المتحدة الانسحاب من هذه المنظمة المنحازة يشكل تصريحا لا لبس به بأن الكيل طفح”.

وفي مواجهة الترحيب الاسرائيلي، انتقد الفلسطينيون قرار واشنطن واعتبروه دليلا على اختيارها “قانون القوة” بدلا من “قوة القانون”.

واعلن امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ان الخطوة الاميركية تشكل دليلا على ان الولايات المتحدة “اختارت الاحتلال والاستيطان وقانون القوة، بدلا من قوة القانون والشرعية الدولية والقانون الدولي”.

وقالت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيان انها لم تفاجأ بهذا القرار الذي اتخذته دولة “شريكة لاسرائيل التي تحتجز امة بكاملها رهينة عبر احتلال عسكري شرس”.

– دفاعا عن اسرائيل –

انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الخطوة الاميركية. وأكد المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث أن “انسحاب إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب هو انعكاس مؤسف لسياسة احادية البعد في ما يتعلق بحقوق الإنسان” تتخلص “بالدفاع عن الانتهاكات الاسرائيلية في وجه أي انتقادات قبل كل شىء”.

وانتقدت الولايات المتحدة المجلس باستمرار لإدراجه ممارسات اسرائيل في الأراضي الفلسطينية على جدول أعمال جميع جلساته السنوية الثلاث ما يجعل الدولة العبرية الوحيدة التي يتم تخصيص بند ثابت لها على جدول الأعمال يعرف بالبند السابع.

ورفضت الولايات المتحدة الانضمام إلى المجلس لدى انشائه عام 2006 في عهد الرئيس الاسبق جورج بوش الابن عندما كان جون بولتون مستشار الامن القومي للرئيس ترامب والمشكك في جدوى المنظمة الدولية، سفيرا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة.

ولم تنضم واشنطن إلى المجلس إلا في 2009 بعد وصول باراك أوباما إلى سدة الحكم في البيت الأبيض.

ومنذ تولي ترامب السلطة، انسحبت الولايات المتحدة من منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) وخفّضت مساهمتها في موازنة الأمم المتحدة، وانسحبت كذلك من اتفاق باريس للمناخ الذي تدعمه المنظمة الدولية.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية