مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انعطافة ترامب في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني على حساب طموحات السلام

الرئيس الاميركي دونالد ترامب يرفع وثيقة اعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل بعد توقيعها في البيت الابيض بواشنطن، في 6 ك1/ديسمبر 2017 afp_tickers

كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يطمح بالتوصل الى اقرار سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، مراهنا على حليف اساسي له هو العربية السعودية، لكن انعطافته بشأن القدس تهدد جهود مستشاره جاريد كوشنر قبل ان تسنح للاخير فرصة كشف نواياه.

وفي قرار تاريخي، اعترف الرئيس الاميركي الاربعاء بالقدس عاصمة لاسرائيل. وتلت تحذيرات الامس إدانات حازمة من العالمين العربي الاسلامي ومن المجتمع الدولي.

في المقابل أكد الفلسطينيون ان واشنطن لم تعد جديرة بلعب دور الوسيط.

وقال ايلان غولدنبرغ من “المركز لأجل امن اميركي جديد” للبحوث لوكالة فرانس برس ان ترامب “يقوض جهوده الخاصة للسلام”.

واوضح ان هذا القرار “سيؤدي في أفضل السيناريوهات إلى نسف الوساطة الاميركية في اوج تحليقها” و”في اسوأ السيناريوهات سيترافق مع تظاهرات معممة واعمال شغب كبرى”. كما اكد ثقته في ان لا اسرائيل ولا وسطاء البيت الابيض كانوا يطالبون بانقلابة مماثلة في المرحلة الراهنة.

فدونالد ترامب الذي يواصل الاشادة بكفاءاته كمفاوض يؤكد كذلك عزمه على انعاش عملية السلام المتهالكة وحتى التوصل الى ابرام “الاتفاق النهائي”. وللنجاح حيثما فشل جميع اسلافه شكل فريقا صغيرا حول صهره جاريد كوشنر الذي يعمل بعيدا عن الاضواء منذ اشهر.

والاربعاء اكد ترامب “التزامه القوي التوسط من اجل سلام دائم” مشددا على ان الوضع النهائي للقدس رهن بالمفاوضات مع الفلسطينيين الذين يطالبون بشرق المدينة عاصمة للدولة التي يطمحون اليها.

لكن هذا لا يكفي، بحسب دبلوماسيين ومراقبين في واشنطن سبق ان ابدوا التشكيك في فرص نجاح إدارة ترامب. بعد الآن باتت اغلبية هؤلاء ترى ان فرصها في النجاح معدومة.

واعتبر غولدنبرغ انه كان أجدى بالرئيس الاميركي اعلان قراره “في اطار اقتراح للسلام الشامل” مؤكدا انه أخطأ في الظن ان الصدمة يمكن تخفيفها بدعمه بالحد الادنى لحل “الدولتين” القاضي بتعايش اسرائيل وفلسطين جنبا الى جنب.

– “تحركات تكتونية” –

أوضح مصدر دبلوماسي من جهة اخرى ان خطة السلام هذه لن تطرح على الطاولة قبل مطلع 2018 على افضل تقدير.

واكدت بربارة سلافين من مجموعة “مجلس الاطلسي” للبحوث ان “كل هذا تأكيد على ان المسألة وهم منذ البداية” معتبرة ان الجهد الدبلوماسي لكوشنر “ورقة تين للسعودية كي تتمكن من تبرير تقاربها مع اسرائيل ضد ايران”.

فهذا حتى الساعة كل ما رشح عن الاستراتيجية الاميركية، اي تعزيز تحالف اسرائيلي سعودي ضد العدو المشترك طهران.

وقال كوشنر (36 عاما) الاحد اثناء حديث علني نادر ان الديناميكية الاقليمية “تنطوي على فرص”. كما اعتبر المستشار الشاب الذي يقيم علاقة وثيقة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ان دول المنطقة “تنظر إلى التهديدات الإقليمية واعتقد أنها ترى في اسرائيل، عدوتها التقليدية، حليفاً طبيعياً بعد ان كانت تعتبرها عدوا قبل عشرين عاما”.

وأشار اليوت ابراهامز من “مجلس العلاقات الخارجية” الى “تغيير في النبرة” بين حليفتي واشنطن “رغم عدم حصول اي تغيير رسمي حتى الان”.

والسبب بحسب دبلوماسي مقرب من الملف وجود “تحركات تكتونية” في هذا “الشرق الاوسط الجديد” حيث يجب على اي تقارب ان “يبقى خلف الكواليس لان كل ما سيقال علنا سيستخدم ضد اسرائيل او السعودية”.

ويبدو الاميركيون واثقين من ان صعود ولي العهد السعودي النافذ يشكل منعطفا. واشارت سلافين الى ان الامير محمد بن سلمان استدعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى الرياض مؤخرا للضغط عليه لقبول السلام مع اسرائيل.

لكن ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز نفسه حذر ترامب بشأن القدس منددا بـ”خطوة خطيرة تستفز مشاعر المسلمين كافة حول العالم”.

هل جازفت الولايات المتحدة اذا بخسارة رصيدها الرئيسي؟ اجاب ابراهامز قائلا ان “على الحكومات العربية التعبير عن مخاوفها امام الرأي العام لديها”، لكن ذلك لن يغير في العمق علاقتها الجديدة مع اسرائيل.

في المقابل في حال اعتبرت الادانات العربية “منافقة”، فستطرح “طهران نفسها مجددا بصورة الحامل الفعلي للقضية الفلسطينية”، على ما قالت سلافين التي اضافت “كل هذا سيعزز موقف ايران”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية