مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انغيلا ميركل تبدأ ولاية رابعة على رأس تحالف تم تشكيله بصعوبة

المستشارة الالمانية انغيلا ميركل (يسار) تتلقى تهنئة من رئيس كتلة المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين البرلمانية بعد اعادة انتخابها في 14 اذار/مارس. afp_tickers

انتخب مجلس النواب الالماني الاربعاء مجددا المستشارة الالمانية انغيلا ميركل لولاية رابعة يرجح أن تكون الأخيرة، على رأس اكبر اقتصاد في اوروبا تبدأها من موقع صعب بعد المأزق الذي استمر ستة اشهر عقب الانتخابات لتأمين غالبية.

وصوت 364 نائبا لصالح انتخاب ميركل من اصل 688 اي اكثر بتسعة اصوات من الغالبية المطلوبة لكن اقل ب35 من غالبيتها النظرية من 399 نائبا من المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين.

وامتنع تسعة نواب من حزبها عن التصويت لميركل التي سيكلفها الرئيس الالماني فرانك فالتر شتاينماير لاحقا تشكيل الحكومة قبل ان تؤدي اليمين.

وقالت ميركل التي ارتدت سترة بيضاء “أقبل نتيجة التصويت” وحيت النواب في المجلس الذين صفقوا لها بحرارة بحضور زوجها يواكيم ساور ووالدتها هيرلند كاسنر (89 عاما).

وتنهي هذه المراسم مساعي طويلة لتشكيل اغلبية. وكانت تلك اسوأ ازمة تشهدها ميركل في مسيرتها السياسية المستمرة منذ 12 عاما.

في نهاية المطاف أفضت المفاوضات الى عودة التحالف المنتهية ولايته والمكروه بين المحافظين (الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي) والاشتراكيين الديموقراطيين الى السلطة. ولم يسبق ان احتاجت المانيا الى هذا الوقت الطويل لتشكيل حكومة.

وستقود ميركل ايضا بلدا هزه الانتعاش التاريخي لليمين القومي ممثلا بحزب البديل من اجل المانيا الذي اصبح بعد الانتخابات التشريعية الاخيرة اول حزب معارض في البلاد يمثله 92 نائبا.

ونجح هذا الحزب في الاستفادة من الذين خاب املهم من المواقف الوسطية لميركل والذين شعروا بالاستياء من القرار الذي اتخذته في 2015 لاستقبال مئات الآلاف من طالبي اللجوء في المانيا.

– “وضوح” في أوروبا –

يرى مراقبون ان هذه ستكون الولاية الاخيرة لميركل (63 عاما). ويذهب بعض هؤلاء المراقبين الى التكهن بانتهاء ولايتها قبل الاوان بعد المعارضة التي واجهتها داخل حزبها المحافظ. اما الحزب الاشتراكي الديموقراطي فقد قرر إجراء مراجعة مرحلية لاداء التحالف خلال 18 شهرا.

وقال أحد المقربين من ميركل طالبا عدم كشف هويته “من الممكن جدا الا يصمد هذا التحالف أربع سنوات”.

من جهة اخرى، اعترف وزير المال المعين اولاف شولتس الذي يعد من أهم شخصيات الحزب الاشتراكي الديموقراطي بان هذه الحكومة لم تكن ثمرة “زواج عاطفي”. لكنه وعد بان الحلفاء هم في “موقع العمل معا والحكم بشكل مناسب”.

وفي محاولة لامتصاص الانشقاق عينت ميركل جيز سباهن (37) الذي ينتقدنها بجرأة في بعض الاحيان وزيرا للصحة، كما رشحت مؤخرا خليفة محتملا لها هو الامين العام للاتحاد الديموقراطي المسيحي انيغريت كرامب-كارينبور.

وقالت ماريان كنوير من جامعة هيلدشاين لتلفزيون فينكس “بين الحين والاخر خلال الأشهر الستة الماضية كان يعتبر مصير المستشارة منتهياً”.

واضافت “بدأ العديدون في الحزب التفكير بشأن المستقبل بعد انغيلا ميركل .. ولكن ها هي ميركل تعزز مكانتها من جديد”.

وتأمل اوروبا على كل حال ان تبدأ أكبر قوة اقتصادية فيها العمل بسرعة. ويفترض ان تقوم ميركل في الواقع بمطمأنة شركائها بشأن قدرتها على التحرك بينما يهز بريكست وانطواء بعض الدول الاعضاء على نفسها والشعبية المتزايدة للاحزاب المناهضة للنظام القائم، الاتحاد الاوروبي.

ويحتل اصلاح الاتحاد الاوروبي اولوية في برنامج عمل الحكومة الالمانية. وقد وعدت ميركل التي يقف في وجهها وزير الخارجية الاشتراكي الديموقراطي هايكو ماس، بالاسراع في ان تعيد لالمانيا “صوتها القوي” في اوروبا.

وستزور في الايام المقبلة باريس لاجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بشأن اقتراحاته لاصلاح الاتحاد الاوروبي وخصوصا إقرار ميزانية لمنطقة اليورو الامر الذي تنظر اليه برلين بفتور.

– تحديات القرن 21 –

قالت ميركل الاثنين قبل المجلس الاوروبي الذي سيعقد في 22 و23 آذار/مارس ” بالتأكيد لن نتمكن من التحدث بتفاصيل كل جوانب منطقة اليورو للسنوات العشرين المقبلة، لكن يمكننا إضفاء بعض الوضوح على ما نعتبره المرحلة المقبلة”.

وفي المانيا، انقلب الاستقرار المطمئن الذي جسدته لفترة طويلة ابنة القس التي اصبحت مستشارة، ضدها. ويرى البعض انها عرضت البلاد للخطر بفتحها امام اللاجئين المسلمين، بينما يعتبر آخرون انها تجسد الجمود في عالم متغير.

وفي مواجهة صعود حزب البديل من اجل المانيا اضطرت ميركل لاعطاء ضمانات للجناح الاكثر يمينية في حزبها واعدة بتحديد سقف لعدد المهاجرين الواصلين ومنح مكانة اكبر في الحكومة لمعارضها الرئيس في الاتحاد الديموقراطي المسيحي ينس شبان.

واخيرا وعدت حكومة ميركل بان تكون حكومة “الناس العاديين” وليس النخب، على حد تعبير وزير الداخلية هورست سيهوفر.

وسيعني ذلك مواكبة السكن الذين فقدوا حس التوجه في العولمة والاقتصادي الذي يسرعه القطاع الرقمي، وكلها قضايا يشتغلها اليمين المتطرف في الغرب.

وقال شولتز “عندما ننظر الى انتخاب دونالد ترامب وبريكست وصعود الاحزاب اليمينية المتطرفة في اوروبا (…) نرى كم هو ملح ايجاد حلول جديدة إزاء تحديات القرن الحادي والعشرين”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية