مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انقرة تحث واشنطن على الغاء قرارها وقف منح التأشيرات وتستدعي موظفا ثانيا

متظاهر من انصار الرئيس التركي امام البيت الأبيض 16 أيار/مايو 2017 afp_tickers

حثت السلطات التركية الاثنين الولايات المتحدة على العدول عن قرارها الصادر الاحد بتعليق منح تأشيرات دخول في ممثلياتها في تركيا، في خلاف ينذر بتفاقم أزمة كبيرة بين البلدين خصوصا بعد أن استدعى القضاء موظفا تركيا جديدا في القنصلية الاميركية في اسطنبول لاستجوابه. وعلقت تركيا الاحد اصدار تأشيرات للمواطنين الاميركيين ردا على اجراء اميركي مماثل في تصعيد لازمة دبلوماسية بين البلدين على خلفية توقيف احد موظفي البعثة الدبلوماسية الاميركية في اسطنبول وتوجيه تهم رسمية له بالتجسس.

وعلق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على الخلاف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاوكراني بيترو بوروشنكو في كييف بقوله “بالطبع قبل كل شيء هذا القرار (وقف منح التأشيرات) يحزننا حقا كثيرا”.

لكن أنقرة واصلت تعقب موظفي ممثليات الولايات المتحدة على أراضيها، إذ ذكرت وكالة انباء الاناضول الحكومية ان موظفا ثانيا “استدعي من قبل المحققين في اسطنبول لتقديم إفادة”.

وأفاد التلفزيون التركي في وقت سابق ان مذكرة توقيف صدرت بحق الموظف، لكن ذلك لم يتم تأكيده في تقرير وكالة الاناضول. فيما اوقفت زوجه الموظف وابنه في محافظة أماسيا وسيتم نقلهما الى اسطنبول للخضوع للتحقيق.

واستدعت وزارة الخارجية التركية المسؤول الثاني في السفارة الاميركية في انقرة فيليب كوسنيت الاثنين، وسلمته طلب أنقرة بعدول واشنطن عن قرارها تعليق كل خدمات التأشيرات لغير الهجرة في ممثلياتها في تركيا.

واخبر مسؤولون في الوزارة التركية الدبلوماسي الاميركي ان قرار واشنطن يخلق “تصعيدا غير ضروري”، حسب ما نقلت وكالة انباء الاناضول.

وكانت السفارة الاميركية في انقرة اعلنت ان “الاحداث الاخيرة” اجبرت الحكومة الاميركية على اعادة تقييم مدى “التزام” تركيا حماية امن البعثات الاميركية في البلاد.

واضافت السفارة انه وبهدف تقليص عدد الزوار خلال فترة التقييم هذه “علّقنا، وبمفعول فوري كل خدمات التأشيرات لغير المهاجرين في كل المرافق الدبلوماسية والقنصلية في تركيا”.

ويتم اصدار التأشيرات لغير المهاجرين لجميع المسافرين الى الولايات المتحدة للسياحة، والعلاج الطبي واقامة الاعمال والعمل او الدراسة لفترات محددة. فيما تخصص تأشيرات الهجرة للذين يريدون العيش في الولايات المتحدة بشكل دائم.

وردت تركيا على هذا القرار بتعليق مماثل لـ”كل خدمات التأشيرات للمواطنين الاميركيين في الولايات المتحدة”.

– “قلق عميق” –

اشار البيانان الى ان الاجراءات سببها القلق حيال التزام الولايات المتحدة حماية امن المنشآت الدبلوماسية التركية وموظفيها. الا ان اقتصار الاجراءات على الاميركيين وشمولها التأشيرات الالكترونية وتلك التي تمنح على الحدود يجعل منها اجراءات عقابية اكثر منها اجراءات بدوافع امنية.

بيان السفارة الاميركية اشار الى “احداث اخيرة” ولم يذكر صراحة توقيف السلطات التركية لموظف تركي يعمل في القنصلية الاميركية في اسطنبول.

وتم توقيف الموظف مساء الاربعاء بموجب قرار محكمة في اسطنبول بتهمة صلته بمجموعة الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، والذي تتهمه انقرة بتدبير الانقلاب الفاشل ضد الرئيس رجب طيب اردوغان العام الماضي، بحسب وكالة الاناضول الرسمية.

ووجهت للموقوف رسميا تهمة التجسس والسعي للاطاحة بالحكومة التركية، بحسب الوكالة.

وعبرت السفارة الاميركية الخميس في بيان عن “قلقها العميق”حيال التوقيف وقالت ان التهم الموجهة الى موظفها “لا اساس لها”.

كذلك استنكرت في البيان تسريبات في الصحافة المحلية قالت السفارة انها جاءت من مصادر في الحكومة التركية “يبدو انها تهدف الى محاكمة الموظف في وسائل الاعلام وليس امام القضاء”.

لكن المتحدث باسم اردوغان ابراهيم كالين دافع عن التوقيف مؤكدا انه “لا بد من وجود ادلة قوية” مشيرا الى اتصال هاتفي اجري من القنصلية في اسطنبول باحد المشتبه بهم الرئيسين ليلة محاولة الانقلاب.

وهذا الموظف التركي في القنصلية الاميركية ليس الاول الذي يخضع لملاحقة قضائية في تركيا.

ففي اذار/مارس الفائت، اوقفت السلطات التركية موظفا تركيا في القنصلية الاميركية في اضنة بتهم دعم حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.

وذكرت صحيفة “حريات” اليومية التركية أن السلطات اصدرت مذكرة توقيف بحق موظف ثالث في القنصلية الاميركية، مشيرة إلى اختبائه حاليا في القنصلية.

لكن وزير العدل التركي عبد الحميد غول نفى علمه بالامر في مقابلة مع محطة تليفزيون محلية.

– “قرار مخز” –

قال سونر كاغابتاي مدير البرنامج التركي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى إن الاوضاع الحالية تكشف وجود ازمة مزمنة في العلاقات الاميركية التركية.

واوضح كاغابتاي لفرانس برس “هذه الخطوة ستدفع النخب التركية الى مطالبة اردوغان بالتوقف عن مضايقة المواطنين الاميركيين في تركيا، لكنني اعتقد ان اردوغان سيفعل العكس وسيقوم بالتصعيد”.

من جهتها وصفت صحيفة “ييني شفق” الموالية للحكومة الامر بانه “قرار مخز من قبل الولايات المتحدة”.

وكان مسؤولون اتراك اعربوا عن املهم في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين انقرة وواشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب.

وتطالب تركيا واشنطن بتسليمها الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه بانه وراء محاولة الانقلاب، وهو ما ينفيه غولن بالمطلق، الا ان عدم حصول اي تطور في هذه المسألة ادى الى مزيد من التعقيد في العلاقات التركية الاميركية.

وقال المحلل كاغابتاي “سيكون من الصعب في القريب العاجل استعادة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه”.

في الاثناء عرضت الخطوط التركية تعويضا او استبدالا للمسافرين معها الى الولايات المتحدة او منها الى تركيا. وتراجعت اسهمها بشكل كبير بنسبة 9,26 بالمئة.

وتعرضت الليرة التركية الى ضغوط لتخسر 3 بالمئة مقابل الدولار لتبلغ قيمتها 3,72 ليرات لكل دولار واحد. كما تراجع مؤشر بورصة اسطنبول 2,7 بالمئة.

وفي مسعى لطمأنة الاسواق قال نائب حاكم البنك المركزي التركي مراد يوسال “يمكن ان يكون الامر سببه تاثر مؤقت ناجم عن قلق للظروف الجيو سياسية، نحن نراقب الوضع من كثب”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية