مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انقرة تندد بادانة مصرفي تركي بقضية خرق العقوبات الاميركية

شعار مصرف "خلق بنك" في 02 كانون الاول/ديسمبر 2017 في اسطنبول afp_tickers

نددت انقرة بعنف الخميس بالحكم الذي وصفته ب”الفاضح” الذي اصدرته محكمة في نيويورك ادان مصرفيا تركيا بالتورط في مخطط لمساعدة ايران على الالتفاف على العقوبات الاميركية، في حين طالت هذه القضية وزراء اتراكا سابقين وحتى الرئيس التركي نفسه رجب طيب اردوغان.

ودانت محكمة في نيويورك الاربعاء المصرفي محمد هاكان اتيلا نائب المدير العام السابق لمصرف “خلق بنك” (بنك الشعب) التركي الحكومي بتهمة التورط في مخطط لمساعدة ايران على الالتفاف على العقوبات الاميركية، في قضية وترت العلاقات بين انقرة وواشنطن.

وقد تؤدي هذه الادانة الى انزال عقوبة سجن قاسية بحق اتيلا وبفرض غرامات باهظة على “خلق بنك” ما قد يوجه ضربة قاسية للقطاع المصرفي التركي.

ووصف المتحدث باسم اردوغان ابراهيم كالين قرار الإدانة بـ”القرار الفاضح في قضية فاضحة” وبأنه “سيناريو مخز”.

وقال في تصريح صحافي انها “قضية كان يجب اسقاطها بشكل كامل”، وتابع “من الواضح انه تدخل في الشؤون الداخلية لتركيا”.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن هذا القرار “الجائر” يستند الى “+أدلة+ مزعومة لا تصلح سوى في التزوير والاستغلال السياسي”، داعيا المحكمة الى التراجع عن قرارها الذي يشكل “عارا على القضاء”.

ووجدت هيئة المحلفين هاكان اتيلا (47 عاما) مذنبا بخمس تهم بالاحتيال المصرفي والتآمر.

وجرت المحاكمة الفدرالية بناء على شهادة رجل الاعمال التركي الايراني رضا ضراب الذي اصبح شاهد اثبات بعد إقراره بتورطه كوسيط في تجارة اقليمية معقدة لكن مربحة كانت تسمح لايران عبر المصرف الحكومي التركي “خلق بنك” بضخ مليارات اليورو من عائدات المحروقات في النظام المصرفي الدولي مقابل الذهب.

وسبق ان اتهم الشاهد الرئيسي تاجر الذهب ضراب في فضيحة فساد كبرى في تركيا في 2013 عبر تقديم رشى لاربعة وزراء لتسهيل تجارة تنتهك العقوبات الاميركية وصفقات أخرى. واسقطت التهم ضده لاحقا بشكل نهائي.

لكن السلطات الاميركية اوقفته في ميامي فيما كان متوجها مع أسرته لقضاء عطلة في فلوريدا، ووافق على التعاون مع السلطات الاميركية والشهادة في قضية خرق العقوبات الاميركية المفروضة على ايران.

وخلال شهادته في محكمة نيويورك في 30 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، روى ضراب بالتفصيل كيف ساعد على تحويل عائدات المحروقات الايرانية التي اودعت في “خلق بنك” الى ذهب.

وكشف أن اردوغان الذي كان رئيسا للوزراء اصدر في تشرين الاول/أكتوبر 2012 “تعليمات” الى مصرفين تركيين آخرين هما “زراعات” و”وقف” ليشاركا في هذه الخطة التي كان “خلق بنك” معبرا رئيسيا لتنفيذها.

– “مؤامرة سياسية” –

وانتقد اردوغان مرارا المحاكمة التي اعتبرها مؤامرة ضد تركيا، واثارها كثيرا في مباحثات مع مسؤولين اميركيين، على ما أوضحت تقارير صحافية اميركية.

ووصل الأمر الى قيام حاكم نيويورك السابق رودي جيولياني، حين كان عضوا في هيئة الدفاع عن ضراب، بالالتقاء باردوغان في انقرة لبحث ايجاد مخرج للقضية.

وأغضب تعاون ضراب مع الحكومة الأميركية وتصريحاته أنقرة التي صادرت أملاكه.

واعتبر نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداك القضية “مؤامرة سياسية” ضد بلاده، قائلا إن الإدانة “ليس لها اي قيمة قانونية من وجهة نظر تركيا”.

وكتب على تويتر أن “القرار مخالف للقانون الدولي”.

وتوترت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة على وقع عدد من القضايا من بينها رفض واشنطن تسليم الداعية الإسلامي فتح الله غولن الذي تتهمه انقرة بانه العقل المدبر لمحاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/يوليو 2016.

والاسبوع الفائت فقط، طوى البلدان صفحة ازمة التأشيرات التي اندلعت قبل ثلاثة اشهر اثر اعتقال احد موظفي البعثة الاميركية في انقرة.

وقال جيمس سوير المحلل في مجموعة اوراسيا للاستشارات انه لن يكون لهذه الادانة تأثير يذكر في السياسة الداخلية التركية إذ أن الحكومة “ستضعها في إطار مؤامرة اميركية اخرى”.

وقالت الخارجية التركية في بيانها إن المحكمة الاميركية تأثرت باعضاء في جماعة غولن “قدموا مزاعم غير واقعية” ما أدى إلى “تقويض جدية ومصداقية سير المحاكمة”.

وكال بوزداك مزيداً من الاتهامات لواشنطن فيما يتعلق بالقضية الشائكة، إذ قال إنها تمثل “دليلا ملموسا” على أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) ضالعان في تعاون قضائي مع جماعة غولن.

ومن المقرر أن يصدر الحكم بحق اتيلا في 11 نيسان/ابريل، فيما لم يحدد بعد موعد الحكم على ضراب.

– “دعم القطاع المصرفي” –

ويمكن لوزارة الخزانة الاميركية فرض غرامات باهظة على “خلق بنك” او حتى فرض عقوبات على عملياته في الولايات المتحدة، وهي اجراءات قد تلقي بظلالها على القطاع المصرفي التركي والاقتصاد التركي كله.

وقال انطوني سكينر مدير منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مركز استشارات المخاطر العالمية “فيريسك مابليكروفت” إن “السلطات التركية قد تدعم حاليا القطاع المصرفي بكل الدعائم الضرورية”.

وتابع أن اردوغان سيصور اي غرامات مفروضة على تركيا كوسيلة ابتزاز “من الولايات المتحدة وحركة غولن خصوصا تهدف إلى إغراق الاقتصاد وتقويض حكمه”. ويرفض اردوغان الاتهامات الموجهة للبنوك الحكومية التركية، مشددا أن بلاده لم تنتهك الحظر الاميركي المفروض على ايران وان خصوما سياسيين يقفون وراء اثارة القضية.

وأكد خلق بنك في بيان أنه ليس طرفا في القضية وأن المحكمة لم تصدر بحق البنك اي قرار إداري او مالي.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية