مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بدء شهر رمضان في عدة دول وسط معاناة المدنيين في سوريا والعراق

سوريون في سوق للخضار والفاكهة في حي الفردوس في حلب في 6 حزيران/يونيو 2016 afp_tickers

حل شهر رمضان الاثنين بالنسبة الى المسلمين في معظم انحاء العالم من السعودية الى مصر واندونيسيا وماليزيا ومعظم باقي الدول العربية والاسلامية، ويتزامن هذه السنة ايضا مع ظروف صعبة في دول تشهد نزاعات مثل سوريا والعراق.

في الاردن، كانت بداية شهر رمضان دامية مع مقتل خمسة من عناصر المخابرات في “هجوم ارهابي” استهدف مكتبهم في مخيم البقعة شمال العاصمة عمان.

والشهر الذي هو عادة عنوان للبركة ولم شمل العائلات على موائد الافطار، يبدأ بشعور بالاحباط لدى شرائح واسعة من السوريين المحاصرين في مناطق عدة بسبب المعارك.

في مدينة مضايا المحاصرة من قوات النظام السوري في ريف دمشق والتي تعاني من نقص فادح في المواد الغذائية والادوية تسبب خلال الاشهر الماضية بوفيات عدة قبل ان تدخل كميات محدودة من المساعدات، تقول مؤمنة (32 عاما) انها تنوي تحضير طبق المسبحة والقليل من الفاصولياء لافطار اليوم الاول من رمضان لها ولزوجها بعدما نزح ابناؤها عن المدينة المنكوبة.

وتقول لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي “اشعر بالاسف لتمضية رمضان من دون اهلي وابنائي. كنا نجتمع في الماضي على مائدة الافطار معا. اما اليوم فانا وحيدة مع زوجي والكل مشتت”.

وتضيف “نعتمد في طعامنا على المعونات التي تقدمها لنا الامم المتحدة. كنا ننتظر ان تصلنا مساعدات مطلع هذا الشهر لكنها تعطلت لاسباب نجهلها”.

وتوضح ان المرة الاخيرة التي تلقت فيها مساعدات كانت في الرابع من ايار/مايو واقتصرت محتوياتها “على البقول وخمس علب من التونة لكل شخص، لكننا استهلكناها منذ ذلك الحين”.

واشارت الى افتقار السوق للمواد الغذائية، وان وجدت فثمنها باهظ ولا تتمكن من شرائها.

في الاحياء الشرقية من مدينة حلب في وسط سوريا، تزداد معاناة المدنيين خصوصا بعدما باتت طريق الكاستيلو، المنفذ الوحيد لهذه الاحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة بحكم المقطوعة بسبب استهداف حركة المارة والباصات عليها من قوات النظام السوري بغارات جوية.

ويقول احمد اسود (35 عاما)، وهو من سكان حي الصالحين في شرق المدينة، “لم تعد توجد بهجة لأي شيء هنا. هذا هو شهر رمضان الخامس الذي اعيشه في ظل الحرب”.

ويضيف احمد وهو عامل واب لثلاثة اطفال “معظم اقربائي اصبحوا نازحين خارج حلب، ولم يعد بامكاننا ان نجتمع في هذا الشهر الفضيل”.

ويشير الى “الارتفاع الحاد في اسعار المواد الغذائية في الاسواق”، خصوصا بعدما باتت الاحياء الشرقية شبه محاصرة.

ويضيف “اتمنى “الا يكون رمضان هذا العام كما كان العام الفائت”، مستعيدا “كيف تعرضت المدينة مرارا للقصف في اوقات الافطار والسحور” العام الماضي.

– اجواء قاتمة –

وفي الفلوجة في غرب العراق، لاشيء يبعث على فرحة رمضان حيث لا يزال حوالى خمسين الف شخص محاصرين ويستخدمون كدروع بشرية من تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على المدينة، في ظل عملية عسكرية تقوم بها القوات الحكومية العراقية مدعومة من ميليشيات “الحشد الشعبي” الشيعية.

ووعد بعض القادة العسكريين بانتهاء عملية استعادة المدينة قبل رمضان، لكن التقدم كان بطيئا.

والمدينة محاصرة منذ اشهر والعائلات التي بقيت فيها هي التي لم تتمكن من الرحيل.

وقال ابو محمد الدليمي، وهو اب لستة اولاد في اتصال من داخل الفلوجة مع وكالة فرانس برس “يجب ان نستيقظ عند الساعة الخامسة فجرا ونقف في صف طويل لدفع خمسة الاف دينار (4,50 دولارا) مقابل كيلوغرام واحد من البندورة”، في اشارة الى الصعوبات الجمة التي يواجهها في تامين الطعام لعائلته.

وتعاني المدينة العراقية من انقطاع في المياه العذبة منذ اشهر طويلة. ويقول السكان ان جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية يستحوذون على غالبية المواد الغذائية لانفسهم.

ودعا المرجع الديني الاعلى علي السيستاني الاثنين المتطوعين وعناصر القوات الامنية الى صيام شهر رمضان في مناطق القتال، لكنه أجاز لمقلديه الافطار في حال كان الصيام يعطل قيامهم بالواجب والصيام في وقت آخر.

وقال السيستاني ردا على سؤال قدمه له “جمع من المجاهدين” وتلقت “فرانس برس” نسخة منه، “من وجد من نفسه ان استمراره في الامساك عن الاكل والشرب يضعفه عن اداء واجبه بالشكل اللازم يجوز له ان ياكل ويشرب، مقتصرا في ذلك على المقدار اللازم على الاحوط”، مضيفا “وعليه القضاء لاحقا”.

وبدأ السنة في العراق صومهم اليوم، بينما أجمعت المرجعيات الدينية الشيعية على ان شهر رمضان يبدأ غدا الثلاثاء.

وكذلك الامر في لبنان حيث اعلن السنة واتباع العلامة الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله بدء شهر الصوم، بينما اعلن المجلس الشيعي الاعلى (المرجع الرسمي للطائفة الشيعية) ان بداية رمضان هي الثلاثاء.

واعلنت معظم الدول السنية باستثناء المغرب بدء رمضان الاثنين، فيما سيكون الثلاثاء اول ايام شهر رمضان عند الشيعة.

وفي ليبيا تم اختصار ساعتين من الدوام اليومي للعمل. وتقول كريمة سمير الموظفة ببنك ان “الاجواء قاتمة” مبدية اسفها لانقطاع الكهرباء ونقص السيولة.

وفي تونس دعا “الائتلاف المدني من أجل الحريات الفردية” الذي يضم جمعيات حقوقية الى “ضمان الحريات خلال شهر رمضان” عبر عدم اغلاق المطاعم او المقاهي.

في دول الخليج، تتسابق المطاعم والفنادق على تقديم افضل العروضات والوجبات خلال رمضان.

في الرياض حيث تكون حركة السير كثيفة عادة صباحا، خلت الشوارع وبدا الاثنين كانه يوم الجمعة. وستبقى المطاعم والمقاهي مغلقة حتى المساء، موعد الافطار.

في اندونيسيا (200 مليون مسلم) زار المسلمون خلال الايام التي سبقت بدء رمضان مدافن موتاهم، وسبحوا في انهر نثرت فيها الورود.

وفي الولايات المتحدة تقدم باراك اوباما بالتهنئة للمسلمين بشهر رمضان.

وفي المانيا التي استقبلت منذ 2015 مئات آلاف اللاجئين عدل الكثير من مراكز اللجوء مواعيد توزيع الاغذية.

وفي شمال اوروبا تتمثل الصعوبة الاكبر في طول فترة النهار حيث اشرقت الشمس الاثنين في برلين الساعة 04,43 وتغيب الساعة 21,27 اي ان مدة الصيام 16 ساعة و44 دقيقة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية