مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بعد ثلاثة اشهر على وصولها الى طرابلس حكومة الوفاق الليبية تفقد زخمها

مواطن ليبي يعانق السراج في طرابلس 1 ابريل 2016 afp_tickers

بعد ثلاثة اشهر من انتقالها الى طرابلس، تبدو حكومة الوفاق الوطني الليبية غير قادرة على دفع مشاريعها قدما بسبب اخفاقها في بسط سلطتها على كل الاراضي الليبية.

– على ماذا حصلت حكومة الوفاق الوطني؟

حدد رئيس هذه الحكومة رجل الاعمال الطرابلسي فايز السراج الذي وصل عن طريق البحر الى طرابلس في 30 آذار/مارس، هدفا تحقيق مصالحة بين الليبيين عبر احلال الاستقرار في بلد في حالة فوضى على الصعيد السياسي والاقتصادي والامني.

وكانت الاسابيع الاولى مشجعة لانه حصل على دعم المؤسسات الاقتصادية الكبرى ومدن الغرب الليبي والجماعات المسلحة هناك. كما تلقى دعم الامم المتحدة والدول المجاورة واوروبا عبر زيارة قام بها وزراء الخارجية الايطالي والفرنسي والبريطاني.

وقالت كريمة منير الخبيرة المستقلة في الشؤون الليبية ان السراج “يلتقى كافة اطياف الفاعلين السياسيين” و”يسهل التقارب” بين المؤسسات المتنافسة، مثل المصرفين المركزيين وفرعي شركة النفط الوطنية “العمود الفقري للاقتصاد الليبي”.

كما امر الوزراء المعينين بتصريف الاعمال على الرغم من قلة الموارد المتوفرة وبدون انتظار تصويت الثقة في البرلمان المتمركز في طبرق (شرق) مع انه ضروري.

وكانت ابرز مبادرة قام بها هي شن العملية العسكرية التي تهدف الى استعادة مدينة سرت التي تبعد 450 كلم شرق طرابلس، من تنظيم الدولة الاسلامية في 12 ايار/مايو. وطوقت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني بسرعة الجهاديين داخل المدينة الساحلية حيث تواجه مقاومة منذ ذلك الحين.

– ما هي الاخفاقات؟

على الصعيد السياسي، لم تتمكن حكومة الوفاق الوطني من الحصول على دعم السلطات الموازية في برقة المنطقة الكبيرة في شرق البلاد، التي ترفض التخلي عن سلطتها. وهي تعتمد على القوات الموالية للواء خليفة حفتر الذي يوجه انتقادات حادة لحكومة الوفاق الوطني.

وقالت كريمة منير ان “الانقسام بين الشرق والغرب تعمق”. واضافت “عند وصوله الى طرابلس كان يفترض ان يواصل السراج (…) الضغط على البرلمان لانتزاع تصويت” للحصول على الثقة.

من جهة اخرى، وعلى الرغم من الدعم الذي اعلنته دول عدة، لم تعد اي منها فتح سفارتها في طرابلس او مجالها الجوي امام الطائرات الليبية. كما لم تستأنف اي شركة للطيران رحلاتها الى ليبيا.

ويرى العديد من الليبيين ان الوضع الامني تدهور في غياب قوات الامن في الشوارع بينما تنتشر الاسلحة بكثرة. وقد ارتفع عدد عمليات الخطف للحصول على فديات بشكل كبير.

والحصيلة قاتمة على الصعيد الاقتصادي لان اسعار السلع الاساسية تواصل الارتفاع بينما يتراجع سعر الدينار الليبي. وقد حدد سعر الدولار الرسمي ب1,38 دينارا ليبيا لكنه وصل في السوق الموازية الى 4,55 دنانير. وفي نهاية شباط/فبراير كان يبلغ سعره بين 3 و3,50 دنانير.

وصرح الخبير ماتيا توالدو من المجموعة الفكرية المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية لفرانس برس ان “ازمة السيولة هي على الارجح اخطر اخفاق لحكومة الوفاق الوطني في السيطرة على الاقتصاد”.

ويسجل انقطاع في التيار الكهربائي باستمرار ولفترات طويلة وبلا انذار مسبق مما يؤدي الى قطع التزود بالمياه.

وقالت كريمة منير ان الليبيين “لم تتدهور حياتهم اليومية فقط (…) بل يشعرون انهم يستجدون ما هو حق لهم”.

– اي مستقبل لحكومة الوفاق الوطني؟

وفي مقابلة مع فرانس برس الاحد، قال السراج ان حكومته ورثت “مشاكل لا تحصى بعضها عمره خمس سنوات والبعض الآخر تراكم على امتداد اربعة عقود” من حكم القذافي، مضيفا “اينما اتجهنا ومنذ وصولنا الى طرابلس نصطدم بمشاكل”.

ويرى السراج وهو مهندس معماري مولود في طرابلس عام 1960 ان ليبيا التي تبعد بضعة مئات من الكيلومترات عن اوروبا قادرة رغم ذلك على ان تنهض “من هذه الكبوة”، مضيفا “اذا فقدت هذا الايمان فلن ابقى دقيقة واحدة” على راس الحكومة.

وتابع “ليس لدينا مصباح سحري. لدينا جهدنا وهو مسخر لخدمة الوطن”.

ورأت كريمة منير ان جهود السراج ستذهب سدى اذا لم يتحسن الوضع الامني لان الجماعات المسلحة ما زالت موجودة وتفرض قانونها حتى ان غيرت مسمياتها.

وقالت ان “السراج يحمل سلاحا ذا حدين: انه بحاجة (للمسلحين) لضمان امنه لكنهم سبب غياب الامن”.

وستشكل استعادة سرت نجاحا لحكومة الوفاق الوطني يمكن ان يسمح لها بتعزيز مصداقيتها. لكن بالقضاء على تهديد عدون مشترك، سيصبح الشرق في مواجهة الغرب مع خطر حدوث مواجهة اذا لم يطرح حل سياسي قابل للاستمرار.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية