مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بوتين يؤكد الاهمية التي يوليها لعلاقته بالكنيسة الارثوذكسية

بوتين والبطريرك كيريل امام مجمع الاساقفة في موسكو في الاول من كانون الاول/ديسمبر 2017 afp_tickers

أكد الرئيس فلاديمير بوتين الاهمية التي يوليها لعلاقته بالكنيسة الارثوذكسية من خلال مشاركته للمرة الاولى في مجمع لاساقفة بطريركية موسكو وعموم روسيا عقد في العاصمة الجمعة.

وتظهر هذه البادرة الرمزية رغبته في اعلان علاقاته الوثيقة وتعزيزها مع الكنيسة الارثوذكسية، قبل حوالى ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي من المتوقع ان يخوضها للفوز بولاية رابعة الا اذا حدثت مفاجأة كبيرة تحول دون ذلك.

توجه بوتين الى كاتدرائية المسيح المخلص قرب الكرملين حيث يعقد المجمع اعماله بمشاركة نحو 350 مسؤولا من اساقفة روسيا والكنائس التابعة لبطريركية موسكو في الخارج.

وهي المرة الاولى التي يشارك فيها رئيس الاتحاد الروسي في المجمع الذي ينظم مرة واحدة على الاقل كل أربع سنوات وفقا لنظام الكنيسة.

واشاد بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل ب “الحدث التاريخي”.

وقال بوريس فاليكوف من مركز الدراسات حول الاديان في جامعة موسكو لفرانس برس “لدى السلطات الدينية ما يدعو الى الابتهاج. يقصدهم بوتين كما كان يفعل اباطرة بيزنطة الذين كانوا يشاركون في اعمال المجامع المقدسة في الماضي البعيد”.

وقال الرئيس الروسي امام مجمع الاساقفة “نلاحظ في العديد من البلدان تآكل القيم التقليدية، ما يؤدي الى تدهور المجتمع (…) ان اللامبالاة وفقدان المعايير تكون نتيجتها التطرف وكراهية الاجانب والنزاعات الدينية”.

ومنذ تولى بوتين السلطة العام الفين، تشهد الكنيسة توسعا في نفوذها في روسيا حيث غالبية السكان من الارثوذكس، واصبحت محاورا مفضلا لدى الكرملين.

وقد استعادت الكنيسة العديد من الاديرة والكنائس التي تمت مصادرتها ابان الحقبة الشيوعية. وحصلت على حصص لتدريس مادة الدين في المدارس واقرار قانون يعاقب بالسجن “اهانة مشاعر المؤمنين”.

بدوره، يظهر البطريرك كيريل دعمه المستمر للكرملين مثل الدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم والتدخل العسكري الروسي في سوريا او الاشادة بالمرشح بوتين، كما حدث في الانتخابات الرئاسية الاخيرة عام 2012.

-ملء “الفراغ”-

واضاف فاليكوف ان التحالف مع الكنيسة مهم جدا بالنسبة للرئيس”، مشيرا الى نقطة توافق رئيسية بينهما محورها “تبني الكنيسة للقيم التقليدية كما يفعل بوتين الذي يدين +الانحلال الاخلاقي+ للغرب”.

من جهته، قال رومين لوكين من مركز دراسة المسائل الدينية في اكاديمية موسكو للعلوم، انه خلال حكم بوتين، “تم انشاء نظام ترتبط فيه مصالح الكنيسة والدولة”.

لكنه أضاف ان “الدولة لا تلبي جميع طلبات الكنيسة”، مشيرا على سبيل المثال الى رفض حظر عمليات الاجهاض.

وفي اوساط القادة، تعتبر الارثوذكسية عنصرا اساسيا في الهوية الوطنية الروسية وحصنا ضد تأثير العالم الغربي الذي تعتبره مسيئا.

وكان بوتين صرح في حزيران/يونيو الماضي في مقابلة مع المخرج الاميركي اوليفر ستون انه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، “لم تعد الايديولوجية الشيوعية موجودة. لم يكن ممكنا ملء الفراغ الا بواسطة الدين”.

ويؤكد اكثر من 70% من الروس انهم ارثوذكس، وفقا لاستطلاعات الرأي، رغم ان اعداد الذين يتوجهون الى الكنيسة اقل بكثير.

ومنذ وصوله الى الكرملين، يبدى بوتين بكل مباهاة ارتباطه بالارثوذكسية. وغالبا ما يظهره التلفزيون يزور الاديرة والمواقع المقدسة في روسيا. كما قام بزيارة جبل آثوس في اليونان مرتين، وهو من أقدس مواقع الرهبنة الارثوذكسية.

وكان صرح اثناء مشاركته في افتتاح كنيسة جديدة في موسكو في ايار/مايو الماضي ان الكنيسة “حارسة القيم الاخلاقية والروحية” للبلاد.

الا ان البعض يشعر بالقلق حيال واقع ان الكنيسة قريبة جدا من السلطة السياسية.

وقال فاليكوف ان “مجمع الاساقفة يحتفل بالذكرى المئوية لاعادة تأسيس بطريركية روسيا، عندما حررت الكنيسة نفسها من سيطرة الدولة القيصرية. واليوم، تعود الكنيسة مرة اخرى الى الاعتماد على الدولة بشكل خطير. انها سخرية التاريخ”.

وتمت الدعوة الى مجمع الاساقفة بمناسبة الذكرى المئوية لاستعادة البطريركية في الكنيسة الارثوذكسية التي حكمها “المجمع المقدس” طوال 200 عام ابان الحقبة الامبراطورية. وكان هذا المجمع خاضعا لسيطرة الدولة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية