مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بيلاروس تبني محطتها الكهربائية النووية الأولى قرب حدود الاتحاد الاوروبي

صورة بتاريخ 12 ت1/اكتوبر 2017 لورشة بناء محطة الكهرباء النووية الأولى في بيلاروس خارج بلدة اوستروفيتس على بعد 170 كلم شمال غرب مينسك afp_tickers

بعد 30 عاما على كارثة تشرنوبيل التي ألحقت أضرارا كبرى بمناطق واسعة في بيلاروس، بدأ هذا البلد بناء محطته الاولى للكهرباء النووية بتصميم وتمويل روسي، تحت أنظار جارته ليتوانيا القلقة والعاجزة في آن.

في شمال غرب بيلاروس، على بعد حوالى 15 كلم من الحدود الليتوانية بدأت ورشة بناء محطة اوستروفتس مرحلتها النهائية، ويتوقع ان تشغل كلا من مفاعليها بقوة 1200 ميغاوات بالتوالي في 2019 و2020.

ويمثل المشروع الذي أقرته الحكومة في 2008 وتنفذه مجموعة “روساتوم” الروسية النووية، استثمارا بقيمة 11 مليار دولار، بينها 10 مليارات قرضا من روسيا.

لكن المشروع أعاد ذكريات سيئة في بلد تعرض ربع اراضيه للأشعاعات بعد انفجار مفاعل محطة تشرنوبيل النووية السوفياتية في 1986، في اراضي اوكرانيا حاليا.

وقالت نينا ريبيك، إحدى الاف السكان الذين تم اجلاؤهم من المناطق الملوثة قبل 30 عاما، في حديث مع وكالة فرانس برس “عندما علمنا بان محطة ستبنى تحت نوفذنا شعرنا بالخوف”.

وتابعت الكاتبة والصحافية “لكن الخوف زال، فقد أقنعونا بأن الورشة تستعين بالتكنولوجيات الأكثر تطورا، وكل شيء مراقب”. أضافت “فحتى كل الذين جمعوا التواقيع ضد اعمال البناء ينشطون اليوم للحصول على عمل فيه”.

في مواجهة المخاوف بشأن الأمن النووي التي تضاعفت بعد حادث فوكوشيما باليابان في 2011 تسعى السلطات البيلاروسية والمجموعة الروسية الطمأنة.

ولإثبات حزمها طلبت السلطات البلاروسية من “روساتوم” استبدال حوض تضرر بعد سقوطه، فيما اكدت الشركة ان طلاءه وحده تضرر. وتقدم المجموعة الروسية مفاعلات الجيل الثالث هذه على أنها من “الأكثر تطورا في العالم” وتحترم “المعايير الدولية جميعها”.

وأفادت عالمة الاجتماع البيلاروسية ايلينا مارتيشتشنكوفا التي تجري استطلاعات رأي بهذا الشأن منذ 2005 ان حوالى نصف سكان البلاد يؤيدون اليوم تطوير الطاقة النووية، وترتفع هذه النسبة الى 65% في منطقة اوستروفتس.

امن الطاقة –

في الجهة المقابلة من الحدود الليتوانية المتاخمة لا يبدو التفاؤل نفسه سائدا. وتندد فيلنيوس بمشروع “ينتهك المتطلبات الدولية على مستوى الامن النووي والبيئي، على بعد 20 كلم من حدود الاتحاد الاوروبي و40 كلم فحسب من العاصمة الليتوانية”، في اتهامات ترفضها المجموعة الروسية دوريا.

ردا على سؤال وكالة فرانس برس اتهمت الناطقة باسم الخارجية الليتوانية راسا جاكيلايتييني مينسك بانها “حاولت الاخفاء” او “النفي” او “تقليل العواقب” بعد “ستة حوادث على الأقل”. وافادت وزارة الطاقة ان هذا البلد البلطيقي اتخذ اجراءات لمنع دخول “اي كهرباء” الى السوق الليتوانية (وبالتالي الاوروبية).

وهذا يغلق جزءا من السوق امام المحطة البيلاروسية التي تتمتع بقدرة كبيرة بالنسبة الى البلد الذي يعد اقل من 10 ملايين نسمة ويسعى الى تشغيل معامل ليلا لاستهلاك الطاقة المنتجة.

كما تبرز مشكلة أخرى لم تجد حلا وهي معالجة النفايات المشعة، الامر الذي تؤكد الحكومة الانكباب عليه.

شكل مشروع المحطة وقت الاعلان عنه في 2011 وسيلة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتعزيز موقعه اقتصاديا في مناطق الاتحاد السوفياتي السابق عبر مساعدة الرئيس البيلاروسي الكساندر لوكاشنكو في خضم ازمة اقتصادية خطيرة وعقوبات غربية بسبب قمع معارضين.

لكن بعد رفع العقوبات الاوروبية مؤخرا اثر الافراج عن معارضين وتحسن الاجواء بدأت مينسك تقدم المشروع بصفته وسيلة لتخفيض اعتمادها على الغاز الروسي لتوليد الكهرباء.

واستخدمت موسكو عدة مرات شحناتها النفطية والغازية، ورقة ضغط على بيلاروس او غيرها من الجيران.

وأوضح الخبير النووي في اكاديمية العلوم الكساندر ميخالفيتش اثناء مؤتمر للطاقة في مينسك مؤخرا “انها مسألة حيوية تتعلق بأمن الطاقة وبالاعتماد على بلد واحد، لا سيما عند لجوء هذا البلد إلى تقييد شحناته للموارد”.

واضاف ان المحطة الجديدة التي ستغطي أكثر من ربع حاجات الطاقة في بيلاروس ستجيز لمينسك تخفيض ربع وارداتها من الغاز الروسي وكذلك سعر الكهرباء.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية