مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تحالف واشنطن مع الرياض في مواجهة طهران لا يخلو من مجازفات

الرئيس الاميركي دونالد ترامب والعاهل السعودي سلمان في الرياض في 20 ايار/مايو 2017 afp_tickers

اختارت الولايات المتحدة الجهة التي تدعمها في الازمة الجديدة التي تعصف بالشرق الاوسط، لكن وقوفها الى جانب السعودية في مواجهة ايران لا يخلو من مجازفات.

تعليقا على حملة غير مسبوقة طاولت السبت أمراء ومسؤولين حاليين وسابقين ورجال أعمال في اطار مكافحة الفساد في المملكة، كتب الرئيس دونالد ترامب الاثنين على تويتر “لدي ثقة كاملة بالملك سلمان وولي عهد السعودية، انهما يعلمان تماما ماذا يفعلان”.

واكد ترامب ان “بعضا ممن يعاملانهم بقسوة” ابتلعوا ثروات البلاد منذ اعوام.

وردا على سؤال عن انزلاقات محتملة في حملة الاعتقالات التي اطلقها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان العازم على احكام قبضته على الامور، اكتفت الخارجية الاميركية ب”تشجيع” الرياض على “ملاحقة” المشتبه بهم “في شكل عادل وشفاف”.

والسعودية السنية حليف قديم للولايات المتحدة. زارها ترامب في ايار/مايو في اول جولة خارجية يقوم بها كرئيس ومنها دعا الى “عزل” ايران الشيعية لاحتواء نفوذها المتنامي في الشرق الاوسط.

وهو أيد في مرحلة اولى الحصار الذي فرضه السعوديون على قطر في حزيران/يونيو رغم ان الدبلوماسية الاميركية حاولت القيام بوساطة لاحتواء الازمة بين الدوحة وجيرانها الخليجيين.

والتحالف مع مملكة محافظة تتبع المذهب الوهابي المتزمت كان يبرر دوما ب”الاستقرار” الذي تجسده.

لكن باربرا سلايفن من مجلس الاطلسي للابحاث نبهت الى ان القرارات الاخيرة التي اتخذها ولي العهد الشاب (32 عاما) تهدد على العكس ب”تأجيج عدم الاستقرار السياسي”. واضافت لفرانس برس انه رغم ان برنامجه “رؤية 2030” لتحديث الاقتصاد وتنويعه واضفاء طابع ليبرالي على المجتمع هو “موضع ترحيب”، فان شبح “انتقام فروع استهدفت من العائلة المالكة” يخيم على الرياض.

بدوره، اعتبر الباحث بروس ريدل في مقال نشرته مؤسسة بروكينغز ان الملك المسن ونجله الطموح “كرسا قطيعة مع السياسة التقليدية القائمة على التوافق” و”قد تكون النتيجة مملكة اقل استقرار وسياسات اكثر اندفاعا وأقل توقعا”.

– “زلزال” –

خلال مؤتمر هذا الاسبوع، اختصر لوري بلوتكن من معهد واشنطن الوضع في المملكة بالقول ان “زلزال نهاية الاسبوع لم ينته على الارجح”.

والمشهد الملتبس في السعودية يرافقه توتر في المنطقة. وهنا ايضا تقف واشنطن الى جانب الرياض.

فالخارجية الاميركية نددت ب”هيمنة” حزب الله الشيعي، حليف ايران، على لبنان تعليقا على الاستقالة المفاجئة لرئيس وزرائه سعد الحريري والتي اعتبر بعض المراقبين ان الرياض أملتها عليه.

وحذرت باربرا سلايفن من ان هذه الخطوة تؤشر الى “خطر فعلي لوقوع حرب جديدة في لبنان”.

منذ نهاية الاسبوع، تتصاعد الحرب الكلامية بين ايران والسعودية ويتركز مضمونها على مصير لبنان والنزاع في اليمن الذي تسبب بازمة انسانية خطيرة.

وفي هذا السياق، اتهم ولي العهد السعودي ايران بشن “عدوان مباشر” على بلاده بعد اعتراض السعودية صاروخاً اطلقه المتمردون الحوثيون الذين تدعمهم طهران في اتجاه مطار الرياض. وبدورها، وجهت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي اصابع الاتهام الى ايران.

لكن الرد جاء الاربعاء على لسان الرئيس الايراني حسن روحاني الذي دعا الرياض الى الحذر من “قوة ومكانة” بلاده، مشددا على انه “ليس من وسيلة سوى الاخوة والصداقة ومساعدة أحدنا الاخر”.

ورأت سلايفن ان “تركيز محمد بن سلمان على ايران وحربه المدمرة في اليمن و’انتقامه’ من قطر وهذا التطهير الاستثنائي” في اشارة الى حملة الاعتقالات الاخيرة، هي “خيارات تشوبها مجازفة كبرى يمكن ان ترتد عليه”، مشددة على ان “دعم ترامب غير المشروط يثير قلقا كبيرا”.

اضافة الى القلق المشترك حيال ايران، تختصر الباحثة اسباب هذا الدعم بان ترامب “أعجب كثيرا” بالاستقبال الذي حظي به في الرياض فضلا عن اصغائه الى نصائح صهره ومستشاره جاريد كوشنر الذي نسج علاقة وثيقة مع ولي العهد السعودي و”يأمل بعقود رابحة للشركات الاميركية”. كذلك، يهادن الرئيس الاميركي السعوديين ليختاروا وول ستريت حين يقررون طرح أسهم مجموعة ارامكو العملاقة في البورصة.

ولاحظ بروس ريدل ان “ادارة ترامب ربطت الولايات المتحدة بولي العهد الشاب والمتهور ويبدو انها غير مدركة للاخطار التي تزداد يوما بعد يوم”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية