مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تحليل: الضغوط المتزايدة لن تغير موقف اوباما ازاء الحرب في سوريا

الرئيس الاميركي باراك اوباما يتحدث في واشنطن 14 يونيو 2016 afp_tickers

رغم خروج دبلوماسيين اميركيين نفد صبرهم من سياسة الرئيس الاميركي باراك اوباما ازاء الحرب في سوريا الا ان المحللين يستبعدون اي تغيير جذري في الاشهر الاخيرة المتبقية من ولايته الرئاسية.

واسفر النزاع عن مقتل اكثر من 280 الف شخص ونزوح الملايين كما ان البلاد تعاني من القصف المتواصل بالقنابل العنقودية والبراميل المتفجرة بالاضافة الى استخدام الاسلحة الكيميائية وجرائم القتل والاغتصاب والتعذيب.

وعندما تتمكن المساعدات الانسانية من بلوغ المدن المنكوبة بصعوبة فان نظام الرئيس السوري بشار الاسد يبادر الى “معاقبتها” بقصف سريع. ويقول مسؤول اميركي ان “افعال النظام السوري تتحدى اي تعريف لكرامة الانسان”.

وهناك مؤشرات تنذر بان النظام يسعى للحد من انتاج المواد الغذائية.

ويقول مسؤول اميركي اخر “كلما اعتقدنا اننا بلغنا القاع في سوريا، نشعر بحركة ضعيفة من الاسفل”.

وتؤكد الادارة الاميركية رغم كل ذلك على ان النظام السوري وحليفيه الروسي والايراني وحدهم قادرين على وضع حد للفوضى العارمة.

لكن وبعيدا عن الاعلام، يقر حتى الدبلوماسيين المخضرمين بان عجزهم عن وقف مذابح مستمرة منذ خمس سنوات يثقل على ضمائرهم ويقولون انه وبغض النظر عما سيحصل لاحقا فان النزاع في سوريا ترك وصمة عار على سنواتهم في الخدمة العامة.

وقال 51 دبلوماسيا اميركيا في مذكرة تم تسريبها عمدا “الامر يكفي عند هذا الحد”، وشددوا على ان ادارة اوباما مسؤولة اخلاقيا عن وقف حمام الدم.

وبرايهم ان الرئيس الاميركي عليه ان يشن حملة غارات جوية ضد النظام السوري لحمله على خوض مفاوضات فعلية.

الا ان البيت الابيض سارع الى اعلان انه ليس مستعدا لمثل هذا التغيير الكبير في سياسته.

واعلنت المتحدثة باسم البيت الابيض جنيفر فريدمان ردا على مذكرة الدبلوماسيين “الرئيس قال دائما بوضوح انه لا يرى حلا عسكريا للازمة في سوريا وموقفه لا يزال على حاله”.

وبعد التداعيات الكارثية لحرب العراق، يلتزم البيت الابيض بمبدا ان الولايات المتحدة يجب الا تحل كل الازمات في العالم.

وحاولت ادارة اوباما خصوصا تفادي الخوض في مشاكل الشرق الاوسط وحددت المصالح الاميركية في سوريا بانها جزء من عملية مكافحة الارهاب للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية.

وترك ذلك وزير خارجيتها جون كيري امام مهمة لا يحسد عليها لا بل ربما مستحيلة بالتفاوض لحل الازمة دون نفوذ في المقابل.

والمسؤولون في روسيا وفي سوريا على علم تام بتردد اوباما وباتوا متفوقين ميدانيا ولذلك لا يرون حافزا للتوصل الى اتفاق.

– فراغ اخلاقي وفساد سياسي –

بدا احباط الدبلوماسيين من الالتزام بهذا المبدا منذ سنوات، فقد استقال فريدريك بوف المستشار السابق حول سوريا من ادارة اوباما احتجاجا في العام 2012.

وقال بوف ان سياسة اوباما تعاني من “فراغ اخلاقي وفساد سياسي”، واضاف انها “تترك مدنيين ابرياء تحت رحمة سفاح دون شفقة”.

ويواصل النظام السوري وحليفته روسيا انتهاك هدنة شارك كيري في التوصل اليها الا ان منتقدي سياسة اوباما يقولون ان التمييز بين هدنة غير كاملة وعدم وجود هدنة يزداد صعوبة يوما بعد يوم.

كما ان جهود كيري لاقناع روسيا بارغام الاسد على التنحي باءت بالفشل وموسكو لا تزال اما غير قادرة او غير راغبة في المساعدة.

وسعى الدبلوماسيون بتسريبهم للمذكرة خلال عام انتخابي الى حمل اوباما على اعادة النظر وربما يعثرون على حلفاء خارج واشنطن.

فجهود وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ووزارة الدفاع لمساعدة المعارضة السورية على الصمود تتراجع رغم التقدم في الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

ولم يصدر اي رد فعل من واشنطن على الغارات الجوية التي تشنها روسيا ضد مقاتلي المعارضة المعتدلة في سوريا مما يحملها الى البحث عن حماية مجموعات اكبر واكثر تسلحا من ضمنها تلك التابعة لتنظيم القاعدة.

لكن السؤال هل ستكون ادارة بقيادة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون اكثر ميلا نحو التصدي لنظام الاسد ولنفوذ روسيا واعادة فرض هيبة القوة العسكرية الهائلة التي تتمتع بها الولايات المتحدة؟

هناك مؤشرات بان روسيا تريد الا يكون للرئيس الاميركي المقبل سوى خيار بين نظام الاسد او الجهاديين.

فقد استهدفت روسيا مؤخرا مقاتلين تدعمهم الولايات المتحدة ولا يشاركون في المعارك ضد النظام السوري.

ويقول فيصل العيتاني المحلل السوري لدى مركز “اتلانتك كاونسل” “انها مجموعة قبلية صغيرة قامت الولايات المتحدة بتجهيزها بشكل جيد وكلفتها طرد تنظيم الدولة الاسلامية من شرق سوريا”.

واضاف العيتاني ان هذه المجموعة “هي اقرب ما يكون لتعريف مجموعة بالوكالة”.

وهذا التصعيد الروسي يمكن ان يحمل العديد من المقاتلين الذين تدعمهم الولايات المتحدة على التساؤل مثل دبلوماسييه حول القوة الفعلية للولايات المتحدة.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية