مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تركيا تصعد هجومها على مدينة عفرين في شمال سوريا

طفل لعائلة نازحة وصلت الى مدينة عفرين السورية التي باتت شبه محاصرة من القوات التركية، 14 اذار/مارس 2018 afp_tickers

صعدت القوات التركية الأربعاء قصفها على مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، ما اوقع عشرة قتلى مدنيين على الأقل، لتفاقم بذلك الأوضاع الانسانية المأسوية التي يعيشها السكان.

في الغوطة الشرقية قرب دمشق، تم الأربعاء اجلاء دفعة جديدة من الحالات الطبية مع افراد من عائلاتهم من مدينة دوما، تزامناً مع مقتل 31 مدنياً على الأقل معظمهم جراء غارات سورية وروسية استهدفت جيباً تحت سيطرة “فيلق الرحمن”، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

واستهدفت القوات التركية الأربعاء أحياء في مدينة عفرين بالغارات والقذائف، ما تسبب بمقتل عشرة مدنيين بينهم أربعة أطفال واصابة 34 آخرين بجروح، وفق حصيلة جديدة للمرصد.

وأفاد مراسل فرانس برس في المدينة عن اختباء المدنيين في الأقبية في وقت لم تتمكن فرق الاسعاف من نقل الجرحى الى المستشفيات للعلاج جراء كثافة القصف.

ويعمل مستشفى افرين الرئيسي في المدينة بإمكانيات محدودة جراء انقطاع خدمات المياه والكهرباء منذ أكثر من أسبوع وعدم توفر مادة الديزل لتشغيل المولدات الكهربائية في ظل نقص في الادوية والكادر الطبي.

وأقفلت العديد من المحال التجارية أبوابها مع نقص المواد الغذائية لا سيما الحليب والطعام المخصص للأطفال، في وقت انتظر العشرات من المدنيين أمام فرن رئيسي للحصول على الخبز الذي تم توزيعه مجاناً بإيعاز من الادارة الذاتية الكردية.

وجاء التصعيد على عفرين بعد ساعات من نقل مصدر في الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب اردوغان يأمل “بانجاز التطويق الكامل” لمدينة عفرين “بحلول مساء” الأربعاء، وذلك بعد وقت قصير من تصريح متلفز عبر اردوغان خلاله عن أمله في “سقوط” المدينة مساء الأربعاء.

وتطوق القوات التركية وفصائل سورية موالية منذ الاثنين مدينة عفرين مع تسعين قرية تقع غربها، إثر هجوم بدأته في 20 كانون الثاني/يناير تقول إنه يستهدف الوحدات الكردية الذين تصنفهم أنقرة ب”الارهابيين”.

– “قرار إبادة” –

وبموجب هجومها، تمكنت أنقرة التي تخشى اقامة أكراد سوريا حكماً ذاتياً على حدودها، من السيطرة على كامل الشريط الحدودي وتقدمت في عمق منطقة عفرين حيث باتت تسيطر على أكثر من سبعين في المئة من مساحتها.

وردا على تصريحات اردوغان، قال ريدور خليل مسؤول مكتب العلاقات العامة في قوات سوريا الديموقراطية، التي تعد الوحدات الكردية أبرز مكوناتها لفرانس برس “يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يحلم أحلام اليقظة من خلال قوله ان عفرين ستسقط الليلة”.

ويربط مدينة عفرين منفذ وحيد بمناطق سيطرة قوات النظام في بلدتي نبل والزهراء المواليتين.

وقتل عشرة مقاتلين موالين لدمشق الأربعاء جراء غارات تركية استهدفت حاجزاً لهم على الطريق الوحيد المؤدي من عفرين باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام، وفق المرصد.

وبات هذا الطريق تحت مرمى نيران الجيش التركي وحلفائه، الأمر الذي يدفع المدنيين الى قطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام للفرار من مدينة عفرين مقابل دفع مبالغ باهظة لمهربين، وفق المرصد.

وتشهد مدينة عفرين اكتظاظاً سكانياً جراء حركة النزوح الكبيرة إليها. ويهدد التقدم التركي مصير نحو 350 الف شخص يقيمون في المدينة وفق المرصد في ظل ظروف انسانية مأسوية.

وحذر المستشار الاعلامي لوحدات حماية الشعب في عفرين ريزان حدو في تصريح لفرانس برس أن “مجرد حدوث اشتباكات في هذه البقعة الجغرافية الضيقة.. هو قرار قيام بمجزرة وابادة جماعية بحق المدنيين”.

– قتلى في الغوطة –

في الغوطة الشرقية قرب دمشق، قتل 31 مدنياً على الأقل الأربعاء معظمهم جراء غارات روسية وأخرى سورية استهدفت وفق المرصد مناطق سيطرة “فيلق الرحمن” في جنوب المنطقة المحاصرة أبرزها مدينة حمورية.

وتشن قوات النظام منذ 18 شباط/فبراير حملة جوية عنيفة، ترافقت لاحقاً مع هجوم بري تمكنت بموجبه من السيطرة على أكثر من 60 في المئة من مساحة المنطقة المحاصرة ومن فصلها الى ثلاثة جيوب. وتسبب الهجوم حتى الآن بمقتل أكثر من 1220 مدنياً بينهم 248 طفلاَ، وفق المرصد.

وتتعرض منطقة سيطرة فيلق الرحمن منذ ايام لقصف كثيف بخلاف ما هو الحال في جيب دوما شمالاً الواقع تحت سيطرة سيطرة جيش الاسلام، أبرز فصائل الغوطة.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن “النظام يحاول من خلال التصعيد العسكري ان يمارس ضغوطاً على فيلق الرحمن لدفعه الى القبول بتسوية في المنطقة وافق المدنيون عليها”.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان الأربعاء أن “الوضع استقر بشكل ملحوظ خلال الايام الأخيرة في الغوطة الشرقية وخصوصاً في مدينة دوما في الجزء الشمالي” مشيرة الى أن قافلة مساعدات انسانية ستدخل الى دوما الخميس.

ولليوم الثاني على التوالي، خرجت الأربعاء دفعة ثانية من الحالات الطبية من مدينة دوما، بموجب اتفاق بين جيش الاسلام والجانب الروسي.

وبحسب المرصد، تم اجلاء 220 شخصاً على الأقل بينهم 60 حالة طبية الثلاثاء والاربعاء.

ودعت الامم المتحدة الاثنين الى إجلاء عاجل لاكثر من الف شخص بحاجة الى عناية طبية طارئة ولا يتوفر لهم العلاج في المنطقة المحاصرة.

وشاهدت مراسلة فرانس برس عند معبر الوافدين شمال شرق دوما، وصول 24 شخصاً بينهم أربعة رجال، يبدو أحدهم مريضا في مرحلة متقدمة وكان على كرسي نقال.

وفي دوما، تجمع عشرات الاشخاص الذين انتظروا ان يتم اجلاؤهم عند مركز للهلال الاحمر مدينة دوما في وقت مبكر الاربعاء، حسبما أفاد مراسل لفرانس برس.

وقال طبيب في دوما لفرانس برس “بعض هذه الحالات لم نستطع علاجها في الغوطة منذ أكثر من عام”.

بين هؤلاء عمران (18 عاما) الذي اصيب بجروح بالغة في قصف على الغوطة قبل عامين، ما تسبب ببتر ساقه وذراعه اليمنى وخسارة عينه اليسرى.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية